شهادتي لله

في انتظار (لقاء القمة)

{ انفردت (المجهر) بخبر ترتيبات لقاء (البشير – الترابي) أمس الأول، ورغم ثقتنا في مصادر الزميل “طلال إسماعيل” الموثوقة، إلا أننا كنا نتوقع (نفي) الخبر أو التقليل من قيمته وإمكانية تحققه، وذلك على لسان أحد قيادات (المؤتمر الشعبي) وليس (الوطني)، لأن الأخير – بحسابات السياسة – مستفيد بدرجة أعلى من مثل هذه الأخبار، واللقاءات التاريخية عزيزة المنال.
{ لكن (الشعبي) (لم) ينفِ، وحسبما علمت من مصادر قريبة من (الشيخ) فإنه ( لن) ينفي!
{ إذن، اقتربنا مما كنا ندعو إليه طوال الأشهر الماضية، وتحديداً منذ توقيع بعض ممثلي القوى السياسية وحركات التمرد على ميثاق ما يسمى (الفجر الجديد).
{ اقتربنا من البشريات.. ومن (لقاء القمة الحقيقية) الذي سينهي رحلة طويلة امتدت لثلاثة عشر عاماً من الصراعات الدامية، والحروبات، والمرارات والإحن والمكايدات.. السجون والمعتقلات والمضايقات والملاحقات والملاسنات.
{ هذه هي دعوتنا، ورسالتنا السياسية والمهنية الحقة، أن تتصدى الصحافة الوطنية – دائماً – لدورها ومسؤوليتها العظيمة في تقريب وجهات النظر، وتشجيع الحوار والتلاقي.. التصافي والتعافي بين زعماء القوى السياسية (المؤثرة) في بلادنا.
{ لقاء “البشير” و”الترابي” أهم من أي مفاوضات، سواء مع دولة الجنوب، أو مع حركات التمرد في دارفور، أو مع (قطاع الشمال)، ليس لأنه سيوحد (الإسلاميين) ويعيد البلاد إلى مربع (التسعينيات) الأول، فلا عودة إلى ذلك العهد، ولا مجال إلى حكم الرأسين (البشير – الترابي) مرة أخرى، فقد تجاوزت الظروف والأحداث والوقائع تلك (الفكرة)، و(الخطة) و(المشروع).
{ نحن لا ندعو إلى التقارب بين “البشير” و”الترابي” من أجل (تمكين جديد)، ولا انفراد مستمر للإسلاميين بالسلطة، بل اعترافاً بواقع أن “الترابي” هو زعيم (المعارضة) الأكثر عداء للنظام، والأقدر فعلاً على (الأذى).. تحت الحزام وفوقه!!
{ وقناعتنا أن ضرب (النظام) الحاكم (بعنف) في أي منطقة يعني ضرب الاستقرار في بلادنا، لتدخل في (دوامة) لا أول لها ولا آخر.
{ والشيخ “الترابي” يعلم ذلك جيداً، ولهذا فإنه يردد كثيراً أن سقوط النظام (فجأة) وعن طريق (العنف) سيجر البلاد إلى غياهب الفوضى والظلام السرمدي.
{ والنظام، وقائده “البشير” – بالمناسبة مصطلح (نظام) ليس سبة لكنه وصف أخرج عن معناه وسياقه الحقيقي – لا يسعى للقاء “الترابي” لأنه في أضعف حالاته، ويلفظ أنفاسه الأخيرة، بل على العكس، في رأيي هو – الآن – في أقوى حالاته، خاصة بعد الشروع في تنفيذ الاتفاق مع الجنوب، وتوقيع اتفاق مع جناح مهم في حركة (العدل والمساواة).
{ لقاء قطبين كبيرين و(متنافرين) في الساحة السياسية، يعني بالضرورة المزيد من الأمل.. المزيد من الاستقرار، وهذا ما كان يؤكده باستمرار الأستاذ “الحاج وراق”، القيادي الشيوعي (السابق)، عقب مفاصلة (الرابع من رمضان)، حيث كان يردد باستمرار في مجالس ومنتديات الخرطوم أن (وحدة الاسلاميين، مهما اختلفنا معهم، هي ضمانة حقيقية لوحدة واستقرار السودان).
{ وإذا كان هذا هو رأي السيد “وراق”، فمن باب أولى أن يكون رأينا، ورأي الكثير من أبناء الشعب السوداني.
{ غير أننا في حاجة ماسة إلى أن نهمس جهراً في أذن الشيخ “الترابي”: لا تفرط في فرض الشروط، ولا تتمسك بسقف عال، كن (وسطياً) كما عرفناك، مرناً كما عهدناك، منفحتاً، ومنبسطاً على كل الخيارات.. لا تأبه لدعوات (المتطرفين) من أهل الغلواء الذين يريدون أن يحبسوا البلاد في زنزانة التجاذبات والصراعات والفرقة إلى ما لا نهاية، لأنهم يعلمون أنهم (أرقام بين قلة)، و(أصفار وسط كثرة)!! والضحية السودان.
{ في انتظار لقاء القمة.. أينما كان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية