أخبار

استحوا يا (نوّاب)!!

{ يُحكى أن امرأة تزوجت من رجل يعشق النساء وصاحب (عين زائغة) للدرجة التي يمكن أن يهمل أعماله من أجل الركض من خلف النساء على مدار اليوم، مما أدخل زوجته في حالة يرثى لها، بعد أن وصلت إلى طريق مسدود مع تصرفاته غير المسؤولة، وطريقته المقززة التي ينتهجها في الحياة، وفي ذات يوم غادرت الزوجة إلى منزل والدها في الشارع المجاور لمنزلها لتفاجأ بشقيق زوجها يعاكس في إحدى الحسناوات في آخر الطريق، فانهالت عليه بالضرب والشتيمة بهستريا، جعلت الشرطة تفشل في فض الاشتباك، فجاء المثل القائل: (الغلبها راجلها جاءت تأدب حماها)!!
{ تذكرت هذه الرواية وأنا أقرأ تصريحاً منسوباً لعدد من نواب البرلمان يطالبون فيه الرئيس بقرار رئاسي يلزم الفتيات بالزي الشرعي، وكأنما مشاكل الدولة قد حسمت وأزماتها قد انتهت (فالشوارع فاضية والمواصلات سهلة والسلع على قفا من يشيل وبأسعار هادئة بل رمزية)!! بالله عليكم ألا تستحوا من مثل هذه الترهات التي تطلقونها علينا صباح كل يوم، هل انتهت مشاكل الفساد وغلاء الأسعار والمشاكل الإدارية والمحسوبية والبطالة والفقر وغلاء التعليم وتجاوزات المسؤولين، وأضحت الحكاية الزي الشرعي للنساء؟!
{ فشل نوابنا الأكارم في وضع الوزراء على طاولة التصحيح ولم يتمكنوا من وضع حد لكل المشاكل التي تواجه المواطنين الذين انتخبوهم، ففكروا في إيجاد طريق آخر يلفت لهم الأنظار ويعيد مجدهم من خلال هذه الأطروحات الغريبة.
{ قبل عدة أيام تحدث أحدهم قيل إنه من لجنة الحسبة وطالب الوزيرة المحترمة “إشراقة سيد محمود” بارتداء الحجاب، لأن الثوب السوداني لم يعد كافياً ومغطياً كل أجزاء الجسد حسب نظره، ليتدخل في الخاص المعمم وينبري عبر وسائل الإعلام ويمثل دور الواعظ الحق الذي يريد أن يعيد توازن الحياة والمجتمع من خلال وزيرة يشهد لها بالكفاءة والاحترام.
{ وقبل أسبوعين اشترط وزير الشباب والرياضة استمرار المناشط النسوية (بأسلمة) الرياضة النسوية، وإلا فإن الوزارة لن تسمح بأي تنافس لمهيرات السودان، فالمواهب الذكورية كافية ويمكن أن تؤدي المطلوب باسم السودان ولا داعي لأن تشارك المرأة في أي منشط أو تفاعل رياضي قبل ارتداء الزي الشرعي.
{ الملاحظ لكل الحيثيات التي يتحفنا بها بعض المحسوبين على المسؤولين يتبين أن السودان في أزمة حقيقية من قبل الدولة وأجهزتها المختلفة، لأن معايير الفهم تختلف من شخص لآخر بل تتبلور وتنفرد بالقرارات حسب وجهه نظر الأقلية، ظناً منهم أن أسهل الطرق للوصول إلى القيادة الإدلاء ببعض التصريحات التي توضح أن الشخصية (مسلمة شديد) وحريصة على الدين وتطبيق الإسلام بحذافيره.
{ بالله عليكم هل بحثتم في تصرفات الرشوة المنتشرة في بعض المكاتب الحكومية، وهل حاولتم أن تنادوا بعقوبات رئاسية حاسمة تمنع المحاباة وتضع المذنب تحت طاولة القانون، وهل تفاكرتم في التصرفات غير المسؤولة من قبل بعض المحسوبين على الدولة و(صبينة) بعض الشيوخ وركضهم خلف المراهقات واحتساء الخمر وتعاطي المخدرات، وهل شاهدتم ما يدور في كثير من الشقق المفروشة داخل السودان وخارجه، وهل سمعتم بالسرقة المقننة في المكاتب المختلفة ونهب أموال الشعب والمؤامرات والدسائس والقطيعة المنتشرة بين الرجال والنساء، وهل تشاورتم في زنا المحارم وشذوذ البعض وعقوق الوالدين والجشع وطمع التجار واستثناءات الوزارات ومحسوبية بعض الوزراء، وهل علمتم بعدد الفقراء والمساكين والمشردين والعطالة والبطالة والنخاسة والهرج الذي يدور في شوارع الخرطوم؟!
{ الدين يا سادة لا يتجزأ، والدين يا أكارم يعمم وينفذ بحذافيره، لذا واجب عليكم قبل أن تطالبوا الرئيس بفرض الزي الشرعي على مهيرات بلادنا، فعالجوا كل ماهو مخالف لشرع الله ولدين رسوله محمد صلي الله عليه وسلم، ومن ثم فإن ارتداء الحجاب سيكون (هينا) في ظل هذا الزخم من التجاوزات الدينية.
{ استحوا يرحمكم الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية