شهادتي لله

بدون مفكرين..

{ أزمة الدولة السودانية خلال السنوات الماضية، لا تكمن في القوانين، ولا في عدم إعداد دستور (دائم)، ليسافر بعض (المعارضين) إلى “نيروبي” للتفاكر حول فصوله وبنوده وسُبل إعداده!!
{ مشكلتنا ليست (الجنوب)، ولا (أمريكا)، ولا حتى (إسرائيل).
{ مشكلتنا الحقيقية أن دولتنا الآن – في (الحكومة) و(المعارضة) – تعمل بدون (مفكرين).. بدون رؤية إستراتيجية واضحة.
{ تسيير دولاب الدولة اليومي والشهري والسنوي في بلادنا، يقوم به (تنفيذيون)، مدنيون أو عسكريون، وكذلك (المعارضة) يتفرغ لأنشطتها اليومية والأسبوعية – (ليس لها نشاط مبرمج لعام قادم) – سياسيون مدنيون أو عسكريون (متقاعدون)، ولا أثر للمفكرين.
{ تطبيع علاقتنا مع أمريكا – مثلاً – لا ينبغي أن يكون مسؤولية دبلوماسييين بوزارة الخارجية أو سياسيين قليلي التجربة بأمانة العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني. ولأن واقع الحال يقول إن هؤلاء ظلوا هم المسؤولون عن مثل هذه الملفات الشائكة، فإن الفشل يلازم محاولاتهم باستمرار. ألا تطالعون نهاية كل عام خبراً يفيد بتجديد الرئيس الأمريكي – أيّ رئيس أمريكي – قرار فرض العقوبات على السودان ووضعه في قائمة الدولة الراعية للإرهاب!!
{ المفكرون بعيدون جداً عن سياستنا.. حكومتنا.. ومعارضتنا.. ولهذا يباشر التنفيذيون مهامهم بسياسة (رزق اليوم باليوم).. الرزق (العام) و(الخاص)!!
{ ليست هناك دوائر (تفكير إستراتيجي) تعتمد عليها حكومتنا في إصدار القرارات وتحديد السياسات (الداخلية) و(الخارجية)، الاقتصادية، والاجتماعية والتعليمية، بل تتحرك الدولة بطاقة النشطين القادرين على تنفيذ التكليفات وملاحقة الاجتماعات، والرحلات، واللهث وراء التفاصيل، ابتداءً من بعد (صلاة الفجر) وإلى الثالثة من صباح اليوم التالي!! ولكن بدون فكرة.. رؤية ومبادرة جديدة!! ولهذا تجدنا نخرج من (حفرة) لنقع في (حفرة) أخرى!!
{ في سنوات (الإنقاذ) الأولى، كان الحصار أشد، وأقسى، وكانت الدولة تحارب في جبهات أكثر وأشرس، انطلاقاً من داخل حدود “يوغندا”، “إريتريا” و”إثيوبيا”، وكان العداء سافراً من دول عربية كبرى مثل “مصر” و”السعودية” ومعظم دول الخليج العربي، فضلاً عن أمريكا ودول الاتحاد الأوربي. وكانت الدولة أكثر فقراً، تبحث بشق الأنفس عن (مليون دولار) فقط، فيسلفها اياه “صلاح إدريس” أو “جار النبي”!!
{ الآن.. وضع الدولة أفضل مالياً، والحصار عليها أضعف، ولكن (دوائر التفكير) التي كانت نشطة وحاكمة وفاعلة، تضعضعت الآن، بل تفككت، فصعد التنفيذيون في كل مجال على حساب (المفكرين) و(السياسيين).. وهذا هو أس واساس الأزمة.
{ جمعة مباركة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية