مرة أخرى .. التدريب (بالكوم)
{ أكتب من “القاهرة” التي وصلتها قبل (ستة أيام) لقضاء بعض الأعمال. في ذات اليوم الذي نُشر فيه مقال (سياسة التدريب بالكوم)، نظرتُ من البلكونة بالطابق التاسع، حوالي الواحدة صباحاً، أستنشق هواء هذه المدينة النقي هذه الأيام بالتحديد، فالهواء هنا يختلط دائماً بزفير (عوادم) ملايين السيارات في مدينة الزحام العربية الأولى. هذه المرة، الوضع مختلف، حيث ما يزال الطقس ربيعياً ناعماً، خاصة عندما يرخي الليل أستاره.
رأيتُ سيارة (بص) يهبط من على متنها عدد من السودانيين. تبينت سريعاً (الجلاليب) و(العمم) وبعض البدل و(الثياب) النسائية. راقبت المشهد لعدة دقائق، لم يكن أعضاء الوفد السوداني الذي حل أسفل عمارة بمدينة (المهندسين) على هدى من أمرهم. انتشرت الحقائب أسفل العمارة لنحو ساعة وأكثر، ودخلت المجموعة في جولة (مفاوضات) مع السادة البوابين.. سماسرة وحراس الشقق المفروشة!!
{ زميلي الذي كان قريباً من الحدث، قال لي: (ديل أعضاء مجالس تشريعية من عدد من الولايات جايين القاهرة في دورة تدريبية لمدة شهر)!! البواب الساخر شأنه شأن عامة المصريين، لخص الحالة في جملة: (يا عم.. دول عاوزين الشقة بمية جنيه.. ودي الوقت مافيش كلام من دا)!!
{ لا أدري على ماذا سيتدرب السادة (التشريعيون) السودانيون في القاهرة؟! ومن أو ما هي الجهة التي ترتب مثل هذه (الدورات) دون أن ترتب المساكن اللائقة والمحترمة قبل وقت كاف لممثلي السلطة التشريعية في بلادنا، فتتركهم نهباً لاجتهاداتهم الخاصة المتنازعة ما بين التمثيل بما يليق و(التوفير) بما يريح!!
{ مجموعة من هيئة المواصفات والمقاييس وصلت القاهرة أيضاً قبل يومين، وذات المشهد بحذافيره تكرر!!
{ مجموعات ومجموعات من وزارات ولاية الخرطوم تيمّم شطر “الأردن” كل شهر و آخر تحت لافتة (التدريب)!!
{ والحكاية ليست تدريباً، ومعظم هذه الجهات الرسمية تعقد اتفاقيات خاصة مع جهات خارجية، مباشرة أو عبر (وسطاء)، وتوفر الدولار واليورو، بينما تكون وزارة تنمية الموارد البشرية الاتحادية آخر من يعلم. وبهذا الطريقة المرتجلة تضخمت مديونية تدريب وتخصص الأطباء خارج السودان لتبلغ مليارات الجنيهات!
{ أوقفوا هذا العبث المسمى (تدريب وتنمية بشرية).