"أزهري" مداناً..!!
{ تصدر (أوامر) وقف النشر في القضايا التي تنظرها المحاكم من ثلاث جهات.. إما مجلس الصحافة الذي يصدر تعميماً للصحف بوقف النشر في القضية (…) نظراً لتأثير النشر على التحريات أو المحاكمة إلى حين صدور الحكم النهائي.. أو أن يصدر وقف النشر من النيابة التي تتحرى في قضية ما حتى اكتمال التحريات، نظراً لتأثير النشر على إجراءات التحري.. والجهة الثالثة هي المحكمة، والأخيرة تطالب فقط بعرض الوقائع دون تعليق!
{ وعدد القضايا التي حظر تناولها إعلامياً لا يحصى ولا يعد، وأغلبها مات بعد حظر النشر (إكلينيكياً) وذهب إلى غرفة حفظ الأوراق.. وفي بعض الأحيان يصبح المتهم بطلاً تقام له الاحتفالات والتهانئ مدفوعة الثمن، بينما قلة قليلة يطويها النسيان وينتهي (دورها) في الحياة السياسية بمحاكمتها إعلامياً قبل محاكمتها قضائياً، وتقف حالة الأستاذ “علي النحيلة” كدليل إثبات على أن هناك ضحايا غير مذنبين يتم تقديمهم (كبش فداء)! وكم من قضية اعتداء على المال العام.. انتهت للا شيء.. وفي هذه الأيام تنشر الصحف بالعناوين الحمراء الفاقع لونها خبراً عن محاكمة وزير الإرشاد السابق د.”أزهري التجاني” في محكمة الخرطوم شمال متهماً بتبديد المال العام لتعيينه موظفاً في الوزارة مقيماً بالمملكة العربية السعودية براتب شهري يبلغ (20) ألف ريال سعودي.. والطريقة التي تحتفي بها بعض الصحف بالخبر، خاصة الصحف التي لها (حسابات) خاصة مع بعض أطراف البلاد ومكوناتها، تثير الدهشة والريبة والشكوك في دواعي المحاكمة وما وراءها!
{ وزراء الحكومة وقادتها ورموزها تشملهم غالباً (أوامر) وقف النشر في قضاياهم أمام المحاكم حتى يقول القضاء كلمته، إلا بعض الاستثناءات كحال قضية “أزهري التجاني”.. فالسيد مدير شركة الأقطان حينما اتهم في ذمته المالية وتم توقيفه لأغراض التحري، نال حظه من وقف النشر في القضية حتى لا تصدر الصحافة حكماً ضده قبل إدانته في المحكمة، ومبدئياً وقف النشر في هذه الحالة عادل وموضوعي.
{ واليوم يُقدم د.”أزهري التجاني” كبش فداء مثل ابن مدينة الأبيض “علي النحيلة”.. فإذا ثبتت براءة “أزهري” قضائياً بعد انتهاء المحاكمة، فإن الرأي العام قد لوثته الأخبار المبثوثة عن فساد الرجل وإلا لما تم تقديمه للمحاكمة!!
{ أن تغسل الحكومة والدولة يدها عن الفساد وتقبل بجدية للتقليل منه وتطهير ثيابها من المفسدين، فإن ذلك يعيد للإنقاذ بريقها، وما سقطت حكومة في المنطقة إلا وكان الفساد سبباً جوهرياً في ذلك، يضاف إليه الطغيان والاستبداد، ولكن لا ينبغي أن تبعض الحالات ويُحمى متهمون بالقانون واللائحة و(الأوامر) الطارئة، ويستباح لحم آخرين، مثلما نشهد هذه الأيام من تكالب على نشر أخبار محاكمة د. “أزهري التجاني” من صحف يعلم القاصي والداني من هو أبوها وفوها وذو مالها، لتصدر إدانة مسبقة على رجل من حقه علينا أن لا نصدر حكماً مسبقاً ضده قبل أن يقول القضاء كلمته!!