ربع مقال
د. خالد حسن لقمان
تعتبر غزوة بدر الكبري أول و أكبر غزوات الاسلام التي وضعت هذا الدين في طريقه الصحيح عند بدايته وهي التي تشكلت بعدها الدولة الإسلامية علي وجهها الحقيقي وقد حدثت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة (الموافق 13 مارس 624م) بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي. وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة والمدينة المنورة.
بدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراضَ عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين.
كان عددُ المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وكان تعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مئتي فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريباً. وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلاً، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار .. نعم كانت هذه وبإختصار نتيجة واحصائيات هذه المعركة العسكرية التي فرقت بين الحق والباطل الي يوم القيامة .. ثلاثمائة رجل في مقابل ألف رجل وفرسان فقط في مقابل مئتي فرس ..!!!! .. ما أعظمه من انتصار تاريخي ما ضر بعده من شاركوا فيه أياً كان فعلهم الي دخولهم الفردوس الأعلى .. هكذا قال القائد النبي محمد صلي الله عليه وسلم وهو يربت علي صدور هؤلاء الأبطال و يضع عليها نياشين النبوة النورانية و علي أكتافهم نجوم الخلود التاريخي و على عرض و طول قامتهم العالية الفارعة وسام بدر الكبري من الدرجة العليا .. ستظل هذه اللوحة الشرفية الربانية المحمدية التي ترمز لانتصار الحق علي الباطل عصية علي أعداء هذا الدين القويم لانها رسمت علي جدارية القلوب المؤمنة العابدة الموحدة وختمت بختم الحق الأبلج و شهد عليها أبرار السماء النورانيين المخلدين .. ولن يضير ذلك مطلقاً انهزام الحاضر وانكساره بغياب الصديق و الخطاب وابن ابي قحافة و ابن ابي طالب و حمزة الأسد الهصور وفرسان الأنصار و شباب المهاجرين و رجالهم و نسائهم فموعد هذه الأمة عودة هذا المشهد المنتصر بكل جلاله وبهائيه وروعته يوماً ما بعد أن يأذن الله بسقوط أشباه الرجال الجبناء الخونة الذين وضعوا جباه الامة السامقة تحت أقدام سفهاء العصر و جلاديه الظالمين للانسان والانسانية المبرأة من فعل الظلم و القهر للشعوب الباحثة عن نور الحق وضيائه ..
نعم ..للأسف .. بدر الكبرى .. ذكري الانتصار في زمان الانكسار ..