أخبار

أحداث نيالا (2)

{ الفوضى في نيالا بدأت في عهد الوالي السابق حينما خطفت مجموعة من (المحسوبين) على القوات النظامية – وهم في أصلهم مليشيات قبلية تم استيعابها بغفلة أو بحسن نية أو أمل في تحسين سلوكهم مستقبلاً – خطفوا من أمام القاضي عصابة نهب مسلح اعتدت على نافذة لبنك الخرطوم.. وأطلقت إحدى النسوة زغرودة لفوضى نيالا و(النهابون) تحملهم سيارات الدفع الرباعي إلى جوف المدينة وأطرافها.. وحتى اللحظة فشلت كل محاولات إلقاء القبض على العصابة!!
{ وفي كل يوم توقع الحكومة المركزية التزاماً سياسياً مع فصيل مسلح من (القبليين) أو العنصريين، عرباً كانوا أو فوراً أو مساليت أو برقد أو بني هلبة أو زغاوة.. المهم أن الالتزام السياسي ينص على استيعاب منسوبي الحركة الموقعة على الاتفاق في القوات النظامية دون فحص لسيرة الشخص (المستوعب).. ربما كان (رباطي) أو محترف نهب أو طالباً حسن السيرة والسلوك أو مزارعاً أو راعي غنم يحتسي (المريسة) أو يحفظ القرآن.
{ يأتي الاستيعاب التزاماً بنصوص الاتفاقية، ولا يخضع المستوعبون في الغالب لتدريب بدني وتهذيب سلوكي وانسجام حقيقي في منظومة القوات النظامية بتقاليدها المعروفة وانضباطها في حفظ التراتيب العسكرية في تنزيل التوجيهات و(الأوامر). ويجد قائد المليشيات الذي كان ينهب ممتلكات الأهالي في الطرق ويقتل ويغتصب، يجد نفسه وقد أصبح بين عشية وضحاها (حامياً) لممتلكات الأهالي وأعراضهم.. أو يفترض ذلك من واقع مهامه الجديدة.. فهل نتوقع من كل (المستوعبين) من المليشيات القبلية سلوكاً قويماً والتزاماً بتقاليد وأعراف المؤسسات التي أصبحوا أعضاءً فيها؟
{ القوات النظامية لا تعرف جغرافية بعينها كـ (حاكورة) خاصة بها.. يصبح الضابط أو الجندي في بورتسودان وتصدر إليه التعليمات ليتوجه لزالنجي غداً، ولا يمكث هناك إلا بضعة أيام فتصدر توجيهات أخرى لتسليم نفسه لحامية الدمازين.. لأن ملتزم بقسم الطاعة لقائده الأعلى لتنفيذ الأوامر التي تصدر إليه حتى لو أدى ذلك لدفع روحه ثمناً لانضباطه والتزامه! فهل المستوعبون من المليشيات الدارفورية أو غير الدارفورية خاضعون فعلياً للانضباط السلوكي الصارم؟ ولماذا لا يذهب هؤلاء بعيداً عن مناطق قبائلهم بعد أن أصبحوا قوات نظامية؟ وكيف يبقى المستوعبون داخل نيالا والفاشر يثيرون الرعب والإساءة لشرف القوات النظامية؟
{ نعم للسلام ونعم لاستيعاب المسلمين في القوات النظامية لفترة لا تقل عن عامين حتى يتشربوا بروح القومية وتقاليد المؤسسات العسكرية القومية! إن الأوضاع في نيالا يمكن أن تنزلق للفوضى في أي لحظة نظراً لتراكم الأخطاء السياسية وتداخل الاختصاصات و(التوازنات) التي أضرت بدارفور وأمنها.. وإعلان الوالي ولجنة من جنوب دارفور حظر ارتداء (الكدمول) التشادي وحظر إطلاق النار عشوائياً وحظر حمل السلاح، إلا للقوات النظامية، هي خطوات ضرورية لاستتباب الأمن داخل مدينة نيالا. أما الأوضاع في أنحاء خارج خارج المدينة.. فهي خارج سيطرة الدولة منذ فترة ليست بالقصيرة، والشاهد على ما نقول أحداث العنف والصراع في مناطق “كتيلا”، حيث حصدت الأسلحة مئات الأرواح، وفشلت الدولة في فرض هيبتها ولجأت للوساطات واستجداء القبائل لتكف عن قتل بعضها البعض.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية