في ليلة تأبين (الحوت) ردد الجميع (كلماتك لسه صداها جميل ودمعاتك لسه على المنديل)
في أمسية حزينة توشحت بالسواد، احتشد جمهور ومحبو المطرب الراحل الشاب “محمود عبد العزيز” ليلة أمس الأول (السبت) لتأبينه وتقديم لمسة وفاء له بمسرح (نادي الضباط) الذي ضاقت جنباته باكراً بالحضور الكثيف.
حقاً كان المشهد مهيباً للغاية لعشاقه الشباب بحضور أسرته وأمه الخالة “فائزة” التي بمجرد حضورها صاح الجميع (حوتا حوتا الجان الجان)، وتجدد الجرح وانسابت الدموع من جديد حزناً على رحيل “محمود” ليلة تأبينه واجترار الذكريات مع أغنياته الطروبة.
جاءت لمسة الوفاء التي قدمتها فرقته الموسيقية التي لازمته طيلة مشواره الفني بقيادة الموسيقار الملحن والشاعر رفيق دربه الأستاذ “يوسف القديل” أعظم وأجمل ما في التأبين، إذ قامت الفرقة بعزف عدد من أغنياته الشهيرة غناها الجمهور الغفير في حالة حزن وحب عميق وهي (منو القال ليك بنتحمل فراق عينيك) (الودعو ارتحلوا) (أمل موعود).
ونجحت مجموعتا (أقمار الضواحي) و(محمود في القلب) في تنظيم ليلة التأبين التي رعتها شركة (شلضم) لتنظيم الحفلات، وكان لتوافد كبار المطربين أثر كبير في نفوس جمهور “محمود” الملقب بـ(الحواتة)، حيث حضر “عبد القادر سالم”، “محمد الأمين”، “محمد ميرغني”، “اللحو” و”سيف الجامعة”، ومن الشباب “فرفور” ، “وليد زاكي الدين”، “معتز صباحي”، “محمد حسن حاج خضر” وآخرين، بجانب حضور عدد من شعراء الراحل على رأسهم شاعر (خوف الوجع) و(ما تشيلي هم) الأستاذ “إبراهيم محمد إبراهيم”، كما حضر رفقاء دربه في العمل الفني والمسرحي.
الجمهور الكثيف شارك في ترديد أغنيات (الحوت) وبصوت هادر رددها مع المطرب “عبد القادر سالم” (حليوة يا بسامة الفاتح نسامة)، كما اعتلت في مشهد أنيق فرقة (عقد الجلاد) المسرح وشدت برائعة محمود (الفات زمان) وكان أداء أعجب وأسحر كل الحضور، إضافة إلى ذلك ووسط صيحات الحضور الهيستري صعد المطرب “الهادي الجبل” وتغنى برائعته (أمل موعود) وبكى الجميع مع (كلماتك لسه صداها جميل دمعاتك لسه على المنديل)، وعندها اشتد عناق جمهوره من الشباب بكاءً حاراً.
عدد من الأغنيات للراحل كانت تردد في حفل التأبين منها (لهيب الشوق)، (متألقة)، (كدا برضو تفوتنا وتنسانا)، (الفات زمان) و(العصفور) لـ”النور الجيلاني”، زادت الشجن وتفاعل معها عشاقه في الترديد بصوت عاٍل وطروب وهم يحملون صوراً و (بوسترات) للراحل.
كما تحدث عدد من المطربين عن مآثر الفقيد ومسيرته الفنية الحافلة بالإبداع المدهش حتى أضحى المطرب الأمل المحبوب والذي كان له جمهور غفير لا يضاهيه فنان آخر. وكرم المنظمون عدداً من الشخصيات الفنية التي لازمت “محمود” في حياته منهم الأستاذ “يوسف القديل” بجانب عدد من المطربين الحضور ووالدته الحاجة “فائزة” وأم توأمه وأبنائه ومجموعاته.
* “عبد القادر سالم”: “محمود” فنان استثنائي
تحدث إلى الحضور الأمين العام لاتحاد المهن الموسيقية “د. عبد القار سالم” الذي قال إن “محمود عبد العزيز” فنان استثنائي، والدليل على ذلك وجود الكم الهائل من عشاقه، وهذا الحضور لم يسبق مثيلاً ولن يحدث قريباً، وأضاف لابد من الوفاء وهذا الوفاء رأيناه من مجموعتي (أقمار الضواحي) و(محمود في القلب) و(الحواتة) جميعاً، وأتمنى أن تستمر كل المشاريع التي بدأها الفنان “محمود”. وأشار إلى أن (الحواتة) قوى لا يستهان بهم، وقال موجهاً عبارة قوية لـ(الحواتة) قائلاً: (أنتم صمام الأمان للموسيقى السودانية).
وتغنى بأغنية (حليوة با بسامة) التي قال عنها إن الفنان “محمود” أعطى هذه الأغنية إبعاداً جديدة، وختم حديثه (فلتعش ذكرى الحوت وسيظل “محمود” باقٍ في القلوب والأجساد).
* الموسيقار “محمد الأمين”: (الحوت أمتعنا كثيراً)
وتحدث أيضاً الموسيقار “محمد الأمين”، في البدء حيا كل (الحواتة) وقال نحن اليوم نلتقي في هذا المكان لتأبين فنان إنسان أمتعنا بصوته وأدائه المتفرد، وأرجو منكم جميعاً أن تترحموا على روحه.
* “محمد ميرغني”: “محمود” ولدي
وقال الفنان “محمد ميرغني”، “محمود عبد العزيز” من أول وهلة عرفته فناناً وتنبأت له بمستقبل حافل من النجاحات، وقال إنه أول من سمع “محمود عبد العزيز”، فهو فنان صاحب صوت متفرد ويتجسد ذلك في اختياره للأغنيات الصعبة لكبار الفنانين، وأضاف “محمود” والدي وشقيق لأبنائي لذلك أهديته أغنية (حلو العيون)، لكن الظروف لم تسمح له تقديمها.
* والدة الراحل حاجة “فائزة”: شعوري لا يوصف
قالت والدة الفنان الراحل حاجة “فائزة” إن شعوري لا يوصف وسعادتي غامرة بهذا الجمع الكريم، وما شاهدته أشعرني أن ابني ما زال عائشاً، عرفت أن ابني رحل ولكن لديه ملايين الأبناء من (الحواتة)، وناشدت كل الحضور بإكمال المنظمة (الحواتية).
* “اللحو”: الحوت أعطى الكثير للشعب
قال الفنان “علي إبراهيم اللحو” إن “محمود” أعطى هذا الشعب الكثير، فهو إنسان جميل وصوته مميز لن يُنسى بالساهل وترحم على روحه.
* شاعر خوف الوجع: (الحواتة) من حقهم
قال الشاعر “إبراهيم محمد إبراهيم” الذي تعامل مع الفنان الراحل بأجمل أغنياته (خوف الوجع، ما تشيلي هم، لهيب الشوق)، قال إن (الحواتة) من حقهم أن يعشقوا كل هذا العشق لفنان أعطى الفرح لكل واحد منهم، وقال عنه في مرثية (لو كان الموت غيَّب الحوت حنظل نرتاح في حلو الصوت، فيظل الجان إنسان فنان، في قلوب الناس منحوت منحوت).