ربع مقال
د. خالد حسن لقمان
.. مع تضاغط الزمن المقرر للمرحلة الثانية لسد النهضة الأثيوبي والإعلان المتحدي و المتكرر من أديس أبابا بشروعها في العمليات التمهيدية لتنفيذ هذه المرحلة في موعدها دون الالتفات للصراخ المصري السوداني الذي ملأ كل الأرجاء مع التهديدات المصرية والسودانية بنتائج وخيمة اذا ما حدث ذلك بالفعل .. هل ستلجأ مصر وبتأييد وربما مشاركة لوجستية سودانية الي استخدام القوة العسكرية لضرب السد .. ؟؟ .. الرئيس الامريكي السابق دونالد ترمب قال ان ذلك سيحدث وقد جاء حديثه هذا اثر فشل وساطته هو شخصياً لحل الازمة بوجود الثلاثة أطراف داخل مكتبه بالبيت الأبيض بتهيئة وترتيب حينها من وزير خزانته وكان الوفد الأثيوبي قد انسحب من جلسة البيت الأبيض هذه في آخر اللحظات مؤكداً علي موقفه المعلن برفض الموافقة علي اي تدخل خارجي يفرض وصاية ما علي مشروعه هذا الذي يعتبره مشروع نهضة حقيقية لاثيوبيا بجعلها أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في الاقليم وربما في العالم كما يصرح بذلك عدد من فنيي الجانب الاثيوبي .. ولكن ترمب ذهب بكل جنونه و دراماتيكيته المدهشة وتقلباته المثيرة للجدل فماذا عن العاقلين الآن سواءً كانوا في البيت الأبيض او في القاهرة او الخرطوم أو أديس أبابا .. ؟ .. هل سيصلون بالأمر الي هذه الدرجة من الخطورة علي منطقة القرن الافريقي الذي يبدو الآن في حالة حركة نشطة وغير خفية ليس فقط من جانب الامريكان الذين تعبر بارجاتهم و أساطيلهم العسكرية بآلياتها البحرية والجوية الآن البحر الأحمر جيئة وذهاباً بل من قبل غرمائهم الروس الذين دخلوا أخيراً وبجدية في هذا المجري المائي الاستراتيجي متسارعين في التمركز وبناء القواعد البحرية عليه .. وساكن البيت الأبيض الجديد يقول بأن اهتمام ادارته الآن لم يعد بالدرجة الأولي مركزاً علي منطقة الشرق الأوسط وان عزا بعضهم حديثه هذا لاتجاهه لملاحقة الصين ووقف زحفها الاسطوري للسيطرة علي الاقتصاد العالمي وبالتالي ازاحة امريكا العظمي من علي سدة السيادة الدولية الا ان الاهتمام الذي ابداه أخيراً جو بايدن بحركة الروس بدت أكثر اهتماماً فمن جهة يبدو الرجل مسرعاً لمواجهة ومحاصرة روسيا حتي لا تبتلع اوكرانيا ومناطق القرم العليا و السفلي و ما جاورها شمالاً و غرباً كما بدا اهتمامه متعاظماً بايران و تقليم اظافرها و تحجيم دورها في العراق مع اقلاق سوريا واستنزافها في معارك جديدة و لكن بايدن يرى الآن بوتن العنيد يقفز عالياً كما ولاعبي الجمباز الروسي الماهرين ليحط علي البحر الأحمر بالقرب من أكثر نقاط التوتر هناك فوجود روسيا في هذه المناطق يعني الكثير ليس للامريكان وحلفائهم في المنطقة فقط ولكن للموقف العالمي الآن من التوزيع الجديد للنفوذ الدولي عقب مرحلة العبور الاقتصادي الصيني واليقظة الروسية العسكرية الجديدة مع وصول بعض الدول ذات القفزات الاقتصادية الكبيرة الي دائرة التأثير الاقتصادي الفاعل كاليابان والبرازيل و بعض من دول آسيا و امريكا اللاتينية الأخري وكذا مع تبدل معادلات مواد الطاقة المحركة بتقدم البترول الصخري بقيادة الولايات المتحدة في مواجهة منتجي البترول الحيوي وعلي رأسهم الاتحاد السوفيتي نفسه وبجانبه دول الخليج
العربي .. ملخص كل هذا يقول أن سد النهضة قد دخل الآن أو كاد ان يدخل في حلبة هذه التحالفات الجديدة المتسارعة للملمة مواقفها و إعلان تمركزها علي نقاط مريحة لبداية حرب باردة جديدة سيكون الاقتصاد هو محورها الاساسي خاصة بعد انكماش الاقتصاديات الدولية و المتوسطة منها خاصة بفعل جائحة كورونا ووصول العالم لمرحلة تقارب الكساد و الفشل الاقتصادي .. وماذا يعني هذا ايضاً بالنسبة للموقف في قضية سد النهضة ..؟؟ .. ببساطة سينتقل هذا الملف خلال ايام او اسابيع قليلة و رغم أنف اديس أبابا و أبي أحمد ليتم تداوله علي منضدة دولية طرفاها الامريكان والروس و ربما الصينيون والاوروبيون وغالباً سيتم التباحث في هذا الاجتماع في مراحله الاولي في غياب اصحاب ( اللحم والشحم و الرأس ) في الخرطوم والقاهرة واديس ابابا .. سيعقد هذا الاجتماع الدولي تحت شعار : ( سد النهضة .. الآن اللعبة للكبار ).