البطولة الزائفة
منذ خروجه من السجن بالعفو الرئاسي بات الضابط المتقاعد “ود إبراهيم” في دائرة الضوء الكثيف.. سواء بتوافد القيادات السياسية نحو منزله كعادة السودانيين في المطايبات والتآزر في الأفراح والأتراح أو بنشاطه الكثير وسط أهله بمنطقة العبيدية التي قرعت الدفوف ورفعت السيوف كما رواها الصحافي النابغة “طلال إسماعيل”. “ود إبراهيم” الذي قاد محاولة انقلابية شكك فيها من شكك وصدقها من صدق في بداية الاعتقال كان الكثيرون ومن بينهم هذا القلم يعتقد ويظن أنه اعتقل لأسباب أخرى لا علاقة لها بتدبيره للمحاولة الانقلابية.. وقد تكشف بعدها أن كل ما ذكرته الحكومة عن المحاولة الانقلابية صائباً ونحن المتشككين كنا على خطأ يتوجب علينا الاعتذار علناً لمساهمتنا في تضليل الرأي العام وإثارة شكوك حول حقائق دامغة.. حيث اعترف “ود إبراهيم” وجماعته من العسكريين بتدبيرهم للمحاولة الانقلابية ولكن الذي يحدث الآن شيئاً مثيراً للتعجب والدهشة.. أن يصبح الانقلابيون أبطالاً تحملهم الجماهير على الأعناق ويتوافد لزيارتهم بعض المسؤولين في جنح الظلام وآخرون من المفصولين والمبعدين من السلطة في رابعة النهار الأغر.. وشباب يهتفون ونساء يطلقن زغاريد ومقالات تمجد من سعى للانقلاب على نظام مهما اختلف الناس حول الكيفية التي جاء بها في 30 يونيو 1989م، إلا أنه الآن أصبح نظاماً ديمقراطياً أنتخب الرئيس “البشير” من الشعب وتعهد بإجراء الانتخابات في موعدها عام 2015م، فكيف (نهلل) ونحمل ضابطاً دبر محاولة انقلابية في هجعة الليل لتغيير نظام ديمقراطي. { نعم يعتبر اللواء “ود إبراهيم” من الضباط المجاهدين له إسهاماته في سنوات الحرب بجنوب البلاد وله دوره في الإنقاذ منذ مجيئها حتى انقلابه عليها، ولن يهضم أحد حقوق “الترابي” و”إبراهيم السنوسي” ولا “مكي بلايل” و”أمين بناني” ولكن أن ينقلب ضابط في القوات المسلحة على قائده ويحرض الجنود على قيادتهم ويخطط للقفز على السلطة والزج ببلادنا في مغامرة جديدة تبدأ بحظر الأحزاب وحل النقابات وإعلان الطوارئ وإغلاق الصحف وإصدار المراسيم الثورية من الأول حتى الألف. مثل هذا الفعل والسلوك ينبغي أن يواجه بالرفض والإدانة والشجب لا التحريض عليه كما تبدى ذلك من سلوك بعض المحيطين بالأخ “ود إبراهيم” ممن لهم أجندتهم التي دفعتهم (للتعلق) بالانقلابيين بعد أن عفا عنهم الرئيس ساعة مقدرة، وكان أحرى بالذين (التفوا) حول الانقلابيين إسداء الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية الذي صفح وعفا وتذكر صلات القربى وزملاء المهنة الذين سهروا معه الليالي لتنمو بذرة الإنقاذ في أرض السودان. ولكن أن يصبح “ود إبراهيم” وجماعته من الانقلابيين أبطالاً تحملهم الجماهير على الأعناق! لا يعدو هذا السلوك إلا تشجيعاً للتمرد على السلطة وتحفيزاً للانقلاب عليها، فبئس قصر النظر وعمى البصيرة لقوم لا يعقلون!