المشهد السياسى
أزمة الثقة التي عاودت الحضور..!
موسى يعقوب
علاقة جمهورية السودان مع دولة جنوب السودان أخذت في الفترة الأخيرة منحنىً إيجابياً والوضع هناك يضطرب ولا يستقر.. والجوع والفقر يضربان المجتمع.. فقد كان في انفتاح الحدود بين البلدين وتبادل المصالح والمنافع وسعي جمهورية السودان لدعم الاستقرار والمصالحة بين الأطراف السياسية المتصارعة وفتح الأبواب للاجئين الجنوبيين، ما أعاد الثقة والأمل للعلاقة بين مواطني البلدين وقد كان لها غيابها قبل الانفصال وبعده.
ويشار في ذلك إلى أن الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بقيادة “عرمان” وحركات التمرد الدارفورية ووجودهما الدائم في دولة الجنوب ودعمها، كان عدم رضا وعلامة جفاء وتباعد في العلاقة بين الطرفين – جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان.
الأسبوع الماضي – (الخميس) 17 مارس – كان لمجلس الوزراء السوداني برئاسة الرئيس “البشير” قراره الخاص بأوضاع الجنوبيين المقيمين في البلاد، والذين كانت لهم معاملتهم الخاصة بأن يعاملوا بوصفهم:
– أجانب لدى تلقيهم الخدمات الصحية والتعليمية.
– فضلاً عن التحقق من هوياتهم واتخاذ الإجراءات القانونية حيال من لا يحمل جواز سفر وتأشيرة دخول رسمية.
وتلك إجراءات (روتينية) رسمية تطبق على كل أجنبي إلا أن الجنوبيين كانت لهم خصوصيتهم. ففي مجال التعليم فقط تجد أن (ثلاثين ألفاً) منهم يتمتعون بخدمات تعليمية.
السؤال – وهكذا الأمر والحال.، ما الجديد في الموضوع وقد وصل الأمر إلى مقام مجلس الوزراء وقراراته التي لا تكون إلا عبر ما يبررها..؟ ففي القرار نفسه هناك بعدان (سياسي وأمني) السيد رئيس الجمهورية ينطق بما يترتب عليهما. فالبلاد – جمهورية السودان الديمقراطية – لا تتلاعب أو تتهاون في أمنها وأياً كانت المصالح والمنافع الأخرى.
عليه وتبعاً لذلك فقد هددت الحكومة – كما جاء في القرار المذكور باتخاذ إجراءات لحماية البلاد ولو أدى ذلك إلى إغلاق الحدود مع دولة الجنوب مرة أخرى، وإذا لم تتوقف “جوبا” عن دعم التمرد في المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ودارفور.
ومعروف أن المنطقتين يسيطر التمرد فيهما (قطاع الشمال) بقيادة “عرمان” والذي هو أي (قطاع الشمال) جزء من الحركة الشعبية لتحرير السودان – الحزب الحاكم في دولة الجنوب.
وعندما كان السيد “ثابو أمبيكي” رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى في زيارة إلى “الخرطوم” بشأن الحوار مع الجهات الممانعة، والتقى السيد الرئيس في تلك الزيارة، فإن السيد رئيس الجمهورية قد نقل ما جاء في قرار مجلس الوزراء بالخميس إلى “أمبيكي”، مما يعني أن الحكومة تعمل على إنفاذ قرارها ببعديه الإجرائي والأمني والسياسي.
إن القرار بتفاصيله وقد نشر في الأجهزة الإعلامية (المقروءة والمسموعة والمشاهدة) إلى أن وصل إلى الجهات المعنية في الداخل والخارج.. وفي الخارج هنا نعني تحديداً دولة جنوب السودان التي تفاعل النطق الرسمي باسمها ووزير إعلامها السيد “ماكواي” مع القرار، ونفى دعم حكومة بلاده للحركات المسلحة. ودعا في نفس الوقت وحسب ما جاء في الحوار الذي أجرته إحدى الصحف- إلى أن يجلس الطرفان (حكومة السودان وحكومة جوب السودان) لحل القضايا العالقة والتي منها – لا ريب – دعم الحركات المتمردة المسلحة، ثم أضاف إلى ذلك أن حكومة بلاده لن تتخذ أي قرارات في الموضوع قبل أن ترى تطبيق قرارات الحكومة على أرض الواقع..!
وهنا نسأل السيد مكواي/ ها هي القرارات المتوقعة من حكومة بلاده غير التفاعل الإيجابي مع القرار السوداني- أي يما يطمئن على أن الحركات المتمردة غير موجودة هناك وغير مدعومة بشكل من الأشكال؟
إن دولة جنوب السودان هي التي تتأذى من إغلاق الحدود بين البلدين إذا ما حدث، فانفتاح الحدود له مردوده الاقتصادي والاجتماعي.
قي خاتمة هذا (المشهد السياسي) اليوم نقول بعد ما ذكرنا من تفاصيل في القرار والخبر والرأي الآخر: إن أزمة الثقة بين الدولتين قد عاودت الحضور إلى المسرح السياسي والدبلوماسي والأمني مرة أخرى، وربما نحو مفاجئ.. إلا أن السلطات العليا والمعنية في الخرطوم تعلم أوضاعها وأحوالها ومن ثم تتخذ من الإجراءات ما تراه، وفي الوقت المناسب وبالآلية المناسبة.
ونحن في الانتظار على كل حال لنرى ما يستجد ويطرأ في العلاقات بين “الخرطوم” و”جوبا” والعكس.. والله المستعان.