مصرع جنود حفظ السلام في دارفور .. (جيتك يا عبد المعين تعين)!!
فقدت قوة حفظ السلام في دارفور (اليوناميد) سبعة من عناصرها، قتلوا علي أيدي مجهولين في كمين أعد لهم، وأصيب فيه (17)، أول أمس (السبت)، في واحدة من أسوأ الخسائر البشرية التي تسجل منذ بدء هذه العملية قبل خمس سنوات. وبذلك تكون (يوناميد) – وهي قوات مشتركة مابين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي – قد فقدت أكثر من (40) عنصراً في أعمال عدائية منذ بدء المهمة في العام (2007).
{ حقائق وأرقام
وتقول مصادر في الأمم المتحدة إنه لم تتم محاسبة أحد على قتل عناصر حفظ السلام، رغم دعوات المنظمة الدولية المتكررة لإحالة المسؤولين عن ذلك إلى العدالة.
وكان المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية قد قال إن “بان كي مون” يدين هذا الهجوم البشع ضد قوات حفظ السلام في دارفور، الثالث خلال ثلاثة أسابيع، ويتوقع تحرك الحكومة السودانية بسرعة لإحالة المسؤولين عن الهجوم إلى العدالة.
وأضاف المتحدث “مارتن نيسيركي”: إن الأمين العام يشعر بالسخط بعد علمه بالهجوم الدامي ضد القبعات الزرق في دارفور، الذي يعد أسوأ خسارة تلحق بالبعثة طوال خمس سنوات من عملها في السودان.
والمعروف أن وجود بعثة قوات حفظ السلام الدولية في إقليم دارفور تمت حينما قام الاتحاد الأفريقي – بمشاركة الأمم المتحدة – بتأسيس قوة عملية سلام في دارفور، يشار إليها بـ (اليوناميد)، وذلك في 31 يوليو العام ( 2007)، تبنياً لقرار مجلس الأمن رقم (1769) في (31) يوليو (2007). وحتى (31 ) مايو (2013) بلغ مجموع القوات النظامية لليوناميد (19.148)، بينهم (14.085) جندياً، وتضم (343) مراقباً، وتبلغ قوات الشرطة (4.721) بما في ذلك التشكيلات، وتضم (1073) من الموظفين المدنيين الدوليين، بالإضافة إلى (2.924) من الموظفين الدوليين المحليين، وتضم (448) من متطوعي الأمم المتحدة. وساهمت بأفراد عسكريين في القوة دول: الأردن، ألمانيا، إندونيسيا، إيران، باكستان، بالاو، بنغلاديش، بوركينا فاسو، بوروندي، جمهورية بوليفيا، تايلند، توغو، جمهورية تنزانيا المتحدة، بيرو، جمهورية كوريا، منغوليا، ناميبيا، نيبال، نيجيريا، اليمن، وطاجيكستان. بينما ساهمت بأفراد من الشرطة دول: الأردن، ألمانيا، إندونيسيا، إثيوبيا، أوغندا، باكستان، بنين، بنغلاديش، بوركينا فاسو، بوروندي، بالاو، تركيا، تونس، توغو، جامايكا، جمهورية تنزانيا المتحدة، جنوب أفريقيا، جيبوتي، رواندا، زامبيا، زمبابوي، السنغال، السويد، سيراليون، غامبيا، غانا، فنلندا، قيرغيزستان، الكاميرون، كوت ديفوار، ماليزيا، مدغشقر، مصر، ملاوي، نيبال، النيجر، نيجيريا واليمن.
وبلغت الميزانية المعتمدة لليوناميد في الفترة من الأول من يوليو (2012) وحتي الثلاثين يونيو للعام (2013 ) قرابة المليون ونصف المليون دولار.
{ البحث عن الأمن
وكان مجلس الأمن قد شدد، في آخر قرار له، يحمل الرقم (2003)، بتاريخ 29 يوليو 2011، على ضرورة أن تستخدم العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور قدراتها استخداما كاملاً، وتعطي الأولوية لمسألة حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب وبدون عوائق؛ وأن تكمّل الجهود الرامية إلى تعزيز السلام والدفع قُدُما بالعملية السياسية التي تم التفاوض عليها في الدوحة. وطالب كلّ أطراف النزاع، بمن فيها جميع الحركات المسلحة، بأن توقف على الفور أعمال العنف وتبذل ما في وسعها من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإلى تسوية شاملة للنزاع استنادا إلى وثيقة الدوحة لإحلال السلام في دارفور.
وقرر مجلس الأمن، بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبموجب قراره (1769) في 31 يوليو 2007، أن يأذن لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور بأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة في مناطق انتشار قواتها، حسبما تراه في حدود قدراتها، من أجل: حماية أفرادها ومرافقها ومنشآﺗﻬا ومعداتها، وكفالة أمن وحرية تنقل أفرادها والعاملين في المجال الإنساني التابعين لها،
دعم تنفيذ اتفاق سلام دارفور في وقت مبكر وعلى نحو فعال، ومنع تعطيل تنفيذه ومنع شن الهجمات المسلحة، وحماية المدنيين دون مساس بمسؤولية حكومة السودان؛
وقرر المجلس أيضاً أن ولاية العملية المختلطة تُحدد على النحو المبين في الفقرتين 54 و55 من تقرير الأمين العام ورئيس لجنة الاتحاد الأفريقي من 5 يونيو 2007 ، وهي على النحو التالي :
المساهمة في عودة الأوضاع الأمنية اللازمة لتقديم المساعدات الإنسانية بشكل آمن وتيسير توفيرها لجميع المحتاجين إليها في دارفور؛
المساهمة في حماية السكان المدنيين المهددين بالتعرض لعنف جسدي وشيك والحيلولة دون حصول اعتداءات على المدنيين، في حدود قدراتها ومناطق انتشارها، دون المساس بمسؤولية حكومة السودان.. ورصد تطبيق مختلف اتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة منذ عام 2004 ومراقبة مدى التقيد بها والتحقق من تنفيذها، فضلا عن المساعدة في تطبيق اتفاق سلام دارفور وأيّ اتفاقات لاحقة؛ والمساعدة في سياق العملية السياسية لكفالة مشاركة جميع الأطراف فيها، وتوفير الدعم للوساطة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في جهودهما المبذولة لتوسيع نطاق الالتزام بعملية إحلال السلام وتعميقه؛ والمساهمة في خلق بيئة من الأمن مؤاتية لإعادة بناء الاقتصاد وتنميته وفي عودة المشردين داخليا واللاجئين إلى ديارهم بشكل دائم؛ والمساهمة في تعميم ظاهرة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في دارفور وحمايته؛ والمساعدة في سيادة القانون في دارفور، وذلك بعدة وسائل من بينها تقديم الدعم لإقامة جهاز قضائي مستقل وتمتينه إضافة إلى دعم نظام السجون وتعزيزه، والمساعدة في إنشاء الإطار القانوني وترسيخه، بالتشاور مع السلطات السودانية المعنية؛
ورصد الحالة الأمنية على حدود السودان مع تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وتقديم تقارير عنها.
{ بوادر الفشل
وتأخذ اليوناميد على عاتقها كما تقول هي (حماية المدنيين كمهمة أساسية لولايتها)، كما أنها أيضا تقوم بمهام تحقيق الأمن للمساعدات الإنسانية وتأكيد ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات والمساعدة في العملية السياسية الشاملة هناك، بالإضافة إلى المساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتقوم بالرصد والإبلاغ عن الحالة على الحدود مع تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى. وشكلت (يوناميد) بغرض حماية المدنيين في دارفور وضمان أمن العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، والتحقق من تطبيق الاتفاقيات، ودعم جهود المصالحة السياسية والعمل على مراعاة حقوق الإنسان، إلا أنها عمليا باتت في محك حقيقي بسبب تتالي الهجمات عليها، وانكشاف ظهرها كقوة حامية وساعية لتحقيق السلام، وبات وجودها نفسه عديم الجدوي بحسب مراقبين، وتأتي حوادث قتل جنود “يوناميد” في أحداث باتت متكررة كدليل على ضعف جدواها، كما يرى كثيرون، وقد وصف البعض حالها كما في المثل المعروف: (جيتك يا عبد المعين تعين)….!!
ويري العميد من متقاعد “حسن بيومي” أن هدف بعثة اليوناميد الأساسي هو (اليورانيوم)! ويقول إن هذه البعثة لاتخدم حفظ السلام لأن لا تجربة لديها، وهي قادمة كشتات قوات من دول متباينة الذهنية العسكرية ومختلفة في تدريبها، ولا يوجد تجانس حقيقي بينها، كما أن المتمردين أصحاب الأرض يعرفون جغرافيا المنطقة وبالتالي يعمل ذلك في غير صالح القوات.
من جهته يقول الخبير العسكري اللواء د. “محمد عباس الأمين” إن هذه المسألة تعتبر واحدة من المشاكل التي تتعلق بإختيار القوات العاملة في السودان، وبخاصة في ما يتعلق بالكفاءة العسكرية، واختيار القيادات العاملة، والمعدات العسكرية المصاحبة. ويضيف اللواء “الأمين”: الملاحظ أن تدريب قوات “يوناميد” ليس عالياً، كما أنها ليست محترفة بالصورة المطلوبة، وبالتالي فهي تعتبر صيداً سهلاً لحركات التمرد. والمشكلة الأساسية أنه في كثير من الأحيان أن جنودها يقومون ببيع المعدات العسكرية للمتمردين أنفسهم، وبالتالي قوات “يوناميد” افتقدت وافتقرت للهيبة العسكرية وصارت عرضة لهجمات المتمردين، كما أنها أصبحت تعمل في مناطق محدودة للغاية.
وتبرز مشكلة أخرى يتحدث عنها الخبير العسكريظت ممثلة في أن هذه القوات أضحت لا تجيد استخدام المعدات العسكرية الحديثة فتضطر لإحضار خبراء من بلدان مختلفة، وبالنتيجة فإن كفاءتها ضعيفة.