أخبار

الانتقال القطري..!!

{ ضرب أمير دولة قطر المتنحي الشيخ “حمد آل ثاني”، مثالاً في الزهد والقناعة بأن الأيام بين الناس (دول)، وأن السلطة إذا غادرتها طوعاً وبرغبة ذاتية فإنك ستسمو في نظر الشعب وترتقي لمقام البطل قبل أن تنزع عنك نزعاً كما يقول القرآن الكريم الذي يتلوه المسلمون في الليل والنهار ولا يتدبرون في آياته ومغزاها.
{ الحقبة من 1995م وحتى 2013م، هي ثمانية عشر عاماً أمضاها الشيخ “حمد آل ثاني” في قيادة دولة نصيبها من المساحة الجغرافية بضعة آلاف من الأمتار ووهبها الله ثروة من الغاز الطبيعي حتى أصبحت من أغنى دول العالم وأكثرها إنفاقاً على شعبها الذي يعيش مترفاً في نعيم ورغد. وتنحى الشيخ “حمد” طوعاً عن السلطة لابنه “تميم” وفق تقاليد مجتمعية راسخة جعلت الحكم والسلطة في دولة قطر (حكراً) على العائلة المالكة، وهي عائلة تحتضن شعبها برأفة ولا تحمله ما لا طاقة له به.. شعب لا يتعدى البضعة آلاف يقطنون على حافة الخليج وتحاصرهم الصحراء والأرض القاحلة من الجنوب والغرب والشمال.. ولكنهم صنعوا مجداً لدولة صغيرة.. وكتب الشيخ المتنحي الأمير “حمد” في تاريخه مواقف داعمة لخيارات الشعوب في المنطقة، فلولا قطر لما أزاح الشعب الليبي (قاتله) “القذافي”، وبفضل قطر ستنقشع عن سوريا حقبة “بشار الأسد”، ولقطر اليد العليا في تغييب “مبارك” من المشهد المصري.. واحتضنت قطر في سنوات ازدهارها التي قادها الأمير المتنحي “حمد آل ثاني” المطرودين من بلدانهم والمحرومين من حرياتهم والمقموعين في أرضهم، وصارت الدوحة ملاذاً لأبناء وبنات “صدام حسين” ومأوى لأبناء “أسامة ابن لادن”، وداراً لآخرين ضاقت بهم بلدانهم في حقبة ما كالإسلاميين الجزائريين والتونسيين والمصريين، وفتحت قطر أرضها للقوات الأمريكية لتقيم قاعدة (السيلية) التي ليست قاعدة عسكرية تقليدية إنما (مقر) لملفات أمريكية من خلالها تقود الولايات المتحدة نصف الكرة الأرضية.. لتصبح قطر خلال سنوات حكم الأمير “حمد آل ثاني” دولة مفتاحية (بديلة) لمصر التي انتهى دورها، وللسعودية التي لا يثق الأمريكان فيها بقدر ثقتهم في الدولة القطرية.. ولا عجب أن أخذت قطر على عاتقها قيادة مبادرات جريئة جداً في قيادة مصالحات بين الفلسطينيين وبين الطوائف والأحزاب اللبنانية.. وصنعت قطر من قناة الجزيرة الفضائية أداة إعلامية احتار الغرب والشرق في فهم ومدلولات رسالتها!!
{ ولو كان النجاح الداخلي وكتابة التاريخ للدول تخلد الحكام في كراسي السلطة للأبد، لتمسك أمير قطر بكرسيه حتى يعجز جسده عن الحركة أو يختطفه الموت بغتة!! لكنه اختار (الاعتزال) في مجده وقمة عطائه ونقل سلطاته وصلاحياته لخليفته الشاب “تميم” وهو لم يتجاوز الـ(33) عاماً.. ولو جرى استفتاء شعبي للقطريين و(خيروهم) بين الأمير الوالد والأمير الابن لاختار القطريون الشيخ “حمد” الذي لم يقتل قطرياً واحداً ولم يزج بمعارض وصاحب رأي في غياهب السجون ولم يسرق مال مسكين وجائع.. ولكنه نظر وقدر ودبر وفكر وترجل لابنه الشاب، حتى يعيد ضخ الدم الحار في شرايين السلطة، وينقل تجربته وخبرته للشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” لقيادة دولة حديثة، لها دور كبير في تقرير مصائر المنطقة، وتتأهب لمرحلة قادمة قد تضعها في قائمة الدول الكبرى بحكمة ورؤية..
{ فهل تشهد قطر في ثيابها الجديدة وسلطتها الشابة تنامياً لدورها في المنطقة أم تنكفئ على نفسها لتعيش مترفة يتوسد شعبها الحرير، وتموت أمام بصرها شعوب مسلمة بالفقر وسوء الحكام وبطش السلاطين!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية