استنفار (النواب)
{ رفضت الحاجة “حليمة”، المرأة المكافحة والعصامية، الاستماع إلى رأي زوجها “المكاشفي” في زواج ابنتها الوحيدة “سارا”، بل أصرت على أن يكون أخوها الكبير وكيلاً لها أمام الناس والمأذون، رغم أن والد العروس يعيش في صحة وعافية، مؤكدة أن الأب الذي يغيب عن أبنائه بالسنوات والشهور لا يحق له فرض سيطرته أو الاستماع إلى رأيه أو نصائحه، واستمر الجدل كثيراً في هذه الحادثة المشهودة في إحدى قرى الشمالية في وقت سابق.
{ تذكرت حكاية “حليمة” وأنا استمع إلى توجيه من رئيس البرلمان إلى نوابه الأكارم بالتوجه صوب الولايات من أجل استنفار دوائرهم، ضحكت حتى بانت نواجذي لأن تفاصيل “المكاشفي” تنطبق بالكربون على بعض نواب المجلس الوطني الذين مارسوا الاسترخاء و(ضربوا التكييف) وتفرغوا للأحاديث الجانبية ومن ثم النوم بصورة تدعو للاستغراب؛ الأمر جعل الصحافة تتناوله عبر تقارير مختلفة وأعمدة طويلة في بادرة تعتبر الأولى من نوعها.
{ بعض النواب دخلوا قبة البرلمان ولم يخرجوا منها إلا لمنازلهم الفخيمة في الخرطوم، ولم يغادروا إلى دوائرهم منذ الانتخابات بل انقطعت اتصالاتهم نهائياً بمواطن الولاية، وكأن القضية محصورة في الفوز بالكرسي، ومن بعدها فليحرق المواطن وتموت قضاياه طالما أن الهدف قد تم، مما يعني أن فكرة الاستنفار لن تنجح بل لن تتحرك من مكانها في أمدرمان، لأن القيادة المطلوبة للحراك حولها جدل كبير وفاقدة للثقة من قبل جمهورها، وعليكم بمراجعة تعليقات المواطنين عبر صفحات ومواقع (الانترنت) لتستجلوا الحقيقة المجردة وردة الفعل من قبل أهالي الدوائر لتأكيد ما ذهبت إليه في بداية حديثي، بل ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك وأنهالوا بسياط النقد على بعض النواب مستصحبين المستندات والأحداث التي تمت في مناطقهم في ظل تجاهل أعضاء أفاضل بالبرلمان وغيابهم عن الدوائر لشهور عدة كان نتاجها هضم حقوق ومستحقات إنسان تلك المناطق التي كانت تظن خيراً في مرشحيها لتحرك أزماتها وإيجاد معالجات لها في المركز من أجل إصلاحات تعينها على رغد العيش.
{ بعض النواب لن يفيدوا في هذا الحراك ولن يتمكنوا من الوقوف أمام مواطنيهم في الولايات، بل لن يجرؤوا على إلزام الشباب في تلك الأماكن بالتحرك لسد الفجوات وحماية الوطن ضد تحركات الجبهة الثورية، لأن حبال الود مقطوعة منذ فترات طويلة، وعليه فإن الحراك المطلوب والإيجابي ينبغي أن يكون من قبل ولاة الولايات، ومن ثم الأجهزة التنفيذية الأخرى المتواجدة في الولايات من أجل تدعيمها وتحريكها بصورة تفيد الوطن وتجهز عتادها من أجل صد العدوان واستنفار المواطنين.
{ كثيراً ما نادينا بأهمية التواصل ما بين المسؤولين والمواطنين، ولكن لا حياة لمن تنادي، لأن المرآة تجمل القبيح وتظهر المحاسن التي لا يراها إلا صاحبها، لنكون الآن في الوضع الذي نعيشه على الواقع، في ظل تذمر بعض المواطنين وتهكم آخرين وامتناع الأغلبية، ورغم ذلك لابد لنا أن نفرض على “محمد أحمد” المسكين أن يتجاوب بالصورة المطلوبة مع الأحداث وأن يتسامى فوق الجراحات ومن بعدها فليرفع أوراق حسابه على الملأ ويطالب بحقوقه ومستحقاته، لأن من العار أن يكون ورقة ضغط على الحكومة في هذه الظروف التي تعيشها البلاد.
{ أدوا ما عليكم من واجبات ودافعوا عن السودان الكيان الكبير ضد السدنة والانتهازيين والخونة والمارقين ومن بعدها لوحوا بالإصلاحات التي ترونها في مصلحة العباد والبلاد.