أخبار

سبدرات يفند خطبة النائب العام حول اتهام الرئيس المعزول البشير و آخرين بتدبير إنقلاب الإنقاذ

الخرطوم – مني ميرغني

نسف الأستاذ عبد الباسط سبدرات ممثل دفاع الرئيس المعزول عمر البشير وآخرين ، اليوم الثلاثاء خطبة النائب العام مولانا تاج السر علي الحبر حول اتهام الرئيس المعزول عم البشير و آخرين بتدبير انقلاب الإنقاذ على الديمقراطية الثالثة ، وذلك في جلسة المحكمة بمعهد تدريب الضباط شرق الخرطوم .
وسمح القاضي عصام الدين إبراهيم للدفاع بتقديم خطبته علناً أمام محكمة الرأي العام و أجهزة الإعلام استجابة للطلب الذي تقدم به المتهم على عثمان محمد طه . وقال سبدرات للمحكمة بأنه سيفند الخطبة التي تلاها النائب العام جملة وتفصيلاً ، و بدأ بالترحم على المحامي علي محمود حسنين الذي كان له السبق في تحريك هذا البلاغ والذي جعل مثول المتهمين في قفص الاتهام أمراً ممكناً ، مضيفاً بأن النائب العام لم يذكر الأصحاب الذين صحبوه في الهجرة لمكتب النائب العام وهو ثالث أربعة ، مقراً بأن العريضة التي حركت البلاغ هي ذات العريضة التي قدمت للمحكمة ونأخذ باعترافه على البلاغ 5650 وهو الذي فتحت به الدعوى هو ذات البلاغ الذي أصدر النائب العام قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق فيه الأمر الذي جعله يجمع بين الشاكي و وممثل الإتهام و منصب النائب العام .
ولفت سبدرات إلى أن النائب العام في خطبته قال إن هذه هي المحاكمة الثانية من نوعها في مسيرة التطور القانوني في السودان .
وأوضح سبدرات في رده على الخطبة إلى أن السودان شهد عدة إنقلابات عسكرية و الذي يتم في هذه المحاكمة لم يحدث مطلقاً ولم تشهده البلاد، وهي أول محاكمة خرقت مبدأ قانونياً ظل متيناً وثابتاً منذ تأسيس القضائية والنائب العام هو مبدأ التقادم المنهي للخصومة ، والذي كتب لأول مرة في الدستور “الوثيقة الدستورية” أن يسقط ويبطل نص المادة 38 كيدا كبيرا ومكرا ماحقا وباطلا مأثوما، واشار إلى أن هذه أول محاكمة يقدم فيها قادة رأي عام وزعماء أحزاب ومفكرين و رؤساء وعسكريين ومدنيين حول انقلاب عسكري ، قادته قيادات عسكرية وصادقت على قيامه كل الوحدات العسكرية وأصبح ثورة ونظام لثلاث عقود ، و اعترفت به الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية .
وأضاف سبدرات أن الدليل على ذلك أن أول انقلاب على الشرعية القائمة وقتذاك سلمته القيادة الشرعية في البلاد للقوات المسلحة وجبة على صحن من رضا السيدين الجليلين اللذين يتناسل منها أكبر حزبين طائفيين ديمقراطيين . وتساءل سبدرات هل تم تقديم قادة حزب الأمة المدنيين للمحاكمة، ورد على نفسه بالنفي (لا) . وأضاف أن البرلمان المنتخب في عام 1965 ، حصل فيه حزب الأمة على عدد 92 مقعدا ، وحصل الحزب الوطني الاتحادي على 73 مقعدا وتكونت حكومة إئتلافية بين الحزيبن برئاسة السيد محمد أحمد المحجوب ، وقدم للجمعية التاسيسية طلب لا لمحاكمة المدنين الذين سلموا السلطة للعسكرين وانما للتصويت على محاكمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الفريق عبود ومجلسه العسكري وصوتت الجمعية التأسيسية على الاقتراح و وقف ضد المحاكمة 88 نائباً معظمهم من حزب الأمة وبذلك سقط الاقتراح ولم يحاكم حتى العسكريين .و في عهد الفريق عبود جرت عدة انقلابات أشهرها انقلاب 2 مارس و نجح و لم يعتبر انقلابا وانقلاب المقدم على حامد ويعقوب كبيدة والرائد طيار الصادق محمد الحسن وعبد الحميد عبد الماجد ، كل هذه الانقلابات لم يعطل فيها مبدأ التقادم كما يحدث الإن، واقتصرت المحاكمة على المنفذين العسكريين، وفي فترة الانتفاضة أبريل 1985 تمت محاكمة العسكريين فقط في محاكمة شملت أربعة متهمين لا غير ، ولم يقدم قادة الحزب الشيوعي وحزب البعث بالرغم من أنهم كانوا الحاضنة السياسية لانقلاب مايو ، ولم ينص الدستور على سقوط التقادم،
وفيما يتعلق بالفقرة الثالثة في الخطبة، التي تتحدث عن الالتزام الدستوري لمحاسبة منسوبي النظام السابق عن كل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوداني، منذ الثلاثين من يونيو، قال سبدرات إنه نص معيب وهو محل طعن دستوري أمام المحكمة الدستورية المغيبة عن قصد وسوء ترصد .
و ألمح سبدرات إلى أن هذا النص الفضفاض الذى لا كوابح له الذي لم يوضح الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني ، لا يمكن أن يكون فقرة في دستور انتقالي يحرض كل مواطن يتحدث عن كل فعل يعتقد انه يشكل جريمة ويجعل الوطن في تغابن وخصام.
وفي رده على خطاب النائب العام أنه اوفى ما يستحقه المتهمين من حقوق وفق قانون الإجراءات الجنائية، قال سبدرات أن موكله المتهم عمر البشير قد صعق من هذا القول لأنه مُنع من أن يرى والدته وهي تنازع الروح وتحتضر، كما منع أن يشهد لحظة تشييع جثمانها وكانت أمنيته أن يلقنها الشهادة ويرقدها مرقدها الأخير، وأن الرئيس المتهم سمح إبان توليه الحكم لمحكوم بالإعدام وهو إبن الشيخ “أبوزيد محمد حمزة ” أن يشهد دفن والده، ناهيك عن وقائع تعددت وتوالت.
وتطرق سبدرات إلى الفقرة الخامسة من الخطبة حول حقوق ما قبل المحاكمة و التي غابت على مدى 30 عاما عن ساحة العدالة والتحقيقات والتحريات الجنائية، وقال هذا قول خطير يمس كل قاض و مستشار و شرطي، وأن النائب العام كان محاميا في تلك الفترة وتساءل عن سبب سكوت الشعب السوداني طيلة تلك الفترة على إهدار حقوقه القانونية، قائلا إن هذا كذب بواح ويكذبه فقط فصل منصب النائب العام الذي يشغله النائب العام الآن ولا يراقبه إلا الله الرقيب الحكيم العدل.
في الفقرة السادسة التي تحدثت عن طلب محامي الدفاع بتعليق الدعوى ، وقال النائب العام إن هذا تعليق للعدالة ولم يسمع به في تاريخ القضاء ، أوضح سبدرات ان النائب العام تفادى ذكر الطلبات التي رفعها المحامون بعدم الاستمرار في المحاكمة إلا بعد الفصل من المحكمة الدستورية، وأن المحاكمة لا تستمر في حالة انتهاك حق دستوري وان النائب العام سمع وقرأ واستلم طلبات ولم يرد عليها.
وفي الفقرة السابعة التي تتعلق بأن المتهمين المدنيين الذين تتم محاكمتهم ينتمون لتيار سياسي معروف ، أبدى سبدرات استغرابه حول تستر النائب العام على ذكر اسم الجماعة المعروفة والتي كشفت عنه عريضة الدعوى، وتساءل هل ستتغير الحجة إذا كان ذلك التيار شيوعي ، و واصل سبدرات الى أن النائب العام اشار في خطبته أن هذه الجماعة أرسلت اشارات واضحة لقيام عمل عسكري انقلابي للإطاحة بالحكم الذي ارتضاه اهل السودان، و تساءل : هل يتعامل القانون بان الفعل المجرم يمكن أن ينبني على إشارات، وهل العزم يساوي النية وهل النية هي الفعل إن لم تكن نية آثمة، موضحاً أن النائب العام استخدم عبارات مبهة ليس مكانها منصات العدالة وانما هتافات سياسية.
وواصل سبدرات أنه تجاوز الفقرة التاسعة بعد أن فصلت فيها المحكمة، بان ما يعنيها في محضر هذه الدعوى ليلة الثلاثين من يونيو 1989، رداً على الفقرة العاشرة في خطبة الاتهام بانها فقرة ماسخة من ملح القانون، وتحديدا قولها أنه لم يمض اكثر من أربعة اعوام على انتهاء النظام العسكري السابق حتى عزفت المارشات لتعلن عن نظام عسكري آخر الذي استمر لمدة من الزمان بمبادرة من سياسين ومدنيين، هذا القول اتاح لنا مأدبة نشتهي أطباقها، وقال نبدأ بالصحن الأول للفترة من”1985الى 30 يونيو 1989 ” التي بدات بانتفاضة أبريل ودبر وخطط لها تيار سياسي معروف انحازت له القوات المسلحة، شأنها اذا ما احدق بالوطن امر يكاد يعصف بامنه واستقراره، وتم تشكيل مجلس عسكري لفترة انتقالية عام، وتم الايفاء بالوعد تحديدا أبريل 65، وبعدها جرت انتخابات وجاءت حكومة ائتلافية بين حزب الأمة والحزب الاتحادي، ودب خلاف بحزب الامة و انقسم الى جناحين مضادين نتيجة لذلك أُقصى رئيس الوزراء محمد أحمد المحجوب، ليتقلد المنصب بعدها الصادق الصديق المهدي، وذلك عام 1966 وهذا التاريخ كان لفتة انتقالية يسيطر عليها مجلس عسكري وليس بينهم خلاف وبلغت الفترة 3 اعوام تشكلت فيها 5 حكومات برئاسة الصادق المهدي، مضيفا بان ما حدث فيها كان سببا مباشرا دفع القوات المسلحة للعودة والاستيلاء على الحكم.
سبدرات واصل رده على خطبة الاتهام في فقرتها الحادية عشر وأكد بأن المحكمة سياسية مفضوحة الوسم والقصد والكلمة . وحول الفقرة الثانية عشرة التي تتحدث عن سقوط الدعوى بالتقادم في ظل ترتيبات وضعها النظام لحماية رموزه، اعتبر سبدرات ان اهدار مبدأ التقادم شكل أكبر خرق لقاموس الفقة القانوني، وهدم ركنا ثابتا طوال الحقب السياسية، ولفت سبدرات إلى أن هذه المادة تم الاحتيال عليها وتضمينها بالوثيقة الدستورية ولم تجعل ورقة التوت التي تستر سوءة هذا الفعل، فاصبحت معركة بين اهل القانون مما جعلها محل طعن لدى النائب العام والمحكمة الدستورية، وهو خط دفاع واضح امام هذه المحكمة،
وحول السماح بتحريك دعوى جنائية حوتها الفقرة الثالثة عشرة ضد أعضاء مجلس الثورة بشقيه المدني والعسكري في النظام السابق لدى النائب العام أو وزير العدل، قال سبدرات إن النائب العام لم يكن لينال هذا المنصب لولا أن رئيس النظام المتهم هو الذي استحدث هذا المنصب ولم يصدر تشريعا يمنع سريان التقادم لمحاكمة آخرين، وفي الفقرة الرابعة عشرة حول إشارة النائب العام لتولي المتهمين لمناصب ظلت تدور بينهم طوال الثلاثين عاما ان النائب العام استدرك في حديثه أن منهم من ترجل ومنهم من آثر الصمت، وقال سبدرات بالرغم من استدراك النائب العام بالفقرة ، فإنه خصم 80 في المائة بعبارة كم ترجل وكم اختلف، أما عبارة “الاصرار على الحنث العظيم” قال سبدرات إنه لم يجد هذه العبارة في علمه القضائي أو اللغة ، ولم يحدد كاتبها مكانا لها ، وختم هذه الفقرة التي وصفها بـ”البائسة” بهذه العبارة اللفظية اذ كيف يحنث بالقسم وهو لم يقسم،
وقال سبدرات رداً على فقرة الخطبة الخامسة عشرة حول تكرار المارشات العسكرية، إن عبود حكم 6 سنوات وجعفر نميري 16 سنه والبشير 30 سنه ، في حين أن الحكومات الحزبية أقل عمرا واضطرابا، وحكومة الازهري 3 سنوات الحزبية الثانية 4 سنوات، الحزبية الثالثة 3 سنوات، ولفت سبدرات الى ان الانقلابات العسكرية بلغت 12 انقلاباً ، منها ما جاء بثورة ومنها ما قدم لمحكمة وهي نطفة في طور العلقة الغير مخلقة، ومنها ماهو نطفة ولم تصل الى طور المضغة.
وفي الفقرة السادسة عشر المتعلقة بالرؤية الجديدة للسياسة العقابية فيما يتعلق بجرائم تقويض الدستور، واسناد المسؤلية الجنائية في حق المتهمين في الانقلابات العسكرية، قال سبدرات ان هذه الفقرة موجهة للمحكمة لمحاكمة المتهمين بنظرة جديدة وعقوبة جديدة وهو أمر لم ياتي به قاض، وإذا كان هذا الخطاب موجه لهذه المحكمة فإن هذا يعني الجهل المطبق لدور القاضي، لانه لا يسن قانونا ولا يأتي بعقوبة جديدة لم ينص عليها القانون، ولفت سبدرات الى ان الرؤية الجديدة تعديل المادة 38 من قانون الاجراءات الجنائية التي تمت على عجل وبدا ذلك جليا حيث أن 90 بالمائة من المتهمين بلغوا سن السبعين وختم سبدرات : إثنان لايمكن محاكمتهما الشخص الميت والحكم الناجح سواء كان ثورة أو حركة تصحيحية. و التمس سبدرات حذف خطبة الاتهام لأنها قول مرسل وهتاف سياسي جهير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية