(الواتسب) .. تقنية مزعجة
{ قاتل الله التكنولوجيا وهي تتحفنا ببدع مرهقة تجبرنا على مجاراتها والتعامل معها رغم أنف السعي اليومي في إطار البحث عن لقمة الحلال في وطن ممزق ومجروح ويعاني الأمرين اقتصادياً وسياسياً.
{ فرض علينا واقع (الانترنت) (الفيس بوك) و(التويتر) باعتبار أنهما مواقع للتواصل الحميمي بين الأصدقاء في دول العالم المختلفة، ولعل وجودهما قد ساهم بقدر كبير في إحداث أشكال جديدة ومتينة لطرق التعامل الاجتماعي من خلال الرسائل والاتصالات وتبادل المعلومات وملء أوقات الفراغ والاستفادة من الذخيرة المعلوماتية لبعضهما بالصورة التي جعلت الشباب يتبارى في التباهي بامتلاك معلومات تهتم بالسياسة والرياضة والاقتصاد وغيرها.
{ ومحاسن (الفيس بوك) و(التويتر) لا تحصى ولا تعد إذ إنها قد شكلت مناخات مختلفة للشباب والكبار والأطفال الذين أضحت مواقع التواصل مسكناً حقيقياً لهم في إطار إصرارهم على ملء الفراغ بالحكي المصطنع أحياناً والحقيقي في أحايين كثيرة للدرجة التي مكنت البعض من تكوين صداقات تبادل من خلالها الزيارات في الوطن العربي وأفادت آخرين في إرسال فرص عمل مكنتهم من تكوين حياتهم العملية المستقبلية بشكل إيجابي وجيد.
{ ورغم أن مواقع التواصل قد أزعجت الكثيرين من الطرف الآخر وأعني ستات البيوت إلا أنها تمكنت من حصر العالم في شاشة صغيرة رامية المساحات والساحات والباحات خلف ظهرها، إذ أن المتواصلين في أقاصي الغرب تمكنوا من تبادل الحديث مع شباب وشيب مصر والسودان والسعودية وغيرها من الدول العربية والأفريقية بسلاسة وهدوء، وقبل ذلك كله يتم من خلالها تبادل الثقافات والمعلومات وبالمجان.
{ ويبدو أن (الفيس بوك) و(تويتر) بحجمهما ومكانتهما قد تم الاستغناء عنهما تدريجياً من خلال استحداث مواقع جديدة سميت ب(الواتسب) و(الفايبر) و(الاين) وغيرها من مواقع الشات المحمولة في الهواتف السيارة، للدرجة التي بات فيها البعض يتحدث معك بنص عقل وقلب لأن العيون متعلقة بالشاشة تعقبها ابتسامات وقهقهات تؤكد أن الأطراف في الجانب الآخر قد تمكنوا من شغل تفكيره الى حين إشعار آخر.
{ و(الواتسب) قاتله الله يتجاوز الحدود ويفرض نفسه على الجميع مرغماً من خلال رقم الهاتف الذي تحمله الذي يمكن آلاف البشر من التواصل الجبري معك، ليكون وضعك النظر إلي الشاشة باستياء كبير، لأن مشاغل الحياة العملية تتطلب ذهنية متفرغة تمكنك من أداء واجباتك بأسرع وقت ومن ثم البحث عن إيجاد مساحة للراحة تسترد من خلالها عافيتك أملاً في غد أفضل،ولكن..
{ منسوبو (الواتسب) بعد أن هجروا (الفيس بوك) لم يفكروا في الواقع الذي يحتوي العامة وإمكانية استقبال رسائلهم التي لا ترتبط بالزمان أو المكان، لان الأمر أضحى عبارة عن هواية تملأ أوقاتهم الفارغة وتعينهم على تجديد نفسياتهم بالصورة التي يرونها مناسبة وحينها فليحرق الجميع، ويا ليت كانت رسائلهم مهمة أو يمكن الاستفادة منها، بل العكس تماماً إذ إن معظمها عبارة عن باقات من الورد و(كريكتيرات) مكررة خاوية المضمون.
{ الواتسب) و(الاين) و(الفايبر) تقنيات غير مفيدة بالنسبة لي أنا على وجه التحديد، إذ إن الرسائل المتلاحقة قد أصابتني بالانهيار العصبي، بالإضافة إلى (بطارية) التلفون التي أضحت لا تمكنني من الاستمرار حتى منتصف اليوم، فأرجو أن يتم استيعاب المكتوب، خاصة وأن السودان أضحى عبارة عن فوهة بركان يغلي بالأزمات.
{ اتركوا الفارغة، وتمعنوا في معطيات الواقع بشكل إيجابي علها تكون البدايات لخلق جيل واعد.
{ وجمعة مباركة عليكم.