الديوان

التسوق .. جنون النساء يدفع ثمنه الرجال

تنتاب حمى الشراء النساء قبل دخول الأسواق وبعده، وتصل في بعض الأحيان إلى شراهة لا تحدها حدود ولع النساء، لا تعرف المرأة أعذاراً تكبح من رغبتها تلك، لكن نيران السوق التي اشتعلت تحرق آمالهن، وقد تحرق مدخرات الطوارئ وجيوب الأزواج الخاوية، وحينما تتقاطع وقائع الواقع مع شهوات التملك تتباين مواقف النساء ما بين مشفقة على زوجها وغير أبهة بالعواقب.
وحين وقفت أمام صالة معرض المنتجات الدولي لصاحبه “إبراهيم موسى” للأواني المنزلية الراقية، الذي يجتذب بريق أوانيه قلوب وأفئدة نساء عديدات، بتن يترددن عليه بكثافة لافتة تارة للشراء أو حتى لمجرد (ملي العيون)، فولع النساء بـ(العدة) قديم.
نسوة كثر وقفن أمام (الأطقم الراقية)، لكن من اشترين قليلات، فالأواني المعروضة مغرية وجميلة، ومن أشهر الماركات (أطقم صواني، كبابي، وترامس)، معظمهن خرجن دون شراء وهن يتلمظن:(الحاجات سمحة بس غالية).
فيما يكاد صاحب المعرض “إبراهيم” يشكو لطوب الأرض من الكساد، ويقول: “قلّ الإقبال بسبب الظروف الاقتصادية المتلاحقة، والارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وتبقت طبقة محدودة من الناس تملك القدرة على الشراء، ولأنها محدودة أصبحت معروفة لنا، ناس عندهم قروش وأغلبهم زبائن مداومين يعرفون جودة سلعنا وندرتها فيشترون رغم الغلاء، أما الباقون فيكتفون بالتفرج، ونحن لا نتضايق منهم غداً تتغير الظروف ويصبحون من الزبائن الدائمين، لأننا نراهن على الجودة).
من جهتها قالت “فائقة علي”، وهي إحدى زائرات المعرض، بعد أن طافت كل أركانه: (وجدت أشياء جميلة ذات جودة عالية، وتمتاز عن ما هو معروض في بقية الأماكن بأنها مضمونة، بس أسعارها نار مولعة). وواصلت: (هذه هي المرة الأولى التي أتى فيها بعد افتتاح معرض المنتجات الدولي، وأعدها بمثابة زيارة استطلاعية، سوف أتي مرة أخرى لشراء الأشياء التي أرغب في شرائها وأوفر لها الميزانية اللازمة).
(نفسي في حاجات كثيرة في هذا المعرض، لكن العين بصيرة واليد قصيرة)، بهذه الحكمة الشعبية التي تشي بالعجز، استهلت “ولاء صالح” حديثها وأضافت: (اكتفيت بقطعة صابون للوجه عشان ما أطلع ساي من كل هذه الحاجات الجميلة دي).
محل آخر يجتذب النساء معصوبات الأعين مثل الفراشات يشدهن ضوء النيران إلى الحريق، تعرض فيه (المشغولات اليدوية الهندية والباكستانية)، يديره “حيدر الباكستاني”، ملاءات أسرة، ملابس مطرزة مشغولة يدوياً.
“الباكستاني” هو الآخر يكاد يستعطف الأرض، يقول بلهجة عربية: (قروش ما في، الشراء صغير جداً، وبعدين أنا تعبان من خياطة وتطريز، عشان كدة البضاعة غالية، البضاعة بتاعتنا مرغوبة من السودانيين).
ويضيف إن فستان “نادية خان” هو آخر التقليعات وأكثرها طلباً، ويبدو أن (الأفلام الهندية) والفضائيات لعبت دورها في التأثير على الأذواق، ما جعل “نادية خان” تحوم في شوارع الخرطوم وتهفو إليها القلوب
وفيما تجادل “كوثر سعيد” لتحصل على تخفيض للأسعار،  لملابس وتجهيزات الطفل المرتقب، ينم مظهرها عن أنها حبلى، تقول: (هذه المرة لم أشترِ حاجياتي كاملة من المعرض، وسأضطر لشراء بعضها من أسواق أخرى، في السابق كنت أشتري كل حاجياتي من هنا، لكن بسبب الغلاء، سأكتفي بشراء الحاجات الملحة.(
ويشتكي العارض “إبراهيم حسان”، من الكساد وندرة الإقبال على الشراء قائلاً: (رغم الجدية وعرض أخر صيحات الموضة من عقود اللولي، فإن الفتيات الصغيرات يكتفين بشراء العقود، وتقنع الكثير من السيدات بشراء خاتم حتى لا يخرجن كما دخلن).
ويضيف “حسان” أن معظم الزبائن الذين يشترون أطقم زينة كاملة هن العروسات والمقبلات على الزواج، إضافة إلى “الأقباط”، لأنهم يهتمون بالإكسسوارات كثيراً، أما بقية السيدات فـ(يقعن الدهب الصيني)، ويفاصلن في الأسعار ويطلبن بتخفيضات تقارب نصف السعر ويضحك ويقول (نسوان متعبات بشكل).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية