محمد عبدالقادر
اكبر خسارة للجنة ازالة التمكين لم تكن في الغاء المحكمة العليا لقراراتها بفصل منسوبين للقضاء والنيابة العامة، ووزارة الطاقة، وإعادتهم للخدمة، فهذا مسار قانوني واجراء يعبر عن ممارسة محترمة في دولة القانون ايا كانت النتائج والقرارات.
الخسارة الكبيرة التي منيت بها اللجنة واصابت مصداقيتها في مقتل كانت ظهور (المحامي الكبير) وجدي صالح عراب اللجنة وناطقها الرسمي في حالة من القلق والوهن جعلته يتحدث بلسان من يجهلون القانون ومبادئه التي يتقنها حتي (كتاب العرضحالات )_ مع كامل تقديري لهم- ناهيك عن المبتدئين من طلاب القانون وعلمائه الاجلاء وسدنته الخلص في ردهات المحاكم ومؤسسات العدالة ..
كان الاحري بوجدي كمحام ان ينزل القضاء مقامه المحترم ، وان يرحب منشرحا ومسلما بما جاء من المحكمة العليا ويقر بعدالة ما توصلت اليه من اجراءات وان يبادر معتذرا – باسم اللجنة- بدلا عن محاولات التشكيك في المحكمة وقرارها وابداء مقاومة خائرة تهدد ب(دريبات) قال انه سيسلكها لابطال القرار.
ان كان وجدي يعلم بجواز ابطال قرار لجنة التمكين بواسطة المحكمة العليا وقال ما قال .. فهذه سقطة لا تغتفر وان كان لايعلم فالمصيبة اكبر .
نعم يعلم ناشئة القانون وكتاب العرضحالات ان المحكمة العليا اعلى محكمة قانون في السودان و ان قراراتها واجبة الاتباع والتنفيذ ولكن وجدي اما انه لا يعلم او يدعي ذلك للهروب من تنفيذ حقوق اثبتها القضاء.
ظهر وجدي غائر العينين ، شاحب الوجه، ذابل الملامح مكسور الخاطر، لا يلوى علي شئ بعد ان جرده القرار من قيمته الموضوعية كمحام ينبغي ان يتعامل مع الامر في سياقه القانوني بعيدا عن الاجندة الانتقامية وعنتريات السياسة.
اسوأ ما يمكن ان يحدث لرجل القانون ان تاخذه العزة بالاثم فيجنح للي عنق الحقيقة ويحاول تطويع النصوص لمصلحة الموقف السياسي والانتصار لذاته الفانية.
بدا وجدي غير موضوعي وهو يعبر عن حزنه بعد ان علم بالقرار من خلال وسائل الاعلام ونسي ان لجنته لم تسلم احدا قرار فصله مكتوبا ، وضنت علي المفصولين بفرصة الترافع عن انفسهم في مواجهة قرارات الفصل الجائرة التي (قطعت ارزاقهم) بلاذنب جنوه.. ولاجريمة اثبتتها الوقائع ودلت عليها التحريات.
لو فعل وجدي ذلك لطماننا علي دولة القانون التي يمضي قرارها حتي علي لجنة ازالة التمكين، ولقدم لنا درسا بليغا في العدالة تؤكد انها ديدن الحاكمين من امثاله، لو فعل ذلك لنال احترام الجميع لكنه فعل العكس تماما فنال ما يستحق من تندر وسخرية وانتقادات بعد استخدامه مفردة ( دريبات) قال انه سيسلكها لابطال القرارات..
مفردة (دريبات) نفسها لا تعبر عن استقامة مهنية، وتبدو معباة بمدلولات تجنح (للولوة)، ومحمولات (الشفتنة) وطرق مسارات غير قانونية لمواجهة القرار الذي صدر من جهة ذات (سلطة قضائية عليا) ينبغي ان يكون وجدي صالح اول المرحبين بقرارها بدلا عن التشكيك والوعيد بسلك (دريبات) لالغاء قرار لايملك وجدي امامه الا ان يقول ( سمعا وطاعة).
التحية للقضاء السوداني وهو يقدم دليلا جديدا علي نزاهته ونصاعة مواقفه المشرفة عبر التاريخ، فقد اتخذ القاضي المعني قرارا شجاعا اعاد الحق المسلوب الي اهله، وعلي لجنة ازالة التمكين الاستجابة للمناشدات العديدة باخضاع عملها الي سلطة القانون والقضاء الذي لا يظلم ببابه احد…
حافظوا علي العدالة واسسوا دولة القانون اليوم فربما احتجتم إليها غدا، وكما تدين تدان ، فالظلم ظلمات والحق ابلج ، وهو احق ان يتبع.. وتلك الايام نداولها بين الناس..