مرحباً .. دكتور "مشار"
{ قرار مجلس وزراء دولة الجنوب بإرسال نائب رئيسها الدكتور “رياك مشار” إلى الخرطوم للتباحث حول سُبل معالجة أزمة إيقاف ضخ النفط (الجنوبي) عبر أنابيب وأراضي وموانئ السودان، هو بلا شك قرار إيجابي، حكيم وسليم.
{ نحن في حاجة ماسة إلى مساعدة ودعم تيار الحكماء والعقلاء في دولة الجنوب، وفي مقدمتهم “رياك مشار”. تقوية هذا التيار تعني تقوية علاقات إيجابية مثمرة تؤسس لاستقرار وتنمية ورفاهية البلدين.
{ “مشار” سياسي ناضج، واع ولمّاح، ولأنه يدرك أكثر من غيره من القيادات الجنوبية، مصالح شعبه، والمخاطر التي تعرضت وستتعرض لها دولته جراء استمرار إيقاف تصدير النفط، فإنه يعمل خارج دائرة (الانتقام والانتحار) الداعمة لمتمردي قطاع الشمال وحركات دارفور داخل قيادة (الجيش الشعبي).
{ المجموعة الأخيرة لا تهمها معاناة شعب الجنوب، ولا تحفل كثيراً بآماله وتطلعاته في حياة هانئة وكريمة تتوفر فيها الأساسيات من غذاء وصحة وتعليم وكهرباء ومياه.
{ (جنرالات) الدمار والتدمير داخل (الجيش الشعبي) يريدون لشعب الجنوب أن يستمر مقاتلاً في الأحراش، هائماً وسط الغابات، جائعاً، ومريضاً، ليبقوا هم برتبهم الرفيعة، وسلطاتهم الواسعة التي لا يحدها قانون، ولا يحكمها دستور، جاثمين على صدر الشعب، يدفعونه من (حفرة) إلى (حفرة)، ومن محرقة إلى محرقة!!
{ غير أن تيار الحكماء والعقلاء في دولة الجنوب، وعلى ضعفه ومحدودية أثره داخل الجيش، يعلو صوته يوماً بعد آخر، مع تزايد الأزمات في “جوبا”، وتعالي نبرة الاحتجاجات الظاهرة والمكتومة على حالة الفشل الحكومي المزمن وعجز الدولة عن معالجة مشكلات الانهيار الاقتصادي وغياب الخدمات الأساسية في دولة كان يظنون عشية استفتائهم على (تقرير المصير) في العام 2011م أنها ستكون سويسرا أفريقيا.. نعيماً ورفاهية!! أو هكذا كتب صحفي بريطاني يصف مشهد (الخديعة) الذي رسمته (الحركة الشعبية لتحرير السودان) لمواطني جنوب السودان!!
{ كل هذا وذاك، لا ينبغي أن يمنعنا من البحث عن مصالحنا، بعيداً عن تعابير (الشماتة) على صورة الجنوب القاتمة بعد (استقلاله) من جمهورية السودان. ومصالحنا لا تجعلنا نصفق لتدهور العلاقة بين الدولتين، ومصالحنا (ضد) إغلاق أنبوب النفط بأية حال من الأحوال.
{ كتب الباشمهندس “الطيب مصطفى” أنه عندما كان مجلس شورى (منبر السلام العادل) منعقداً وبلغهم نبأ إغلاق الأنبوب، ضج اجتماع شورى (المنبر) بالتصفيق!! يا سبحان الله.
{ يصفقون لأن الآلاف من أبناء السودان أصيبوا بخسائر فادحة خلال (48) ساعة فقط لارتفاع سعر (الدولار) من (6.6) إلى (7) جنيهات!! (حدثني تاجر يعمل في مجال استيراد وتصنيع الحديد أنه خسر عشرات الآلاف من الجنيهات في صفقة واحدة خلال يوم واحد)!! كم سلعة ارتفعت أسعارها خلال يومين بحجة ارتفاع سعر (الدولار)؟! كم تبلغ خسائر كل مؤسسات الدولة (العامة) و(الخاصة) جراء ارتفاع أسعار النقد الأجنبي، وعجز بنك السودان عن الوفاء باحتياجات السودان، رغم مؤشرات (الصفقة العراقية)؟!
{ على ماذا تصفقون أيها (المنبريون)، على (خراب بيوت) الشعب السودان؟!
{ استقبلوا الدكتور “رياك مشار” واستمعوا له، فإن الحكمة تقابل بالحكمة.