ربع مقال
د. خالد حسن لقمان
قوات روسية في قاعدة ( فلامنقو ) علي البحر الأحمر تمنع قوات سودانية من الاقتراب من موقعها ..!!!!! .. ما هذا .. ما الذي يحدث في شرق السودان الآن .. ؟؟ .. الخبر يقول ان حركة الروس هناك بدت نشطة في التعامل مع آلياتهم العسكرية علي نحو مثير بحيث يمكن الفهم من هذا انهم يبنون وعلي عجل قاعدة عسكرية متكاملة هناك .. !! .. اسئلة عديدة ستتدافع بشدة في الأذهان خلال الساعات القادمة .. من هؤلاء ومن اتي بهم الي الاراضي السودانية أصلاً .. ؟ .. هل هنالك اتفاق بين الحكومتين السودانية والروسية علي تعاون ما عسكري بين الجانبين اقتضي هذا التواجد العسكري بحركته النشطة هذه .. ؟ .. وان كانت هنالك اتفاقية بالفعل بين الجانبين .. من وقعها مع الروس ..؟؟ .. هل هي الحكومة الانتقالية الحالية أم هي حكومة النظام السابق برئاسة عمر البشير ..؟؟ .. بالطبع يذكر الجميع تلك الزيارة المفاجئة التي طار فيها البشير ساعات طويلة الي روسيا ليلتقي الرئيس فلاديمير بوتن في موسكو وهو اللقاء الذي رشحت عقبه معلومات عن تفاهمات كبيرة بين الجانبين وقد سمع العالم الكلمات الواضحة المباشرة من فم الرئيس البشير لبوتين يطالبه بالتدخل العاجل والمباشر في الحالة السودانية وعدم ترك الامر للامريكان يزيدون من خناقهم الاقتصادي علي بلاده .. ولكن وان كان الامر كذلك فلماذا صمت الروس وسكنوا طوال هذه الفترة ليبدأوا الآن من الاستفادة من هذه التفاهمات عبر بناء قاعدة عسكرية لهم علي البحر الأحمر .. وماذا سيعني الوجود الروسي علي هذا النحو .. بالطبع لن يعني غير معني واحد وهو ان شرق السودان اصبح الآن قريباً من سيطرة عسكرية روسية علي بره وجوه وبحره .. !! .. المدهش ان هذا يحدث وقد اعلن مجلس الوزراء السوداني خلال الاسبوع الماضي تمزيقه لوثيقة المقاطعة التاريخية بين خرطوم اللاءات الثلاثة و الكيان الاسرائيلي وهو الأمر الذي تم عبر دور و ضغط امريكي معلن غير مخفي علي الخرطوم لتركب في قطار التصالح العربي مع اسرائيل وهو ما يعني ان قادة السودان الجدد بشقيهم المدني والعسكري قد حددوا وجهتهم و لبسوا مع بزاتهم العسكرية وجلابيبهم البيضاء برنيطة الكابوي الأمريكي وهو ما عززته العمليات الجراحية القاسية علي جسد الاقتصاد السوداني المسجي علي الارض في تماه سافر واتفاق صارخ مع ازرع الامريكان الاقتصادية بواجهاتها الاقتصادية المعروفة .. اذاً كيف اجتمع الشرق والغرب الآن علي المائدة السودانية .. ؟؟ .. ما الذي يحدث .. هل ضاعت هوية الدولة السودانية الآن تماماً لهذا الحد المختلط فيه الحابل بالنابل .. حادثة فلامنقو هذه لا شك ستعيد البعض لسيناريوهات التقسيم التآمري علي وحدة السودان .. هل بدأ هذا السيناريو بالفعل مما دعا الروس لسرعة استلام مواقع نفوذهم وسيطرتهم عليه وكأنهم يستعدون لالتهام نصيبهم من ( الكعكة) التي توشك ان تنضج و تستوي .. هذا السيناريو المفزع يقول المؤمنين به انه سيؤدي الي تقسيم الدولة السودانية وبالتالي ثرواتها التي ظلت ممنوعة الاقتراب او التصوير من قبل قوي مجهولة حرمت الدولة السودانية عبر كافة حكوماتها الوطنية المتعاقبة منذ الاستقلال في منتصف القرن الماضي
من الاستفادة من خيراتها والآن وقد احتدم الصراع علي الموارد والفرص مع انكماش الفرص الاستثمارية و تمدد التنين الصيني في مناطق النفوذ الاوروبي التاريخية في غرب ووسط وجنوب افريقيا وسيطرته علي النشاط التجاري العالمي وما يشهده العالم من تداعيات اقتصادية خطيرة بفعل جائحة كورونا .. يبدو السودان وفق هذا السيناريو كما واللقمة السائقة لسارقي الثروات الافريقية الذين لجأوا تاريخياً لاحداث الفوضي الخلاقة في الاقطار الغنية بالموارد المعدنية والثروات الاخري حتي تدخل في حروب قبلية تنتهي بدمار القطر بعد اضعاف حكومته و كياناته المدنية فتبدأ عملية السلب والنهب وهو نهج استعماري بديل لجأت اليه القوي الغربية الاستعمارية بعيداً عن صورة السارق و المغتصب بقوة السلاح وهو النهب الذي لم تفلح تجاهه هتافات بن بيلا ولا صرخات موقابي ولا ممانعات جومو كنياتا ولا حتي اهازيج مانديلا .. ولكن هل حقيقة يواجه السودان الآن هذا المصير المخيف وفق هذا السيناريو المفزع .. ؟؟ .. ولكن وأياً ما كانت آراء هؤلاء أو تكهنات أولئك تجاه هذا السيناريو التآمري فإن حادثة (فلامنقو ) الأخيرة هذه وضعت أسئلة حرجة وخطيرة حول هوية الدولة السودانية الآن .. من الذي يحكم السودان الآن ..؟؟
ما هي اتجاهاته الفكرية ومبادئه ومرتكزاته السياسية التي تحدد سياساته الخارجية وبالتالي ترسم خطوط ومنعرجات تحالفاته الخارجية مع دول العالم و أجسامها الاقليمية و مؤسساتها الأممية .. الإجابة علي هذه الأسئلة تبدو هامة بل شديدة الأهمية ليس لفهم ما يدور في (فلامنقو ) فقط ولكن لادراك ما يواجه هذا البلد من تحديات علي حقيقتها المجردة والواقعة دونما زيف أو تدليس علي شعبه الذي تكتنفه الآن الحيرة بمثل ما يحوطه الخوف علي حياته مستقبله.