أخبار

لقاء السحاب

{ لا حديث في الوسط السياسي السوداني إلا عن لقاء القصر والمنشية الذي تناولته الصحف بحذر وأمل وترقب، إذ أن اللقاء يحمل في باطنه آمال وتطلعات الإسلاميين في المقام الأول، خاصة أن وحدة الصف صارت هاجساً يؤرق المجموعات المعارضة والمتفرجة التي فضلت الابتعاد بعد الأزمات الأخيرة وتباينت فيها الرؤى والأفكار في القرارات المفصلية والمصيرية، مما يعني ضمنياً أن أشواق الإسلاميين باتت من أهم الأجندة التي تتصدر المباحثات، أو دعونا نقول المفاوضات، لأن إزالة الخلاف بينهما يعني نسف المعارضة المسلحة وفجرها الجديد او الكاذب كما قال الأستاذ “الهندي”، لأن كلمة السر في كل الحراك الموجود الآن في ساحات المعارضة بيد الشيخ “الترابي”، لا غيره.
{ ورغم أن الاجتماع ما زال في علم الغيب حتى هذه اللحظة، إلا أن الجدل يتصدر كل المجالس والأمكنة، ما بين مؤيد للفكرة والخطوة ورافض لها، رغم أن الأغلبية ترى أن قضايا السودان وأزماته تكمن في جلسات للتصافي والتعافي وإزالة الرواسب التي تزاحمت وامتدت لثلاث عشرة من السنوات، مما يعني أن إمكانية التفاكر قد تبدو معقدة منذ اللحظات الأولى، لأن الطبيعة البشرية تشير إلى احتقان مستتر ما بين القلوب، يحتاج إلى تشريح وتنظيف وتضميد قبيل النقاش في الملفات الساخنة والمصيرية في السودان.
{ وتطلعات الإسلاميين ينبغي أن تكون الخطوة الثانية، لنتمكن من لم الشمل الإسلامي، ومن ثم فإن أبواب الحوار في بعض القضايا يمكن أن تجد طرقاً واسعة للحل، لأن الكل سيكون في حالة استعداد لتهيئة الأجواء وتقريب وجهات النظر من أجل حل مشاكل السودان ونجاح الفكر الإسلامي والتجربة السياسية الجديدة.
{ واستمعت لبعض الشروط الموضوعة من قبل بعض القيادات في المؤتمر الشعبي، وأجد أن الوقت لم يحن بعد للتصريحات السلبية وإبداء العدائية دون مبرر، لأن السياسة التي انتهجها الوطني في هذه المرحلة ينبغي أن نعض عليه بالنواجذ كسودانيين في المقام الأول، ومن ثم التفكير في التشفي أو تحقيق طموحات الذات ورغبات الدنيا، وليكن النظر للقضية ككل، لأن النظرة الضيقة للقضايا والأزمات خصمت من رصيد السودان ودفعت به إلى مؤخرة الدول الأفريقية والعربية.
{ لقاء السحاب ما بين الرئيس وزعيم أمة السودان المشير “البشير” ورئيس المؤتمر الشعبي، خطوة إيجابية لا بد أن تكون أمراً واقعاً وملموساً، وأن تتجاوز مرحلة همس المجالس وآراء الصحافة والسياسة، لأن البلاد ما عادت تحتمل مزيداً من الجراحات والنزيف، خاصة بعد انفصال الجنوب والمؤامرات التي تحاك من دول العالم.
{ أعتقد أن الشيخ “الترابي” يمكن أن يساهم بقدر كبير في حل أزمات البلاد الآن، لأن الرجل يستند على خلفية سياسية ضخمة، بالإضافة إلى علاقاته الواسعة داخل وخارج السودان، الأمر الذي يدفع به في مقدمة الأوراق المعتمدة لحلول قادمة تصحح المعوج وتسد الثغرات، رغم أنني ما زلت أخشى التركيبة العقيمة للدكتور “الترابي” وتمسكه ببعض القضايا الانصرافية التي أحسب أن وجودها لا جدوى منه، مما يشير إلى نسف اللقاء قبل أن يبتدئ، ولكننا ما زلنا نأمل في حسابات منطقية للشيخ والتعامل بوعي كبير يبين أن زعيم الشعبي حكيم للأمة جمعاء، لأن الشعب السوداني قد مل هذه الأسطوانات المشروخة وسئم من الطريقة التي تتحدث بها المعارضة، بل أضحى يشكك في نواياها وأهدافها.
{ والدكتور “الترابي” لا بد أن ينظر لدفاتر التاريخ ويتمعن في القادم وما يمكن أن تخطه الأقلام ليصبح تاريخاً يخصم من رصيد الرجل ويدفع به بعيداً عن قوائم العظماء والسياسين الأماجد، لأن الحسبة هنا ستكون مختلفة تماماً.
{ والرئيس “البشير” صار علامة فارقة في تاريخ السودان، وجلوس الرجل مع “الترابي” يعني أن الرئيس حريص على إغلاق كل الملفات قبيل مغادرته الحكم، ليترك أرضية صالحة وصعبة تمكن القادمين من الاستمرار بذات الحيوية والثبات والمبادئ التي اعتمدت عليها الإنقاذ طوال مسيرة حكمها في البلاد، الأمر الذي يتطلب أن تكون هناك بعض الدبلوماسية والتنازل لتعبر السفينة إلى بر الأمان.
{ هواجس وآراء متباينة وكواليس تحكي قصص وحكايات ما سيتم في اللقاء، ولكننا ما زلنا في مقاعد المتفرجين ننتظر ما يمكن أن يكون في مقبل الأيام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية