خطاب "الصادق المهدي" أمام الأنصار.. ترحيب حذر من المعارضة
(الفرقان الوطني) عنوان حرص الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة القومي أن يدفع به كـ(عنوان) رئيس لخطابه الذي احتشد له الآلاف من الأنصار والقوى الوطنية الأخرى بميدان الخليفة بود نوباوي أمس الأول.. خطاب أظن أن وقعه كان على غير العادة بارداً على المعارضة والحكومة في ذات الوقت.. بعض المراقبين عدّوا أن الخطاب لم يأت بجديد وإن أعلن فيه صراحة أمس الأول ما سماها بالقوة الناعمة لإسقاط النظام سلمياً، مستبعداً فعالية العمل العسكري لإحداث تحول حقيقي، كاشفاً عن أن حزب الأمة (قرر التعبئة من أجل رحيل نظام الاستبداد والفساد)، مشدداً على ضرورة نبذ العنف وأن تكون وسيلة تغيير النظام سلمية.
وقال حسب نص الخطاب المطول الذي نشرته مواقع إخبارية محلية إن (محاولة الإطاحة بالنظام بالقوة ستأتي بنتائج عكسية)، لافتاً إلى (أن الخيارين الوحيدين المأمونين هما: انتفاضة مدنية قومية أو المائدة المستديرة من أجل نظام جديد).
و”الصادق المهدي” قد ابتعد كثيراً خلال الفترة السابقة عن التحالف المعارض المكون من عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية المعروفة بمجاهرتها العداء للحكومة بعد أن صوب تجاههم عدداً من السهام الناقدة الجارحة، سيما وأن أنباء قد رشحت مؤخراً تداولتها الأوساط السياسية سراً وبكثير من الجهر غير المعلن رسمياً عن أن ثمة ترتيبات تجري لدعم ترقية ابنه “عبد الرحمن المهدي” في منصب نائب رئيس الجمهورية.. وهي أخبار لم تتأكد صحتها حتى الآن، إلا أنه يمكن فهم رواجها خلال هذه الفترة بانتعاش العلاقة بين حزب الأمة والحكومة.
الصدفة المحضة جمعتنا بأطراف المكتب القيادي لقوى المعارضة بدار الحزب الشيوعي صبيحة الأمس.. ورغم أن خطاب الإمام “الصادق المهدي” كان يحبس إلى حد ما أنفاس المعارضة والحكومة على السواء، إلا أن المهندس “صديق يوسف” القيادي الشيوعى وممثله في التحالف المعارض أوضح في حديثه لـ(المجهر) أن الخطاب لم يخل من ذات ما يدعو له التحالف المعارض، وأضاف: (الصادق المهدي قدم مبادرة وأقام اجتماعات مع الأحزاب السياسية ولكنه لم يجتمع معنا.. مبادرته في طرح نظام جديد لا تتعارض مع برنامج قوى الإجماع الوطني في البديل الديمقراطي وأظهر الإمام خشيته أن يقود الصراع إلى (صوملة) البلاد، وهذا الاحتمال وارد إذا نبه له أو لم ينبه له، والصادق ينادي بالاعتصامات في الأماكن العامة.. لنفترض أن النظام ضربها ضرباً شديداً فهل ستقف تلك القوى مكتوفة الأيدي؟! وهنا تكون (الصوملة) قد حدثت.. والصوملة يحددها موقف النظام واستجابته للشعب السوداني).
“كمال قسم الله” من حركة القوى الجديدة (حق) وعضو التحالف المعارض قال إن الخطاب له أكثر من هدف وخاطب جهات كثيرة، وكان يخاطب إلى حد ما الصراع داخل حزب الأمة، وأضاف: (المسألة تلخصت في قوله “الما عاجبو الباب يفوت حمل”، وخاطب المعارضة متمثلة في قوى الإجماع ويفتكر أنه يريد إصلاحها وعمل ورشة لعلاج مشاكلها، وخاطب قضايا كثيرة حتى على مستوى المنطقة، وخاطب حكومة الجنوب باعتبار مساهمته في إزالة التوتر بين الشمال والجنوب).
{ المعارضة ترفض وجود تحالف معارض موازٍ لها
ربما اتفاق قوى التحالف المعارض على كون خطاب “الصادق” قد أتى بذات ما يدعو له الجسم المعارض للحكومة، جعل المحامى “كمال عمر” ممثل المؤتمر الشعبي في التحالف المعارض يتحدث عن أحقية حزب الأمة في ابتداع ما يراه مناسباً لدعم فكرة إسقاط النظام قائلاً: (كل تنظيم له الحق في تخير الأساليب التي يرى أنها ناجحة لإسقاط النظام)، عاداً حزب الأمة جزءاً أساسياً الآن من تجمع المعارضة، مضيفاً: (بالتالي نحن لا نستطيع أن نتخلى عن تحالفنا حاليا وأي حزب لديه مقترحات لتطوير أداء إسقاط النظام فإننا نقبل بها تماماً، ونعدّ دعوته للاعتصامات واحدة من وسائل التغيير ونقبل الفكرة في إطار تحالف قوى اإجماع الوطني، ولكننا لن نقبل بأي حال من الأحوال وجود تحالف موازٍ، ونقبل دعوته في إطار تحالف خطنا لإسقاط النظام ونحن كلنا وقعنا على البديل الديمقراطي وهو ملزم لنا كلنا، وتخطي خيارات الإسقاط والتغيير وهو ما يقود إلى تصفية هذا النظام بالكامل، وعندنا مسألة إعلان دستوري نعمل فيه كلنا مع بعض وتكامل كل قوى المعارضة المسلحة والشبابية وقوى الإجماع الوطني.. كل ذلك يشكل البديل الديمقراطي وقد يكون ما أتى به “الصادق” أحد خيوط التحالف داخل قوى الإجماع الوطني).
وأكد “عمر” في حديثه لـ(المجهر) أمس أنه لا يسمي دعوته تلك انشقاقاً على المعارضة، وقد عرضها على كل القوى السياسية، ونحن ننظر لما عرضه “الصادق” على أنه إحدى آليات الحزب لإسقاط النظام، ولكن لا يمكن أن نسميه خط انشقاق، وهو أيضاً أمن على التحالف المعارض وقال إن لديه برنامج ورشة ونحن لدينا برنامج المائة يوم، وهو جزء منه، وبالتالي أي حديث عن أداء التحالف يتم داخل التحالف..
وفي تعليقه عن ما يمكن عدّه خروجاً لـ”الصادق” من المعارضة بعد طرحه للآليات التي سيتبناها حزب الأمة لإسقاط الحكومة قال: (لا أسميه خروجاً ضمنياً من التحالف لأنه لم يذكر لنا أنه خرج من منظومة التحالف، وهو طرح تصور مشروع نظام بديل للنظام الموجود وليس نظاماً بديلاً للتحالف، وبالتالي بدائل إسقاط النظام وتغييره تعد خطاً سياسياً ويجمعنا معه حلف).
{ البعث يشن هجوماً عنيفاً على الإمام
الهدوء الذي استقبلت به قوى المعارضة خطاب الأمام “الصادق المهدي” وما طرحه من خيارات لإسقاط الحكومة لا يبدو أنه جديد، فقد سُرب بعضها إلى وسائل الإعلام خلال الفترة السابقة، إلا أن حزب البعث العربي الاشتراكي شن هجوماً على “الصادق المهدي” ووصفه بالمتناقض وتنقصه الجرأة في وضع النقاط على الحروف.
وقال “فتحي النور” ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي في حديثه لـ(المجهر) أمس، إن حديث الإمام استمرار لمنهج قديم عرف به “الصادق المهدي” في مخاطبة قضية واحدة بعدد من اللغات المختلفة، وتعودنا منه الحديث بلغة موجهة للمجتمع الدولي، ولغة موجهة للمؤتمر الوطني، وأخرى موجهة لقوى الإجماع الوطني، ولغة مختلفة لأنصار الإمام.. دائماً يتحدث بأربع لغات مختلفة عن بعضها، ويمكن ملاحظة التناقض الذي يحويه.. الناس تعتقج أنه يمسك العصا من النصف على طرفين ولكنه في الحقيقة يلعب على أربعة أطراف، عنده لغته المختلفة لقوى المعارضة ولغة مختلفة للحكومة، وخطابه لم يخرج عن هذا الإطار.. “الصادق” حقيقة تنقصه الجرأة في وضع النقاط على الحروف تماماً بالرغم من أنه لا تنقصه المعرفة.. الآن مطلوبات المرحلة لقوى المعارضة واضحة ومعلومة وهو يعلم ذلك، لا توجد أية جهة تستطيع أن تطرح جسماً موازياً لقوى الإجماع الوطني لأنه يتحرك بقوة وبثقل.