مها الرديسي تكتب : السودان قفل .. !!
السودان قفل اسم لتسريحة كانت موضة في فترة الثمانينيات من القرن الماضي و تحمل الخصوصية الجمالية لنساء السودان و هي عبارة عن مشاط للشعر في شكل ضفائر كبيرة ، يبدأ من مقدمة رأس الفتاة و ينتهي عند نهاية الرقبة سبب التسمية حقيقي ما معروف بالنسبة لي ربما حدث أن تم قفل السودان في الماضي .. و لكن لكثرة التقفيل و الإغلاق الحاصل في البلد هذه الأيام للطرق الحيوية ، استحضرني هذا الاسم .. السودان قفل ، فبعد تقفيل طريق الخرطوم بورتسودان يبدو أن آخرون في جهات مختلفة تشجعوا و تجرأوا و قاموا بالتقليد الأعمى هذا دون مراعاة لمصلحة البلاد العليا ، فتجد أن الناس بدأت التقفيل بتتريس و شل حركة البضائع و السفريات شرقا و شمالا و غربا و في الوسط ، في سابقة لم تحدث من قبل ، لنسمع بقفل طريق شريان الشمال عند سد مروي و تقفيل طريق _ أم درمان بارا وقام سكان فداسي و أغلقوا طريق مدني _الخرطوم ..
المرجح أنها ثقافة سياسية جديدة للعصيان و الخروج على السلطة للمطالبة بالحقوق المدنية و السياسية و يتم نشرها بقوة للضغط على الحكومة الإنتقالية و التي توصف بالعجز و التباطؤ المخزي في مواجهة وحل مثل هذه التعقيدات و المستجدات و حسمها في وقتها قبل أن تستفحل كما كان يتوقع منها ..
هل يعني أن السودان قفل على ذلك ؟ !! بأن اصبحنا نقفل البلف على بعضنا البعض دون رحمة و لا مراعاة لدين و لا أخلاق حتى نصل لمطالبنا .. من كان يتخيل يوما أن يهدد و يزعزع ترك بوصفه رئيس عموديات البجا الأمن الغذائي و الدوائي للسودان بكامله ومن كان يتوقع أن تحدث كل هذه الكوميديا السوداء بعد ثورة ديسمبر المجيدة الممهورة بدماء الشهداء …
عملية التقفيل هذه ما هي إلا حرب إقتصادية معلنة دون تحليل عميق و دون جدال و لا تقل عن أي حرب بالأسلحة .. ساحتها مفتوحة بإمتداد الوطن و قادتها يحركون خيوط اللعبة من وراء الكواليس .. أما جنودها فهم البسطاء المخدعون المنساقون وراء الساسة المتخبطين والرأسماليين الإنتهازيين تجار الأزمات ..
و يبدو من قراءة للمشهد السياسي أن هناك عدم ثقة استباقي للمواطنون تكون خلال هذه الفترة الإنتقالية الغير مستقرة من حكم السودان .. تكونت فكرة راسخة لدى الكثيرين أن الأحزاب تكرر من نفسها و من فشلها في إدارة الدولة السودانية وأنها لن تحقق حتى القليل من طموحات الشعب السوداني بعد الإنتخابات المتوقعة و ما نراه من تشققات و تشرذم و صراعات حزبية ما هو إلا بروفة للحكومة المدنية القادمة ..
حقيقي أن المشهد برمته معقد و مأساوي و يحتاج بسرعة للتحرك و المعالجة من قبل المسؤولين و متخذي القرار في هذا البلد المنكوب و إلاّ فالقادم أصعب.