الكساح و(اللولوة)!!
{ عبَّر الشاعر “أمل دنقل” تعبيراً مختصراً وعميقاً بأبياته الشهيرة: (أترى لو فقأت عينيك ووضعت مكانهما جوهرتين.. هل ترى؟! هي أشياء لا تشترى)!!
{ ونقتبس بالقول: (أترى لو أذقتك في معيشتك الأمرَّين.. وصرت تمشِّي أمورك من الدكاكين بالدين.. ثم شيَّدت لك جامعتين وجسرين.. فهل تعيش بالاثنين)!!
{ شاهدٌ من أهل (الجلد والرأس) في ثورة (الإنقاذ).. هو عضو مجلس قيادة الثورة العميد “سليمان محمد سليمان”.. قال في حواره مع (المجهر) بعد صمت لخمسة عشر عاماً: (الناس مهتمِّين ببناء الحيطان.. كباري وجسور وطرق ومستشفيات وجامعات.. ونسوا بنيان الإنسان.. الإنسان هذا أنت تبنيه بأن تكون قريباً منه.. بأن تشوف مشاكله.. تدخل معاه السوق تشوف وتعيش معاناته.. وهذا شيء مفقود الآن)!!
{ وقال “سليمان”: الآن كثير من القيادات أحاطت نفسها بكثير من “الوهم” وأحاطت نفسها بالملفات.. والملفات ما بتدِّي نتيجة.. يعني زول مسؤول من أرواح الناس وأقوات الناس ومعاش الناس.. ما مفترض يعتمد على الملفات.. لأنَّ الملفات في كثير من الأحيان مضللة وما بتدِّي الحقيقة.. الحقيقة وين؟! في وسط الناس.. وهذه هي الحاجة المُفتقدة الآن). انتهى.
{ ما قاله العميد “سليمان” ليس اكتشافاً مذهلاً.. ولا نظريَّة سياسيَّة جديدة.. لكننا ننقله عنه ونعلق عليه كـ (شاهد من أهلها).. فلو قاله غيره لاتهمه (الجماعة) بـ (الغرض) و(المرض) والأجندة الخفيَّة.. وربَّما وصل الأمر للاتهام بالعمالة لجهة أجنبيَّة!!
{ (الإنسان قبل البنيان).. هذا من المسلمَّات.. والحكومة تعرف.. فلماذا الأولويَّات مختلة؟!!
{ ماذا يفعل (جائع) بالمنشآت مهما بلغت ضخامتها؟!
{ ماذا يستفيد العاطلون من آلاف الشركات التي تُنشأ ولا يجدون إليها طريقاً إلا بواسطة من (أهل البيت)!!
{ الحكومة ليست فقيرة.. كلُّ الشعب متأكدٌ من هذا.. وما توفّر لها من (موارد) لم يتوفّر لغيرها من الحكومات التي مرَّت من هنا.. و(النعمة) ظاهرة على (الجماعة) و(أهل الجماعة)!!
{ فلماذا التركيز على المنشآت بكلِّ أشكالها مع إهمال تنمية الإنسان والاستثمار فيه.. وليس (بإسمه)؟!
{ هل السبب هو (العطاءات) و(الكومِّيشنات)؟!
{ أم أنَّ (الوطني) يرى في الشعب (تمومة دولة)؟!
{ أم الحكمة في ما قاله “عادل إمام”: (الشعب لا بدَّ أن يعيش فقيراً.. الفقراء يدخلون الجنة)؟!!
{ أمَّا الفرق – يا “سليمان” – بين (حديث الملفَّات) و(حديث الواقع).. فيمكن قراءته في التباين ما بين تصريح الشيخة “سعاد الفاتح” بأنَّ (الناس ما قادرة تأكل سخينة)!! وتأكيد وزير المالية “علي محمود” بأنّه (لا وجود لغلاء معيشي في البلاد)!!
{ آخر محطة
{ تشخيص الداء يكمُن في ما قاله عضو مجلس قيادة الثورة في ذات الحوار: (الإنقاذ تمشي بكثير من الكساح واللولوة)!!