الاعمدةشهادتي لله

مجلس الشركاء .. هل يُصلِح ما أفسدته (حكومة النكسة)؟!

صدر أخيراً .. قرار رئيس مجلس السيادة الفريق أول “عبدالفتاح البرهان” بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية (من سلبياته وجود شقيقين من العسكريين) ، لتنتهي حقبة سوداء كالحة تصدرتها مجموعة سياسية كسيحة هي قوى الحرية والتغيير (قحت) و رئيس حكومتها الهائم الحالِم “عبدالله حمدوك” .
مجلس شركاء الفترة الانتقالية هو مجلس (سياسي) يمثل الحاضنة السياسية لمكونات الحكم في الفترة الانتقالية ، و هي : المكون العسكري ، قوى الحريةوالتغيير و الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا .
مجلس الشركاء هو الذي يتولى عملية تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة وإعادة تشكيل مجلس السيادة بموجب الإجراءات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية واتفاقية السلام ، وفق الأنصبة المحددة لكل طرف (25% من الوزارات للحركات الموقعة على الاتفاقية، وزارتا الدفاع و الداخلية للمكون العسكري ، بقية الوزارات لقوى الحرية) .
قبل تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية كان المجلس المركزي للحرية و التغيير هو المسؤول عن تشكيل مجلس الوزراء و مجلس السيادة في الشق المدني ، وتوجيه الحكومة سياسياً و تنفيذياً ، فآلت المهمة الآن لمجلس الشركاء .
لقوى الحرية (14) عضواً بمن فيهم رئيس الوزراء (كان يمثل حزب الأمة القومي (2) في مجلس (قحت) فلماذا الاعتراض الآن ؟) ، للمكون العسكري و أطراف العملية السلمية (13) عضواً في مجلس الشركاء و(2) يمثلان مؤتمر سلام الشرق .
إذن الحاضنة السياسية الجديدة مقسومة إلى نصفين متساويين ، نِصفٌ يدعو للتوافق الوطني و إحقاق العدالة عبر سلطة القضاء ، و نصفٌ آخر عمل على احتكار الثورة والحُكم لنحو عامين ، و ألقى بخصومه في السجون وصادر أموالهم و ممتلكاتهم بعيداً عن المحاكم .
الأسوأ من احتكار القرار السياسي ، هو الفشل الذريع الشنيع في إدارة الدولة !!
فقد بلغت معدلات التضخم في السودان أرقاماً مخيفة و غير مسبوقة في تاريخه منذ استقلاله في الأول من يناير عام 1956م ، و حسب الجهاز المركزي للإحصاء وصلت نسبة التضخم لشهر أكتوبر (229.8%) ، بينما كانت في شهر سبتمبر (212%) ، و ارتفعت نسبة التضخم في المناطق الريفية لشهر أكتوبر إلى(259%) !!
و اقترب سعر الدولار في السوق الموازية نهاية هذا الأسبوع من (270) جنيهاً !! و جن جنون أسعار جميع السلع الاستهلاكية ، و انهار المواطن السوداني المسكين أمامها ، و ما تزال صفوف الخبز و البنزين و الجازولين ممتدة على امتداد ولايات البلاد ، دون أدنى أمل في زوالها .
و في خضم هذه الأوضاع المأساوية ، اجتمع المجلس المركزي للحرية والتغيير أمس ليقرر تجديد الثقة في رئيس (حكومة النكسة) “عبدالله حمدوك” !! و قال بيان صادر عن مجلس الخيبة أن المجلس جدّد ثقته في “حمدوك” لما يتمتع به من إجماع سياسي و قبول شعبي !! و نفى المجلس أن يكون قد اتخذ قراراً باعفاء جميع الوزراء من مناصبهم ، موضحاً أنه ينتظر تقريراً لتقييم أداء الوزراء بطريقة علمية !!
أبعد كل هذا العجز و الفشل اليومي الماثل للعيان في كل مرفق و قطاع ، تنتظرون تقارير أداء لوزراء النكسة ورئيسهم الهائم الحالِم؟!!
مَنْ سيكتب هذه التقارير من جماعة الخراب و التشليع ؟!
لقد صار السودان (خرابةً) كبيرة ، فلا مؤسسة تعمل ، و لا اقتصاد ينمو ، و لا طريق يُعبد ، و لا مستشفى تُعالِج ، و لا وزير يتابع ، و لا ميناء يفرغ الحاويات ، و لا مطار يمنع التهريب !!
هل رأيتم رئيس حكومة النكسة دكتور الزراعة يتفقد مشروع الجزيرة ؟! هل رأيتموه في نشرات التلفزيون يرأس اجتماعاً في مباني بنك السودان للبحث في معالجات لارتفاع الدولار و تهريب الذهب و كيفية زيادة الصادرات ؟! هل زار المخزون الاستراتيجي؟ هل يعرف كم قيمة طن القمح بالدولار في الأسواق العالمية و هل فاتورة الدعم حقيقية أم مضخمة من شركات المطاحن ؟! هل يعرف “حمدوك” قيمة طن البنزين المحمول على بواخر البحر الأحمر و كم تكلفة الجالون المنتج في حقل “بليلة” ؟! هل زار حقول “هجليج” و جلس بين العاملين (في الواطة) كما كان يفعل وزير البترول (الأول) مفجِّر طاقات السودان “عوض الجاز” ؟! هل زار “حمدوك” سد مروي ؟! دعك من السد البعيد .. هل زار “بري” و “بحري” الحرارية ؟!
ماذا يعرف “حمدوك” عن مستشفياتنا المتهالكة .. عن النظام الصحي الذي لم يعد نظاماً بعد الحادي عشر من أبريل 2019م ، هل سأل لماذا لا تتوقف إضرابات الأطباء الذين أضربوا نهاية العام 2018 ليُسقِطوا النظام الحاكم ، فسقط ، ثم سقط النظام الصحي تبعاً له ، و هاهم مُضربون !!
جدّد مجلس (قحت) الثقة في “حمدوك” ليُجدِّد في قلوب أهل السودان الفجيعة و تقيم في ديارهم المصيبة !!
لم يبق لشعبنا المحسور من أمل في تغييرٍ باتجاه الشمس ، إلاّ بفعل مختلف نترجاه مثل (سِيد الرايحة …) في أداء القادمين الجُدد بمجلس شركاء الفترة الانتقالية ، لتصحيح مسار الحكم الانتقالي المُعوج ، و نفخ الروح في مؤسساته الميتة ؟!
فعل يفعلها قادة الجبهة الثورية الذين قدّموا بعد وصولهم الخرطوم عرضاً سياسياً رائعاً ، سحب البساط من تحت أرجل ساسة عهد الكراهية و الكساد ، و خطف الأضواء من العسكريين ؟
لقد فعل العسكريون كل شئ لإرضاء (قحت) و نشطائها ، فسجنوا بدون محكمة ، و صادروا بدون قانون ، فما كسبوا شعبهم و لا أرضوا ربهم ، ومضوا في درب الغي سادرين ، يوقعون على قوانين الغرب (الماسوني) التي تحارب شرع الله و تضرب قواعد الدين، و ثوابت العرف و كريم الأخلاق في المجتمع السوداني الطاهر الشريف ، فنزل عليهم غضب الله ، و أفلست خزائن الدولة ، و زاد الغلاء ، و حل البلاء ، و انتشر الوباء ، و انهار الاقتصاد في بلدنا ، دون غيره من الدول المجاورة النامية و المزدهرة رغم الجائحة ، ففي “مصر” القريبة التي فقدت مليارات الدولارات من عائدات السياحة بسبب (كورونا) ، ينخفض الدولار كل يوم و يفتحون طرقاً بستة مسارات و يبنون عشرات الكباري الطائرة !!
أملنا أن تقدم الجبهة الثورية عرضاً في الجهاز التنفيذي يشبه عرضها السياسي المطروح نظرياً ، فينصلح حال الدولة المائل .
فهل تكون قدر هذا التحدي الكبير ؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية