تصريحات "كاشا"
{ لابد أن نتوقف أولاً عند قرار تعيين الدكتور “عبد الحميد موسى كاشا” “والياً على شرق دارفور، باعتبار أن الرجل رفض المقترح في فترة سابقة بتداعيات مختلفة قد تبدو منطقية لرجل الشارع العادي ولكنها معقدة ومتشابكة للمتابع السياسي الذي يتقن قراءة ما بين السطور، وعليه فإن الخبر قد كان بمثابة المفاجأة لعدد مقدر من السياسيين.
{ وقبول “كاشا” للتكليف الجديد وضع العديد من علامات الاستفهام خاصة أن الوالي الجديد قد ملأ الصحف والمواقع الإلكترونية في وقت سابق بتفاصيل مختلفة دار معظمها حول شح وزارة المالية وخلافاته مع الوزير “علي محمود”؛ الأمر الذي دفعه للمغادرة ورفضه للتكليف في تلك الفترة الحرجة من تاريخ دارفور. وبتسارع الأحداث وتداعيات الأزمة في تلك المنطقة خاصة بعد مرض واليها السابق، ظهر اسم “كاشا” على سطح المشهد السياسي من جديد، ليتم إعلانه والياً على ذات المنطقة التي ادعى أن قيادتها أمر عصي خاصة أن أهل منطقته يأملون في إصلاحات واسعة من قبله؛ الأمر الذي يعتبره مستحيلاً في ظل تعنت الوزير الاتحادي المسؤول عن خزينة الدولة.
{ ويبدو أن “كاشا” قد وجد طمأنات أو حلولاً جذرية لأزمته الأخيرة مع وزير المالية، وعمل على إيجاد منافذ مالية تعينه على تنفيذ المشروعات المطلوبة، وإلا فإن موافقته قد تبدو مخاطرة كبيرة لا معنى لها قد تضع الوالي في مواجهة مع أهله وعشيرته التي ترى في قيادته خيراً وفيراً ومستقبلاً زاهراً، والملاحظ أن “كاشا” قد وضع خارطة جديدة لقيادة المنطقة ولكنه لم يوضح لنا كيفية تنفيذ ما يخطط له في مخيلته، في ظل الضائقة المالية التي تعيشها الدولة، مما يصعب مهمة الوالي الجديد الذي يريد أن يبني دولته ومنطقته بشكل مختلف.
{ أمس الأول تحدث “كاشا” عن إستراتيجية خاصة بالأمن والعلاقات مع دولة الحركة الشعبية الحاكمة باعتبار أن المنطقة متاخمة للجنوب، بالإضافة إلى سياسة التقشف التي أعلنها عبر اللقاء الأخير في الخرطوم وقفل بموجبها (ماسورة) الصرف البذخي وفي مقدمتها الإيجارات والسيارات وتذاكر السفر للخرطوم التي أرهقت خزينة الولاية الجديدة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ما تم طرحه أمام قيادات دارفور أمس الأول سيعمل على حل مشاكل الولاية؟. المتابع الحصيف يؤكد أن الأمر في غاية الصعوبة بل يبدو مستحيلاً في ظل ما نراه على سطح المشهد الآن.
{ لابد أن يعلم “كاشا” أن الالتزامات والوعود ستضمن في قائمة المطلوبات بعد أيام قلائل، لذا فليتحسب الرجل لتصريحاته وليتوارَ عن أجهزه الإعلام قليلاً؛ حتى يتمكن من قيادة الدفة وقراءة الأحداث وسط عشيرته، ومن ثم تقييم ما يمكن أن يتم وما سيتمكن من إرجائه إلى حين إشعار آخر، لأن أهل دارفور لن يتفهموا ما يدور ما بين المالية وواليهم الجديد، ولا يهمهم إن وجد “كاشا” المال أو صعب عليه تنفيذ المشروعات الإستراتيجية في مقبل الأيام، لأن الاتجاه سيكون فقط منتظراً التنفيذ.
{ شرق دارفور قطعة من نار جهنم في ما يختص بالأمور المالية والالتزامات لولاية جديدة، وعليه فإن العمل فيها لابد أن يتم بهدوء وبسياسة الكبار وتعقل ودبلوماسية القادة، لأن (الثرثرة) لن تفيد ولن تجدي ولن تُسمع، بل لن تجد من يتفهم كل حيثياتها المطروحة.
{ أوقف التصريحات يا “كاشا” لأن الحديث المنمق والعنتريات لن تصنع بطلاً ولن تنجز وعداً ولن تخدم المسؤول عنها.