الديوان

الشاعر "أزهري محمد علي" مدير قناة (قوون) في حوار خاص جداً (2-2)

{ مواصلة للحديث في الشأن الرياضي.. هل تعتقد بأن اتجاه الجمهور السوداني وعشاق المستديرة لمتابعة وتشجيع الكرة العالمية سببه تدهور الكرة السودانية؟
–    تعلق السودانيين بالكرة الأوروبية والأسيوية وغيرها إذا انتبهنا جيداً يمكننا تحويله لشيء ايجابي وعلى الأقل يمكننا من خلال المتابعة والتأثر بالمستويات العالمية، ولكن للأسف نحن نعاني من تخلف في ممارستنا لأنشطتنا الرياضية ليس في (المريخ) ولا (الهلال)، بل في كل أنحاء السودان نجد فريق كرة القدم داخل المدينة يمارس نشاطه الرياضي في وقت متأخر جداً.
{ وهل يمكن القول إن الكرة العالمية سرقت الجمهور؟
–    بكل أسف هذه هي الحقيقة، فالدوري الانجليزي والأوروبي سرق الجمهور وسرقوا حتى العقول، وهذا ما نلاحظه الآن في الأحياء والحواري وحتى في القرى النائية، وخلال تقسيمة المباريات التقليدية تجد أحد الفريقين لابس شعار (ريال مدريد) والآخر بشعار (برشلونة)، وهذا خصم على انتمائنا وثقافتنا الكروية.. في زمنا كانت التقسيمة (هلال – مريخ).

{ كمراقب كيف تنظر للإعلام الرياضي؟
–    الإعلام الرياضي خارج المنظومة ظل وما زال يتعامل مع عواطف الناس وليس مع عقولهم، وظل يركز على إثارة الأحداث أكثر من تناولها بموضوعية، وشخصياً متأكد أن غالبية الإعلاميين في الوسط الرياضي يجتهدون فقط من أجل البحث عن عيوب خصومهم وتصيد أخطائهم.
{ من سلبيات الإعلام الرياضي مثلاً نجد انتقال النجم “هيثم مصطفى” من (الهلال) إلى (المريخ) مسألة عادية، ولكن وجد التضخيم من قبل الإعلام، والدليل على ذلك الجمهور الآن نسي الحكاية بل تجاوزها؟
–    مهما يمضي من وقت على قصة “هيثم”، بالنسبة لنا تظل مرارة لا يمكن تجاوزها لأنها جزء من تاريخ عظيم للاعب خارق قدم عملاً عظيماً، وبانتقاله لا يمكن نسيانه بسهولة ولا التداعيات وطريقة المخرجات، وسنظل نتحسر على “هيثم” بقدر ما قدم رغم أنه لا يمكنه تقديم أكثر مما قدم، والحقيقة المرة أننا ما زلنا نبكي على ماضي لاعب عظيم، وبالمناسبة أنا بقيت شايفو مسيخ بشعار (المريخ).
{ ذكرت أن “هيثم” لم يعد قادراً على العطاء وهو يرى عكس ذلك؟
–    مؤكد بحكم السن أي لاعب يتجاوز الـ(32) سنة لا ينتظر منه عطاء ولا حتى “هيثم سيدا”، وهو في المواسم الأخيرة لم يقدم شيئاً للهلال بحكم عامل السن.
{ هذا الحديث يأخذنا إلى ثقافة مفهوم الاعتزال عند اللاعب السوداني؟
–    أحمد حسن (ميدو) لاعب مصري عندما بلغ سن الـ(30) سنة أعلن اعتزاله، ولكن هنا في السودان اللاعب يدخل نفسه في حرج ويدخل الإدارة في حرج، ويفترض أي لاعب يتصالح مع نفسه يحدد مرحلة الاعتزال، وفي النهاية اللاعب مهما عمَّر في الملاعب مصيره الاعتزال. 
{ أخيراً نأتي لـ”أزهري محمد علي” الشاعر والأديب..
هل ما زلت تذكر أول نص شعري كتبته؟
–    البداية وهي مرحلة اللاوعي في رحلة البحث لخلق مشروع ثقافي، ربما تكون مرحلة استماعك والتقاطك للأشياء وتواصلك مع الناس هو التاريخ الحقيقي للبدايات. 
{ وكيف كان تجاوب الناس وهم يسمعونك لأول مرة؟
–    يمكن في الأول يرفضوك، والمبدع السوداني في كل مكان يجد نفسه في مواجهة سلطات عديدة ابتداءً من البيت، عادي جداً تفاجأ بأخيك يعلق على محاولاتك الشعرية مثلاً بقوله: (عاين ده فاكيها فينا عامل لينا شاعر)، لكن بعد شوية ناس البيت يقتنعوا بأنك زول كويس وصاحب تجربة بمجرد قبولك من الناس يعرفوا أنك عندك حاجة.
{ كأنك تريد أن تقول إنكم كجيل واجهتكم صعوبات في سعيكم لإيصال رسالتكم؟
–    دائماً ما أقول إن الشعراء الشباب وجدوا كل ما هو سهل لإيصال أفكارهم الشعرية، وتوفرت لهم ظروف لم تتوفر لشعراء عظام سبقوهم، زمان كنت بسافر (بلوري قلاب) عشان أجي أحضر ندوة شعرية وأرجع بالليل، مرات تقيف في التفتيش ومرات كثيرة ما بتشارك فيها وبتكون مجرد مستمع، ولكن اليوم الشعراء في شركات الاتصال موجودون في الرسائل موجودون في التلفونات موجودون وفي مواقع التواصل، وكمان يطلقون عليهم لفظ (أستاذ) نحنا زمان لقب (أستاذ) ما بقولوا ليك بأخوي وأخوك.
{ كيف تنظر للواقع الشعري وهل يمكن الفكاك من هذه الركاكة التي توجه فيها أصابع الاتهام لكم وأنكم سبب رئيسي في انتشارها لابتعادكم عن النص المغنى؟
–    هذا اتهام ظالم لأن كل مجتمع وفي أي وقت من الأوقات له ثقافة معينة، هناك الثقافة التقليدية المحافظة على وضعها وعلى المضامين التي تحملها وكمان في ثقافة منحرفة وفي ثقافة متجاوزة مثل تجربة الإمبراطور “محمد وردي” والعملاق “مصطفى سيد أحمد” و(عقد الجلاد) والكثير من الأصوات الغريبة في زماننا، وهناك المنحدرة واسعة الانتشار أكثر من الثقافات الثانية لأنها أتت من أجل الربح (السوق)، لكني أراهن على أن الأغنيات (المنحدرة) لا تتجاوز العشرين أو الثلاثين أغنية، تظهر فجأة وتختفي بسرعة الصاروخ لأنها لا تحمل عناصر بقائها، صحيح أن هناك شعراء مجيدين لكتابة الشعر المغنى.
{ وهل  تزعجك نوعية الأغاني (المنحدرة) هذه؟
–    أبداً لا تزعجني بل انتظر وأشوف إلى أي مدى ممكن تصمد والأغاني دي قاعدة في بيوت الأعراس تتساقط كما تتساقط الأطباق والقارورات الفارغة وتتجمع مع النفايات بكل أسف، الآن وين أغنية (قنبلة) وين (راجل المرأة حلو حلا)، و(بلة ود عشة) وغيرها من الهابطات. 
{ يظل “حميد” ذكرى عطرة يفوح عبيرها ويطيب الحديث عنها.. فماذا أنت قائل عنه؟
–    “حميد” لا أتكلم عنه كشاعر سأتكلم عنه كمشروع لإحداث التغيير الأساسي لحركة الناس عبر القصيدة، قصيدة “حميد” ما قصيدة بتسمعها ولا هي نوع من التذوق الذهني ولا نافلة من نوافل القول، “حميد” بعرف كيف العمق ويعرف كيف يضع يده في مواضع الداء الاجتماعي الحاصل على المستوى السياسي والاجتماعي وعلى مستوى السلوك اليومي وعلى مستوى كل التفاصيل والآلام البنحسها، ويظل مشروع “حميد” بكل ما أحدثه من انفجارات عظيمة في حركة الثقافة السودانية، مشروع إنسان، يظل واحداً من أعظم المشروعات الثقافية في تاريخ الثقافة السودانية. نحن ما زلنا في داخل الصدمة لكن مع ذلك ما زالت حواء السودانية قادرة على الإنجاب زي ما أنجبت “حميد” و”مصطفى” وغيرهما قادرة على أن تنجب أصوات جميلة، أنا بذكر مقولة قلتها لجسمان “مصطفى” على قبره وثاني يوم لوفاته تحديداً 19/1 قلت: (ما دفناك ولكن بذرناك حتى تنجب الأرض التي أنجبت مصطفى ألف ألف “مصطفى”)، والآن أقول نفس الكلام لـ”حميد”: (ما دفناك ولكن بذرناك حتى تنجب الأرض التي أنجبت “محمد الحسن سالم حميد” ألف ألف “محمد الحسن سالم حميد”)، ورحم الأرض لا ينقطع رغم الفراغات كبيرة.
{ ما هي حقيقة انتمائك للحزب الشيوعي؟
–    لم أكن في يوم من الأيام شيوعياً ولا أنتمي لأي حزب انتمائي فقط لهذا الوطن، ودائماً أعبر عن آرائي في  القضايا الوطنية بكل صراحة ووضوح ولو (ختوا سيف على رقبتي).
{ “مصطفى سيد أحمد” عندما غنى (وضاحة) كانت نقلة هائلة لـ(أزهري محمد علي)؟
–    صحيح.. وأنا ممتن له ولها، وبكون سعيد لما ألقاها (وضاحة) أتحولت لاسم بنت ومكتبات وخلفيات ركشات وعربات وكافيتريات واستوديوهات، بتخلق جواي شيء من الرضي وهي كانت محظوظة لأنها جاءت محمولة إبداعياً على صوت “مصطفى”.
{ وفي مَنْ كتب هذا النص؟
– يعني بالتحديد عشان أرخ ليها وأتكلم عن تفاصيلها صعب، لأنها تحولت عندي من قصيدة حالة كتبتها في حالة لا شعورية، وفي نفس الوقت أصبحت عندها مكانة كبيرة عندي، ودائماً ما يطرح الناس عليّ هذا السؤال (من هي وضاحة؟) وبصراحة الإجابة ما في شخصية بدمها ولحمها بل هي (حالة) ومرات كثيرة أظل أبحث عن أصل المفردة ذاتها وتجدني أردد بيني وبين نفسي هل كان في حاجة اسمها (وضاحة)؟.
{ وضح أكثر؟
–    الشعر في الغالب كائن ليست له علاقة بالمكان ولا بالزمان ولا بالجمال، ولكن في أية لحظه قد يداهمك شيطان الشعر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية