رأي

مسألة مستعجلة

الخيار الأخير لتحقيق الاستقرار في جوبا
نجل الدين ادم
شيء من الهدوء النسبي بدأ يدب في عاصمة دولة جنوب السودان جوبا بعد حصاد أكثر من (300) من العسكريين والمدنيين في مواجهات حمقاء بين أنصار الرئيس “سلفاكير” ونائبه د. “رياك مشار”، وأحسن في تلك التدخلات الإيجابية في أعقاب هذه الأحداث المؤسفة كانت مبادرة رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” واتصاله الأول من أمس بنظيره “سلفاكير” والسيد “رياك مشار” وحثهما على ضرورة التهدئة من واقع العلاقات التي تربطهم ومن واقع حق الجوار ومعرفته بتفاصيل المشكلة.
 عملياً بدأ هذا الاتصال الرئاسي من “البشير” يأخذ شيئاً من النتائج الإيجابية على أرض جوبا، حيث إن الجميع كانوا يتوقعون أن يحدث يوم أمس انفجار أكبر في الأوضاع، وأن يكون مصير اتفاق التهدئة الأخير هو الانهيار ومغادرة “مشار” لجوبا مرة أخرى، لكن النتيجة كانت مغايرة حيث أصدر الرئيس “سلفاكير” قرارات صارمة للقوات الحكومية لحفظ الأمن وحظر إطلاق النار في المدينة وشكل لجنة للتحقيق في الأحداث، بينما كتم دكتور “رياك مشار” غيظه رغم توجيه اتهامات مباشرة للرئيس “سلفاكير” بعدم رغبته في السلام وضرب قواته لأنصاره – أي أنصار “مشار”، بالطيران في مواقعهم.
كنت متأكداً من أن أي تدخل أو مبادرة من السودان سيكون لها الأثر الأكبر من أي اجتماعات أخرى دولية أو إقليمية سواء كانت الإيقاد أو مجلس الأمن نفسه، وربما تزيد قرارات الأخير الطين بلة، وقد أشرت أمس الأول إلى أن عدم وجود السودان كطرف في اتفاق المصالحة بين الفرقاء الجنوبيين أفرز واقع أنهم يتعاملون مع اتفاق هش ولد حالة من الغبن وسط الأثنيات الجنوبية وأحدث ململة وسط العسكريين.
ليس من خيار أمام جوبا الآن غير المضي في تهدئة الأوضاع وامتصاص حالة الاحتقان والالتزام بالاتفاق الذي تم، اتفاق المصالحة هو الفرصة الأخيرة رغم الملاحظة عليه، لذلك ينبغي على الأطراف كافة الحرص على بنوده وإلا فإن الخيار الأخير سيكون العودة إلى مربع الحرب مرة أخرى وحصاد المزيد من الأرواح البريئة.
على الغرب أن يعترف بفشله في رعاية هذه الدولة الوليدة وعدم مقدرته على إحداث أي تحول إيجابي يجعل البلاد هادئة بلا حرب أو اقتتال، وأن يترك المجال لدول الجوار وللسودان الأم لكي يصلوا إلى تفاهمات تجنب جنوب السودان المنهك من الحروب حالة الطوفان التي تنتظره بسبب التطورات المتلاحقة.. والله المستعان.  

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية