شهادتي لله

ديمقراطيّة (الدبابات)!!

{ قال مصدر عسكري في الجيش المصري لوكالة “رويترز” أمس (الثلاثاء) إن خارطة الطريق الجديدة التي أشار إليها بيان الجيش، لحل الأزمة السياسية في مصر، تتضمن حل مجلس الشورى، وتعليق العمل بالدستوري الحالي، وصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية.
{ وبالتأكيد فإن ما ذهب إليه المصدر (العسكري) يعني قيام (انقلاب عسكري) جديد في مصر بعد (عام واحد) من انتخاب رئيس الجمهورية!!
{ ليس بالضرورة أن يعلن الفريق “السيسي”، القائد العام ووزير الدفاع، نفسه رئيساً لمجلس عسكري (انتقالي) يدير الحكم في “مصر”، ليصبح الأمر (انقلاباً)، فإزاحة الرئيس (المنتخب) عن كرسيه، وطرده من (قصر الاتحادية) والإعلان عن الإجراءات آنفة الذكر، حتى ولو عبر مجلس رئاسي (مدني)، هي شروط وملامح وصفات (الانقلاب).
{ ليس للجيش المصري أي (حق) قانوني أو دستوري يكفل له إعفاء رئيس الجمهورية، وتعليق (دستور) قال الشعب فيه كلمته عبر استفتاء شعبي واسع مراقب ومشهود!!
{ ما قيمة الانتخابات والاستفتاء الشعبية إذن، إذا كانت الدول تحكمها المسيرات والحشود، وتحسم خلافاتها (السياسية) الجيوش تحت وصاية (الجنرالات)؟!
{ إذا ذهب الرئيس (المنتخب) “محمد مرسي” اليوم (الأربعاء)، مُقالاً إلى بيته، فإن بضعة مئات من الآلاف احتشدوا في (ميدان التحرير)، من مجموع (تسعين مليون نسمة) هم جملة سكان “مصر”، لم يتخذوا هذا القرار، لأنهم لا يملكون أغلبية ميكانيكية ديمقراطية، ولا سلطة (عسكرية) ليقيلوه.
{ الذي يملك سلطة فرض (الإقالة) بالدبابات والجنود، هو (الجيش)، وليس (ميدان التحرير)!
{ لقد تابعتُ مشهد (الميدان) منتصف ليل (الثلاثين من يونيو) عبر عدة فضائيات مصرية، وعندما اقتربت الساعة من الثانية صباحاً، بدأت الجموع تتفرق، فالكثير من المحتشدين والمحشودين لا يستشعرون (غبناً) تجاه الرئيس “مرسي”، بذات القدر والمقدار الذي كان معتملاً في نفوسهم ضد الرئيس السابق “مبارك”.
{ عامة الناس في مصر (محبطة) ومستاءة من تدهور الخدمات وارتفاع الأسعار، وهذه من آثار انشغال الدولة – كل الدولة – بالثورة وتداعياتها، لمدة عامين، أكثر منها فشلاً محدداً يتحمل وزره “مرسي” وحكومته.
{ القيمة الأهم التي يتمتع بها الشعب المصري – الآن – هي الديمقراطية والممارسة (الواسعة جداً) للحريات العامة في الصحافة والإعلام الفضائي.. الإذاعات.. الفضائيات.. الندوات.. المنتديات.. التظاهرات.. والاحتشادات .. الخ..
{ هذه القيمة الأهم لم يسع الرئيس (المنتخب) لانتقاصها والنيل منها يوماً واحداً.
{ في قنوات (C.B.C) الأولى والثانية، و(الحياة) الأولى والثانية، و(دريم) الأولى والثانية، و(النهار) الأولى والثانية، وفضائيات أخرى لا حد لها ولا حصر، يتم (شتم) الرئيس “مرسي” على مدار الساعة بأقذع وأقسى الأوصاف، ويسخر منه كل يوم (أراجوزات) و(بهلوانات) و(كوميديانات) يعتمدون على الزعيق و(النطيط) في إضحاك الناس على رئيسهم المنتخب “محمد مرسي”!!
{ الحق يقال، ونشهد به، ونحن مراقبون غرباء، لا علاقة لنا بتفاصيل و(ارتباطات) و(ولاءات) المشهد السياسي المصري، أن الرئيس “مرسي” كان ديمقراطياً.. جداً.. جداً.. جداً في تعامله مع خصومه (الليبراليين) والقوميين العرب الذين يحتمون الآن بالدبابات والبزة العسكرية لحسم معركتهم مع (الإخوان)، بعد أن فشلوا وخسروا (صناديق الاقتراع) ثلاث مرات..!! مرة في الانتخابات (البرلمانية)، فتكالب تجمع القضاة (المسيسين) معهم، فقررت المحكمة الدستورية حل (مجلس الشعب)!! وبلعها (الإخوان) وصبروا عليها!! ومرة ثانية عندما خسروا الانتخابات الرئاسية في (جولتين).. جولة “حمدين صباحي” و”عمرو موسى” و”أبو الفتوح”.. وجولة الفريق “شفيق” الثانية.. عندما اتحد (الليبراليون الثوار) مع (الفلول) – بقايا نظام مبارك – دعماً للفريق “شفيق” في أغرب وأعجب مشهد!!
{ والخسارة الثالثة كانت في معركة (الاستفتاء) على الدستور الذي قال فيه الشعب (نعم للدستور بمواده الخلافية)!!
{ الآن.. الفريق “السيسي” – ومن عجب أن رئيس تحرير صحيفة سياسية (سودانية) واسعة الانتشار، وصف “السيسي” في أحد المجالس بأنه عضو في (مكتب الإرشاد)، أعلى هيئات الإخوان المسلمين في “مصر”!! وكنت أقول لهم: (لا .. “السيسي” مقبول لدى أمريكا.. وهو آخر مدير للاستخبارات العسكرية في حكم الرئيس “مبارك”، فكيف يكون عضواً بمكتب الإرشاد ؟!! – الآن الفريق “السيسي” يعمل مع (الميدان) على الإطاحة بالنظام الديمقراطي بحجة إقامة انتخابات (مبكرة)!!
 {وهل سيقبل (الإخوان) بالرئيس الذي ستأتي به الانتخابات (المبكرة)؟! كيف يكسبون – ديمقراطياً – (ثلاث مرات) خلال عام واحد، فتقولون لهم: (تعالوا إلى “رابعة” وإذا فزتم هذه المرة فسنتركها لكم إلى الأبد)!!
{ التآمر على الممارسة الديمقراطية وعدم احترام (قواعد) اللعبة، يفضح ويعري هذه القوى المسماة (ليبرالية) و(تقدمية).. في “مصر”.. وفي “السودان” كذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية