الاعمدةربع مقال

ديمونة ..ابتسامات الآيات و زفرات الحاخامات .. !!

ربع مقال

د. خالد حسن لقمان

.. بالرغم من المنطق والعقلانية والحكمة التي تعاملت بها القوي الدولية منذ اسدال الستار علي مأساة الحرب العالمية الثانية في نهاية النصف الاول من القرن الماضي الا ان هذا العالم العاقل لم يستطع ايقاف كل الحريق البشري حيث شهدت الفترة مذ ذاك التاريخ والي يومنا هذا صراعات دموية شرسة وقاتلة ادت الي موت آلاف البشر بل ربما ملايين منهم اودت بهم حروب اقليمية عديدة سواءً في بعض اجزاء العالم الاول الذي سمي نفسه هكذا او غيره من الدول وفق نسق هذا التصنيف ليصيب الأذى الأكبر مرتبته الثالثة الموصوفة بالفقيرة والمتخلفة وهي التي عانت بالفعل شعوبها من كل صنوف القتل و التقتيل والتصفية العرقية و المهانة الجسدية لدرجة ضاعت معها كل القيم والأخلاق الانسانية التي يتشدق بها الآن من فعلوا ذلك من قوي استعمارية غاصبة للثروات ومنتهكة للأعراف و السنن الكونية الحميدة عبر اثارتها للفتن القبلية الناسفة لوحدة تلك الاقطار واستقرارها ليسهل عليها النهب المنظم للخيرات و الثروات .. ومع ذهاب سنوات شعارات الاستقلال و النزعات الثورية و الوطنية هنا وهناك بثوراتها و حركات نضالها .. تبين حتي لمن لا يملكون عقلاً ان صفحة الأذي البشري من هذا التعالي والظلم البشري لم تنقلب أبداً بل لونها من كتبوها بألوان زاهية اضاعت ملامحها الشرسة علي بدائيتها و ابدلتها ملمساً حريرياً زاهياً كما ولون الحية و ملمسها الا ان نتائج ذلك باتت مفضوحة و منظورة اذ ظل الغني غنياً والفقير فقيراً و الجاهل جاهلاً والمتعلم متعلماً و الصناعي صانع و منتج والآخر خامل ومستهلك بينما تحركت الثروات
من أرض من يملكونها من الفقراء إلى خزائن أغنياء ذلك التصنيف عبر الخونة والمأجورين .. هذه الصورة لعالم ما بعد نشوء الدولة اليهودية الاسرائلية وبروزها عقب حرب 48 باتت واضحة و محافظاً عليها من قبل العقلية الجمعية لاؤلئك المستعمرين إلا أن حرص هذا الكيان الاسرائيلي علي إبقاء هذه الصورة على محيطه وجيرانه الاقليميين كان لافتاً ومبالغاً فيه بفضل الدهاء والخبث الذي جعل تلك القوي الدولية المركزية خادمة ومطيعة له ولكن ما يحدث الآن بين هذا الكيان و الجمهورية الاسلامية الايرانية بدأ في نثر ذرات ماسحة ومشوهة لقسمات هذه الصورة لدرجة باتت تهدد بمسح ملامحها علي مدي قد لا يطول سواءً بوجود التحدي والتهديد الايراني او بغيابه ذلك بعد ان وضحت الرؤية و تعرت عناصر المؤامرة في مراكزها وأطرافها ولم يعد هنالك سوي تحرك الشعوب و انتفاضتها ضد هذا الظلم التاريخي وهاهي هذه الشعوب قد بدأت تفعل هذا من داخلها ضد خونتها وجلاديها لتتهيأ من ثم لمواجهة جلادها الأعظم و سارقها الأكبر وعندما يهتز هذا الكيان خوفاً وهلعاً ( علي عظمته الزائفة ) بسقوط صاروخ لم يبارح الارض علي ارض النقب قرب اكثر مناطقه سرية و حساسية أمنية جوار ديمونة الذي اريد له ان يكون رادعاً لكافة الشعوب و الجيوش العربية والإسلامية .. عند هذا الحد يدرك العالم الآن زيف الاسطورة و كذب القبضة الحديدية فبينما امتقعت الوجوه في تل أبيب انبسطت باسمة و ضاحكة وهازئة في طهران .. حدد لهذا الصاروخ هذا المسار واريد له هذا الحد دون نقص او زيادة ..ليس من الحكمة احداث كارثة .. هكذا تحدثت طهران و هكذا ارتعبت تل أبيب .. وبرغم عقلانيته تلك فسيعيد العالم ممارسة ضعفه تجاه منع حرب اقليمية جديدة في هذا الجزء الملتهب منه قد تمتد لتكون عالمية بفعل اشتداد حدة المواجهات والنزاعات بين قواه المركزية التي تعاني ما تعاني الآن من انكماش اقتصادياتها و انهيارها وتبدل ولاءات عناصرها وخروجها عن المعاهدات والمواثيق و الأحلاف الاقتصادية والسياسية سواءً في الشرق أو الغرب وهي التحالفات التي خرج بها العالم بعد آخر حروبه الكبري ليرتب عليها استقراره السياسي والاقتصادي طوال العقود السابقة وعندما تنهار الأعمدة و تتشقق الجدران و تهوي يسقط السقف علي من تحته .. وهو مشهد بات العالم مسرعاً تجاهه بسرعة اسطورية تزيد الآن من اتساع ابتسامة آيات خلفاء الخميني بمثل ما تزيد من امتقاع وجوه حاخامات أرض الجليل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية