المرأة الحديدية
{ كلما اطلعت على السيرة الذاتية للمرأة الحديدية “مارجريت تاتشر”، أحسست بأن حواء قادره على قياده العالم في المرحلة المقبلة، رغم التكبيل والعراقيل التي توضع من قبل (آدم) الذي بات يتحسس مقعده، إبان إعلان أي نتائج تنصب في صالح (حواء) في كافة مجالاتها.
{ وابنه (البقال) أو صاحب الحانوت الذي كان في أسفل شقتها – التي احتضنت طفولتها- غيرت النظرة العقيمة تجاه حواء بشكل كبير، إذ إن المتمعّن لمسيرة البريطانية العظيمة يجد أن صراع المصاعب يمكن أن يطوع، إن استخدم فيه الذكاء والموهبة والحصافة التي تؤطر المطروح وتقلب الطاوله على الرؤوس، وهذا ما حدث لـ “مارجريت” التي بدأت حياتها من المدارس الحكومية، لأن أسرتها تعتبر من الأسر الفقيرة والمكافحة، حيث عملت والدتها (بالخياطة) وحرص والدها على تغذية عقلها بالكتب السياسية والمعلومات التي جعلت منها سياسية محنكة منذ وقت باكر، لتصارع الأمواج وتتصدر الاجتماعات وتجأر بصوتها ورأيها بشجاعة تحسد عليها من خلال مناشط الجامعة المختلفة التي حرصت فيها على التفوق ودراسة الكيمياء والقانون في ذات الوقت، إلى أن تمكنت من لفت الأنظار لها وتقدمت الصفوف وتمكنت من دخول بوابة البرلمان بنجاح كاسح مكنها من التربع علي القيادة بسهولة ويسر وبإعجاب كبير من قبل القاعدة السياسية التي رحبت بأطروحتها وعضدت بقاءها في أضابير العمل السياسي.
{ ومن هناك كانت الانطلاقة لهذه الأسطورة التي تعتبر ظاهرة سياسية خلال النصف الأخير من القرن العشرين، إذ تعتبر أول امرأة في تاريخ بريطانيا وأكثر الشخصيات شعبية، بل أول رئيس تم انتخابه ثلاث مرات، وفاز بنجاح كبير، حيث تربعت على كرسي الحكم لما يقارب أحد عشر عاماً، اتسمت فيها بالصلابة والجدية والنجاحات والإصلاحات والتحالفات بل والصلابة التي جعلت منها أسطوره زمانها دون منازع.
{ و”تاتشر” كانت من أميز الرياضيين، إذ إن نجاحها السياسي لم يمنعها من الاهتمام بالرياضة وتحقيق نجاحات ملحوظة تحسب لها، بالإضافة إلى الموسيقى التي كانت بمثابة الجانب الآخر من حياتها، وتتكئ على جدرانها كلما اشتدت عليها الأزمات وضاق الخناق، ليكون منزلها وأسرتها الصغيرة المنفذ الآخر لاحتضان كل الأوجاع والآلام، ليخلق منها قوة ضاربة متمكنة ومكتملة وقابضة على النجاحات المختلفة بيد من حديد.
{ رغم أن “تاتشر” قد غادرت الحكم بمحض إرادتها وطوعها في التسعينات، إلا أن نجاحات ظلت حاضرة في كل مكان وزمان، لان التاريخ قد دون كل نقاط القوه والإيجابيات التي جعلت بموجبها بريطانيا دولة عظمى وقوية بفضل آرائها ومقترحاتها وحلولها التي كانت بمثابة الانفتاحات التي وضعت الدولة في بداية المشوار الطليعي.
{ “تاتشر” تستحقّ أن نتناول سيرتها بإعجاب، وأن نتمعّن في دفتر حضورها وحراكها ونجاحها وعزيمتها، لنستمدّ منها العزيمة والقوة والثبات والحضور والعراك الفعّال من أجل الوصول إلى المرامي والأهداف، وتحقيق نجاحات الذات، ضاربين عرض الحائط بمخططات الفشل الغبية والمتاريس المقصودة، حتى تكون المرحلة القادمة تحت عنوان (حواء حاضرة وستظل).
{ “تاتشر” عاشت عظيمة، وماتت كذلك.