الاعمدةشهادتي لله

مصادرة ممتلكات “فضل محمد خير” .. (الهمبتة) الثانية !!

أين لجنة الاستئنافات يا سيادة الفريق "البرهان" و كيف تسمح بتشريد سفراء الدولة و مخازن أسرارها ؟!

شهادتي لله
الهندي عزالدين

مع كل يوم (مُصَادرات) جديد تثبت لجنة إزالة التمكين برئاسة الفريق الركن “ياسر العطا” أنها لجنة للتشفي و الانتقام ، كما قال رئيسها في نقده الذاتي لبعض قراراتها ، وهي لجنة تخالف الوثيقة الدستورية الأصلية و المعدّلة ، في مادة الحقوق التي تحفظ للمواطن السوداني حريته و كرامته و ممتلكاته و حقه الطبيعي في التقاضي أمام القضاء العادل و النزيه .
ما هي علاقة رجل الأعمال المعروف السيد “فضل محمد خير” بالسياسة ؟! و هل كان من رموز النظام السابق لتصدر لجنة التفكيك و التمكين الجديد قراراً هوائياً أخرقاً بمصادرة كل ممتلكاته ؟! مَنْ مِن رجال الأعمال السودانيين المعروفين لم يكن له معاملات و علاقات بالنظام السابق ؟! أذكروا لي اسماً واحداً .
تعرض السيد “فضل محمد خير” للظلم القبيح من النظام السابق في إطار تصفيات وصراع مصالح بين مراكز ضغط طرفها رجال أعمال و منافسون في السوق ، ويتكرر المشهد الآن بحذافيره في نظام الحرية و السلام و العدالة !! فيا لبِئس العدالة !
ما فعله مدير جهاز الأمن و المخابرات الفريق “صلاح قوش” مع “فضل محمد خير” لم يكن (تسوية) ، بل كان (همبتة) و ابتزاز و (قلِع) باستخدام القوة العسكرية و الأمنية للدولة في مواجهة مواطن أعزل ، لا ذنب له سوى أنه ثري ، يملك مالاً غزيراً وفيراً طمعوا فيه ، فاعتقلوا صاحبه ، و ابتزوه أثناء الاعتقال (بدون قانون)، و فرضوا عليه التنازل عن بعض ممتلكاته و التوقيع على الورق ويداه في الأغلال و السلاح فوق رأسه !! مشهدٌ مأخوذ من أفلام (البلطجة) و عصابات المافيا .
مثل هذه (الهمبتة) لم نرها و لم نسمع بها في تاريخ السودان السياسي و الاجتماعي منذ أن رفع “الأزهري” علم الاستقلال المجيد و إلى عملية “قوش” الظالمة تحت عنوان خادع و كذوب ( القبض على القطط السمان) !! بينما القطط السمينة كانت تتفرج خارج الأسوار و تضحك على فيلم (الآكشن) المعروض في تلك الأيام على الشاشات التابعة لمدير الجهاز .
صادر “قوش” أسهم المواطن “فضل محمد خير” في مصنع أسمنت (السلام) ، و قهره و أذلَه بإرهاب الأمن على توقيع شيك بمبلغ (عشرين مليون دولار) ثم أثناء حبسه في زنازين الجهاز ، فتح الباب لشركائه في (تاركو للطيران) السيدين “سعد بابكر” و “قسم الخالق محمد” للذهاب للمحكمة و إدعاء أنهما طرفان متنازعان على أسهم شركة الطيران ، أحدهما الشاكي و الثاني مشكو ضده ، فصدر حكم (رضائي) بأيلولة أسهم “فضل محمد خير” (60%) إليهما !! هكذا وبمنتهي السهولة .. غدرا بشريكهما المحبوس في زنازين الأمن !! ليخرج من المُعتَقل فيجد من يقول له بكل بجاحة و قوة عين ( اتفضل اطلع بره .. ما عندك سهم واحد في تاركو) !!
و لدي مشاهد و مشاهدات في موضوع (تاركو) لابد من الإدلاء بها في محكمة الرأي العام الأعدل من محكمة “قوش” و محاكم التفكيك الإعلامية .
في العام 2016 م .. كنتُ مديراً لقناة (الخضراء) الفضائية بجانب عملي في صحيفة (المجهر السياسي) ، اتصلتُ بالمدير العام “سعد بابكر” إذ تربطني به معرفة سابقة لمعرفتي بالأخ “فضل محمد خير” ، وكنا قد خاطبناهم كقناة لرعاية برنامج غنائي يقدمه شاعر الحب و الجمال الرائع “التجاني حاج موسى” ، وافقوا على الرعاية كعادتهم في الإعلان بالقنوات السودانية ، لكن المدير العام “سعد” قال لي عبر الهاتف بالنص ما لا أنساه : ( أنا صلاحياتي للتصديق لحدي 99 ألف جنيه ، ما زاد عن 100 ألف يصدِّقه رئيس مجلس الإدارة فضل محمد خير)!!
و بالفعل صدّق “فضل محمد خير” على قيمة الإعلان ، و كان مبلغاً متواضعاً قياساً لرعايات أخرى .. فقط (150) ألف جنيه .
تخيلوا – يا سادتي- مدير عام و صاحب (25%) من أسهم الشركة ، و حدود صلاحياته في التوقيع لا تتجاوز (100 ألف جنيه) في شركة إيراداتها مئات المليارات من الجنيهات !! ثم يأتي هذا المدير محدود السلطات ليطرد هو و شريكه “قسم الخالق” (زول غامبيا) السيد “فضل” الشريك الأكبر في الشركة !! أليست (همبتة) ؟!
أمس أعلنت لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو مصادرة جميع ممتلكات السيد “فضل محمد خير” !! كدا بس .. حكم محكمة قضاتها “محمد الفكي” و “صلاح مناع” و “وجدي صالح” !!
حدث هذا مِن على منبر مؤتمر صحفي من داخل القصر الجمهوري الذي يجلس على سدة مكتبه الرئاسي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن ” عبدالفتاح البرهان” !!
رسالة مصادرات الأمس مفادها أن اللجنة تُعلن للناس قراراتها الجديدة من القصر الجمهوري ، و هذا رد على الذين دعوا لحل اللجنة و استبدالها بمفوضية محاربة الفساد ، و أهم المطالبين بذلك رئيس اللجنة نفسها عضو مجلس السيادة الفريق الركن “ياسر العطا ” !!
ما هي الحيثيات التي بنت عليها اللجنة مصادرة ممتلكات رجل الأعمال “فضل محمد خير” ؟!
أنه اختلس أموالاً من وزارة المالية أو النفط ؟! أنه كان وزيراً و استغل نفوذه ؟! أنه كان رئيساً للجمهورية و ثبت فساده و استغلاله سلطاته؟!
لا .. و لا .. و لا ..
طيب ما هي التهمة ؟
لديه مرابحات صورية في بنك الخرطوم كما زعم “قوش”و شركاء “فضل” الذين وضعوا أيديهم على (تاركو) و شريكهم في الحبس ؟!
ما هي الجهة الرسمية التي تحدد .. هل تلك المرابحات حقيقية و تم الوفاء بها أم لا ؟!
الجهة الرسمية المختصة في مثل هذه القضايا المصرفية (الداخلية) هي إدارة الرقابة و التفتيش في بنك السودان المركزي و من فوقها محافظ البنك .
هل للسيد “فضل” مرابحات جارية لم يفْ بسدادها حسب المواقيت المحددة ؟ لا أظن .
و إذا وجدت .. كم مليار جنيه عجز عن سداده لتتم مصادرة ممتلكاته مقابلها .. (عقار سعره كذا .. مقابل مرابحة صورية قيمتها كذا) ؟!
و هل المبالغ الهائلة التي (قلعها) “قوش” من “فضل” ذهبت لبنك الخرطوم .. البنك موضوع المرابحات ؟! أين ذهبت ال(20) مليون دولار التي نالها “قوش” من “فضل” عنوةً و إرهابا ؟!
إن قرارات لجنة التفكيك بمصادرة أموال و ممتلكات السيد “فضل محمد خير” يشبه قرارات (الإنقاذ) بمصادرة جنينة و منازل السيد “محمد عثمان الميرغني” في بحري و الخرطوم ، مطلع تسعينيات القرن الماضي ، و قد عادت (الإنقاذ) بعد سنوات قليلة و أعادت البيوت لصاحبها ، بل اضطرت لصيانتها بميزانيات ضخمة !!
إنني أتساءل : أين لجنة الاستئنافات التي تنظر في قرارات لجنة التفكيك و قد كانت حسب منطوق القرار برئاسة الفريق “إبراهيم جابر” و عضوية السيدة “رجاء نيكولا” و آخرين ؟! متى اجتمعت ؟ و متى نظرت في استئناف مقدم لديها ؟!
إنني أدعو الرئيس ” البرهان” إلى تشكيل لجنة استئنافات جديدة ، ما دام الفريق “جابر” قد ترك مهمته و مسؤولياته الرسمية و الأخلاقية بموجب قرار تشكيل اللجنة ، و لا يريد أن ينصف المظلومين من قرارات التفكيك ، و الأهم أن يصدر رئيس مجلس السيادة قراراً بتعيين قضاة المحكمة الدستورية المنتهية ولايتهم لتنظر المحكمة في عشرات الطعون التي تنتظرها .
و غير موضوع “فضل” .. كيف يسمح رئيس مجلس السيادة بتشريد خبرات و كفاءات الوطن النادرة و الاستثنائية بفصل عشرات السفراء ، مرةً بعد أخرى ، بحجة أنهم (سفراء التمكين) !! وهل الذين تركتموهم من سفراء لم يعملوا في عهد (الإنقاذ) و لم يرقيهم الرئيس “البشير” و لم يبتعثهم سفراء للسودان في دول العالم ؟! ما الفرق ؟ لماذا لم يفصل “البشير” سفراء (يساريين) و (جمهوريين) ظلوا يعملون بالخارجية بعد العام 1989 و حتى اليوم ؟!
إن السفير في بعض دول اسكندنافيا لا يحال للتقاعد مطلقاً ، إلاّ بالموت أو المرض الذي يمنعه العمل ، و السبب أن السفير مخزن معلومات ، و أسرار دولة، و خبرات طويلة قد لا تتوفر و لا تتكرر .
السفير – أي سفير – مثل ضابط القوات المسلحة ، لا ولاء له بعد دخوله عالم السلك الدبلوماسي إلا للمهنة ، حيث يحلق بعيداً فوق الانتماءات الحزبية الضيقة ، و يتربى في المحطات الخارجية على الولاء للدولة و خدمة الشعب بكافة انتماءاته .
السفير مثل الفريق جيش أو شرطة أو أمن ، فإذا فصلوا عشرات السفراء ، فليفصلوا الفريق أول ” البرهان” و الفريق أول “حميدتي” و الفريق أول “كباشي” و الفريق “ياسر العطا” و الفريق “عبدالرحيم دقلو ” .. فمن الذي رقاهم لرتبة عقيد وعميد و لواء و فريق ؟ أليس المشير “البشير” ؟!
إنني أدعو السيد الرئيس “البرهان” إلى شطب قرارات إحالة جميع السفراء ، و إعادتهم للخدمة من أجل المصلحة الوطنية العليا . فليعمل رئيس مجلس السيادة الذي أصدر قرار لجنة التفكيك ، عمل لجنة الاستئنافات ، ما دامت لجنة الاستئنافات مُعطلة .
أخيراً .. ثق تماماً أخي “فضل محمد خير ” .. أن الله قاهر الجبارين سينصرك ، ستعود لك كل حقوقك و ممتلكاتك .. طال الزمن أو قصر .. فالظلمُ ظُلمات .. الذنبُ لا يُنسى .. و الديّان لا يموت .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية