حوارات

الدكتور "أمين حسن عمر" وزير الدولة برئاسة الجمهورية وحوار الصراحة مع المجهر – 1

أصاب الدكتور “أمين حسن عمر” وزير الدولة برئاسة الجمهورية الرشاش من بعض المعارضين مدعين أن الدكتور “أمين” يمتلك مدارس كمبردج، وعدداً من العمارات الشاهقة ومعارض السيارات.. حاولنا من خلال هذا الحوار الذي أجريناه معه الاستماع إلى وجهة نظره فيما أثير ضده عن شبهة فساد بامتلاك لتلك المدارس، وما هي حقيقة مدارس كمبردج؟ ولمن تؤول تلك المدارس؟ وما صلته بها؟ وما حقيقة الميدان الذي خصصته المحلية بالخرطوم لتشييد المدارس فيه؟، هذا بالإضافة إلى العديد من الأسئلة المتعلقة باتفاق الدوحة الأخير مع حركة العدل والمساواة والجهات الداعمة لمشروعات البناء والإعمار بدارفور، ولماذا يتخوّف المجتمع الدولي من الحكومة وعدم التزامها بتوظيف أموال المانحين في المشروعات الخاصة بتنمية دارفور، وهل هناك اتصالات تجرى مع الفصائل الأخرى كفصيل “عبد الواحد محمد نور” و”مني أركو”؟ وكيف التعامل مع قطاع الشمال؟ ولماذا رفضت الحكومة الحوار معه واستجابت الآن، ولماذا تخوفها من “ياسر عرمان” إن كان على رأس وفد المفاوضين لقطاع الشمال؟ وكيف ينظر للقاءات التي تمت مع الدكتور “علي الحاج”؟ وما هي توقعاته للقاء الشيخ الترابي مع رئيس الجمهورية؟ وهل صراحة الدكتور غازي عن رئيس الجمهورية وعدم قبوله الترشيح للانتخابات القادمة هي التي أطاحت به عن الكتلة البرلمانية؟، هذا بالإضافة إلى عدة أسئلة أخرى فنترك القارئ مع الجزء الأوّل من حوارنا مع الدكتور “أمين حسن عمر”.. فماذا قال في إجاباته حول ما طرحنا عليه من أسئلة.
{ الفيس بوك مليء بكثير من المعلومات، يتهمونك بأنك وراء منح ميدان لمدارس كمبردج الخاصة بك، أو أنك شريك فيها، ما صحة ما يدور الآن؟
– ما يدور الآن عن فساد أو شبهة فساد ما هو إلاّ دعاية سياسية، وقد رأيت ما نشر على الفيس بوك عن مدارس كمبردج.
{ وما قصة تلك المدارس؟
– لقد منحت المحلية بولاية الخرطوم قطعة أرض لمدارس كمبردج لتنشئ عليها إحدى مؤسساتها التعليمية، ودفعت المدرسة فلوسها بحرّ مالها.. فإذا كانت المحلية اختارت هذا المحل أو ذاك فهذا أمر آخر يتعلّق بتقدير المحلية، التي من حقها تقدير المصلحة لقيام المدرسة بالمكان الذي رأت قيامها فيه، أو قيام أيّ منشط آخر أهم من المدرسة، ولكن في النهاية حوّل الأمر، وكأنه قضية فساد، والبعض يعتقد أن مدارس كمبردج تخصني أو هي مملوكة لشخص.
{ وما هي الجهة التي تتبع لها مدارس كمبردج؟
– مدارس كمبردج مملوكة للدكتور “صلاح عبد العزيز أحمد” وهو في الحسبة خالي وأنا كنت رئيس مجلس إدارتها وكل العاملين بالمدرسة يعلمون ذلك، وحتّى الأساتذة أيضاً يعلمون ذلك.
{ ولماذا هذه الضجة؟
– لأن البعض أثار أنّ المدارس تخصّني، وطالب بمقاطعتها، وسبق أن قلت للدكتور “صلاح عبد العزيز” بأن وجودي في رئاسة مجلس إدارة المدرسة سيخصم منك، ولن يفيدك، بل ستخسر أكثر مما تربح، والإثارة ضدّي لم تكن قاصرة على المدرسة، بل تعدّتها، فالبعض صور عمارات، وقال بأنها تخصني، والبعض صوّر معرض سيارات وادّعوا أيضاً أنه ملكي، فما يثار ضدّنا، هذا جزء من الضريبة التي سندفعها في الحياة السياسية، فهناك من يعارضونا بنزاهة، والبعض لا يعرف النزاهة لا في المعارضة ولا في الحكم ولا في المعيشة.
{ وماذا عن الفساد الذي يتحدث عنه الناس الآن ألم يوجد فساد؟
– ليست هناك دولة أو إدارة مطهرة من كل أوجه الفساد، فهناك فساد ظاهر، وفساد خفيّ، والخفيّ موجود في أي مؤسسة، وبنو آدم في أي لحظة يكون معرضاً للفتن المالية، فالإنسان الذي يستطيع أن ينزه نفسه طوال الوقت، أو يقول: أنا محصّن ضد كل شبهة أو فساد، فهذا إنسان مدعٍ ليس إلاّ، فالقضية التي تثار الآن تستخدم في الحرب السياسية، وواضح أن كل الأمور التي تثار عبر صفحات الفيس بوك تقوم بها جهات معارضة وتتبنّى مواقف معارضة (100%)، وعندما أثير موضوع المدرسة طلبت من بعض الإخوة الصحفيين أن يتحرّوا في الموضوع، وأن ينشروه للرأي العام.. لذا أنا أعتقد أننا في حاجة لبناء منظومة متماسكة.. ومتكاملة للنزاهة جزء منها مراجعة لبعض التشريعات وبعض منها اعتماد لتشريعات دولية مكافحة الفساد جزء منها.. ودعم المؤسسات النزيهة جزء منها لتمليك الحقائق والمعلومات واعتماد مبدأ الشفافية مع وسائط الرأي العام، فهذا كله ضروري ومهمّ، ومفيد لأي حكومة، فإذا لم تفعل هذا فسوف تستخدم الدعاية ضدها.
{ ألا تعتقد أن السلطة مفسدة؟
– الناس يعتقدون أن السلطة مفسدة، وهذا أخذوه من تجاربهم التاريخية مع كل الحكومات، لذلك سيكون هناك تصديق مبدئي لتصدير تلك الدعايات والجهد في رفع الشائعات سيكون أكثر تكلفة، لذا لا بد من إتاحة المعلومات، ومن الأفضل للحكومة رفع القيد عنها حتى تضيق المساحة التي يمكن أن تستغلّ في الدعاية المضادة.
{ ألم تكُن هناك جهات ليست لها علاقة بالإنقاذ فأفسدت فحسب ذلك عليكم؟
– كما ذكرت سابقاً لن يكون كل الناس مطهرين، ولكن أيضاً لا نستطيع أن نأخذ الناس بالشبهات والظنّ، فإذا بنيت أجهزة ومؤسسات فعّالة ترقب وترصد وتحاسب وتحاكم، ربما يأخذ بعض الناس على هذه الحكومة أو الحكومات السابقة سرعتها في ملاحقة ومجابهة الحالات التي ظهرت فيها شبهة فساد، وإذا كانت بطيئة وغير مرضية للرأي العام، صحيحٌ أنّ أمر القضاء عندنا بطيء، لكن ينبغي أن تكون لدينا آلية للإسراع في الحكم والقضاء في الأمور التي تثير الشبهة حول الأداء العام للحكومة أو الإدارة، ومن الصعب جداً إثبات فساد القيادات، ولا يمكن التوصل إليه بالأدوات القانونية، وأنجح السبل لسدّ طرقه باللوائح والنظم الوقائية، وفساد السياسيين يكون عن طريق استخدام المعلومات.
{ وكيف تستخدم المعلومة؟
يستفيد السياسي من المعلومة مباشرة أو إفادة من يهمهم الأمر بمعنى نادراً ما يذهب رجل دولة لاختلاس أموال من خزانة الدولة، فالشخص يختلس المعلومات التي تتوفر له للاستفادة منها.
{ يا دكتور هل هناك صراع داخل الدولة أو المؤتمر الوطني، فذكر الدكتور “غازي صلاح الدين” أن هناك من يحفر للآخرين كل كيان سياسيّ ينافس في الساحة السياسية.. لا بدّ أن يكون بداخله تنافس، وهناك تنافس نزيه، والبعض غير نزيه، وهذا طبيعيّ، فأنا لا أنفي ذلك، وهذه ليست قضية كبرى بالمؤتمرات فبعض الأفراد يعتقدون أنّهم يصلون للمراكز العليا لا بد أن يعوقوا وصول الآخرين، وإذا كان الدكتور “غازي” يعلم بالأشخاص الذين يقومون بالحفر فهو مسئول عن ذلك.
{ هل توجد مراكز قوى؟
هناك مراكز قوة في القيادة، فالرئيس له سلطات، ونوابه كذلك لهم سلطات، ورؤساء القطاعات كذلك، أما إذا تحدثنا عن مجموعات نفوذ داخل المؤتمر الوطني، فأسمع بعض الناس يتحدثون عن ذلك، ولكن لا أرى له شاهداً، ولا نستطيع أن نشير لجهات بالأصبع، ونقول بأن تلك المجموعة تتحرك عن الإدارة العامة، وربما بعض الناس أكثر تأثيراً على مراكز القدرة، وهذا موجود في كل الأحوال، ومسئولية ذلك تكون على الشخص القيادي، ويجب أن يستمع لآراء متعدّدة، ولأصوات متعددة قبل أن يصدر القرار، أما إذا جعلت القيادة آذانها أكثر استماعاً لمجموعة مخصوصة، سيأتي وقت من الأوقات ستصدر تلك القيادة قرارات غير متوازنة، لذلك لا بد للقيادة أن تستمع لآراء متعددة، وألاّ تجعل مجموعة معينة هي المرجعية للتشاور في كل قرار.. وإذا سألت لا بد أن تسأل أهل الذكر وأهل الذكر هم أهل العلم، وينبغي أن تكون المرجعية لهم، خاصة إذا كانت الأمور متعلقة بأمور صحية أو هندسية أو غير ذلك.
وكيف تنظر للحالة الاقتصادية؟ وما هو المخرج للاقتصاد السوداني؟
– نحن نعتمد على اقتصاد ريعي من غير الإنتاج، فالبترول سينضب في يوم من الأيام، ويجب علينا أن نعوّل على ما ننتجه بالعمل الاقتصاديّ، علينا أن نعتمد على جهد البشر في مجال الصناعة والزراعة والخدمات وتسلسل هبوط الدولار سيثبت الأسعار.. الآن نحن نستورد (80%) من احتياجاتنا، لذلك أصبح سعر الدولار مهماً جداً في تحديد الأسعار، وإذا كنا ننتج (80%) من احتياجاتنا لما كان الدولار مهماً في تحديد الأسعار، لذا حينما قلت بأن صادراتنا الريعية من البترول وغيره نقصت عائداتنا من العملة الصعبة وزاد الطلب عليها فلسببين:
السبب الأول أصبح الدولار مخزناً يخبّئه الناس ولا يتداولونه.. ثانياً أخطر بنك السودان لشراء الذهب بسيولة أعلى من السعر، وأصبحت السيولة في أيدي الناس.. ذهبوا بها إلى سوق الدولار واشتروا المنازل، لذلك ظل سعر الدولار يرتفع، فالعرض يزيد والطلب يقلّ، ولن يحلّ إلا بتدخل الدولة لاجتذاب عملات حرة من الصادر ومن خلال الاستثمار وإنتاج الذهب من خلال الشراكات الحكومية حتى لا تضطرّ لشرائه من الجمهور بأسعار عالية، فهناك عدة معالجات للاقتصاد السوداني، ولكن لن تؤتي أكلها سريعاً، لأننا لا نملك عصاً سحرية نعالج بها كل الأمور، كما يعالج المريض بالدربّات والحقن والحبوب حتى يدخل في طور النقاهة ثم الشفاء الكامل.
{ أصدر رئيس الجمهورية قبل أيام العفو العام عن الذين قاموا بالمحاولة الانقلابية هل يمكن للرئيس أن يعفو عن آخرين إذا قاموا بالمحاولة؟
– لقد أعفى السيد رئيس الجمهورية من قبل قادة العدل والمساواة، وهذه حركة كانت محاربة، فما هو وجه الغرابة في ذلك، فإذا أردت أن تهيّء المناخ لمرحلة جديدة فلا بد أن تعلن العفو، والذين صدر في حقهم العفو هم جماعة لهم خصوصية، وليسوا مجرد جماعة، بل هم إخواننا وجزء منّا غضبوا واتخذوا مواقف أمنية.. في وقت معين ولأسباب يعلمونها، ونحن نراها خاطئة.. ونرى موقفهم خاطئاً، ولكن أدبنا وديننا علمنا أن نعرف لأهل السابقة سابقتهم، ولأهل الفضل فضلهم، وإذا كان العفو متاحاً لهم ولغيرهم، فهم أولى بالعفو عن غيرهم.
{ ولماذا لم يشمل العفو “صلاح قوش”؟
– السيد الرئيس لا يعفو عن شخص قبل أن تكتمل الإجراءات القضائية، فهناك مجموعة لم يعفُ عنها حتى تنتهي الأحكام، ومن بعد ذلك يحقّ لرئيس الجمهورية إصدار قرار العفو، والرئيس يعفو عن حكم ولا يعفو عن محاكمة، فهناك فرق بين العفو عن الحكم والعفو عن المحاكمة، فالذي يمكن أن يسحب الأوراق من قضية من المحكمة ليس من الأسباب كقضية تخص الدولة هو النائب العام، وله الحقّ في سحب الأوراق، وفي هذه الحالة سلطة العفو ليست للنائب العام، وإنّما لرئيس الجمهورية فقط، لذلك أنا أتوقع أن يعفو السيد رئيس الجمهورية عن الأخ “صلاح قوش”، وهو لم يجرم جرماً مختلفاً، فهو يحاكم في نفس القضية و”صلاح قوش” صاحب فضل، وينبغي أن تراعى حالته كما روعيت حالة الآخرين، فالأمر الآن متعلق باستكمال صدور الأحكام حتى يتمكن السيد رئيس الجمهورية من إصدار العفو بشأنه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية