أخبار

يوم قصير

{ أمضيت وثلة من الصحافيين يوم أمس في مدينة “كادقلي” حيث بدأت أولى خطوات تنفيذ الاتفاق الأمني بين السودان وجنوب السودان بوصول المراقبين من الدولتين من الوطنيين والمراقبين الأجانب من الإثيوبيين وقوات (اليونسيفا) ذات القبعتين (الأفريقية والأممية) المقيمين في القطاع الرابع كادقلي.
{ اختار مولانا “أحمد محمد هارون” المبادرة واستباق الولايات الحدودية بعقد ورشة ولائية اختار لها عنوان “معاً لإنفاذ سلس وفاعل لاتفاقيات التعاون” جمعت القيادات في المحليات الحدودية وزعماء الإدارات الأهلية وقيادات الأحزاب السياسية بالقيادات الاتحادية من الوفد المفاوض “إدريس محمد عبد القادر” كبير المفاوضين والفريق “عماد عدوي” نائب رئيس الأركان والفريق “يحيى حسين” والدكتور “المعز فاروق” وتبدى في الورشة تباعد المسافات بين المركز والولايات، حيث تكشف من أحاديث المعتمدين والتشريعيين والقيادات الأهلية جهلهم التام بنصوص اتفاقيات التعاون مع دولة الجنوب، ورغم محاولات مولانا “أحمد هارون” شرح نصوص الاتفاقيات، إلا أن درس اليوم الواحد لا يؤهل صاحبه لتحقيق النجاح.
وسجل “إدريس محمد عبد القادر” كبير المفاوضين اعترافاً بأن اتفاقية “نيفاشا” التي انتهت بفصل الجنوب اعترت تنفيذها صعوبات وعثرات خلال الفترة الانتقالية، لكنه وضع حداً فاصلاً بين اتفاقية في إطار بلد واحد واتفاقية بين دولتين.
{ ومن المفارقات التي تثير الدهشة أن الأجهزة العسكرية والأمنية بسطت للمؤتمرين في “كادوقلي” معلومات عن اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية جعلها يسيرة الفهم لبساطة اللغة التي تحدث بها الفريق مهندس “عماد عدوي” وهو ضابط يملك قدرات تعبيرية يفتقر إليها كثير من القادة السياسيين.
وبدا من سياق المعلومات التي بسطها الفريق “عدوي” في الورشة أن الترتيب لإنفاذ اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية كان سابقاً للتوقيع حيث ذهب عدد من ضباط القوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن لتلقي دورة تدريبية في إثيوبيا لعدة أشهر وتم تخريج الضباط من الدولتين قبل التوقيع النهائي بين الفريقين (عبد الرحيم وجون كونق) وزيري دفاع البلدين أخيراً.
فهل كان الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والوسطاء الأجانب على علم مسبق بأن توقيع الدولتين على الاتفاقية الأمنية أمر حتمي؟ وكيف انخرط الطرفان في أنشطة تدريبية قبل التوقيع على الاتفاق نفسه ؟!
وشكل التفاوض مع قطاع الشمال حضوراً لافتاً في المشهد السياسي بكادوقلي حينما طلبت القيادات والفعاليات من الحزب الحاكم وحلفائه والمعارضة والنظام الأهلي بتحصين اتفاق التعاون بالوصول لتسوية نهائية للنزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ حتى لا تذهب كل جهود التسوية بين الدولتين هدراً تحت رماد الحرب، وحينما يصدح أهل الحق الخاص برغبتهم وأشواقهم لا يملك آخرون تقرير مصائرهم نيابة عنهم. وقد قال كبير المفاوضين إن الحكومة التي تقف بعيداً عن رغبات مواطنيها لا تمثل مصالحهم.
{ بدت “كادوقلي” أمس في عافية معنوية على الأقل وهي تقبل على تنفيذ اتفاق التعاون بهمة وروح ليت بقية ولايات التماس تمضي في دربها حتى لا يلقى اتفاق التعاون مصير “نيفاشا” التي هزمتها أخطاء التنفيذ والانقسام الداخلي قبل أن يجهز عليها العالم الخارجي بإغراء الجنوبيين بالذهاب إلى سبيلهم بعيداً عن السودان الذي كان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية