الاعمدةشهادتي لله

و مَنْ فوّضكم يا حميدتي .. لتوقيع هذا الاتفاق ؟!

إذا كان الفريق “حميدتي” قد أقر و اعترف أنهم – كمجلس سيادة و مجلس وزراء و قحاتة – غير مفوّضين من الشعب السوداني ، فمن الذي فوّضهم ليوقعوا اتفاقاً معيباً مع حركات مسلحة تحت مسمى(الجبهة الثورية) ، ليمنحوا -مثلاً – أبناء ولاية جنوب كردفان نسبة 5% من جملة الوظائف بالخدمة المدنية ، و ولاية النيل الأزرق نسبة تربو على 3% ، و ولاية غرب كردفان نسبة تزيد عن 4% ؟!
من فوّضكم – يا حميدتي و كباشي و التعايشي- لتمنحوا أبناء ولايات محددة نسبة 20% من السلطة القضائية و حصة في الحقائب الدبلوماسية بوزارة الخارجية و قيادات الوزارات و الهيئات و المفوضيات و المجالس العليا الاتحادية و الولائية ؟
من فوّضكم لتقرروا أن يدرس جميع أبناء ولايات دارفور الخمس في الجامعات .. (مجاناً) ، فيدرس ابن “حميدتي” أو ابن “مني أركو مناوي” أو ابن الملياردير “صديق ودعة” أو غيره من كبار رجال المال و الأعمال في نيالا و الفاشر و الجنينة ، بدون رسوم ، في كل الجامعات الحكومية و المعاهد العليا ، و لمدة عشر سنوات ، بينما يدفع الرسوم الباهظة عن يد و هو صاغر إبن (بجاوي) فقير و معدم ، لا يملك من متاع الدنيا غير قطية على سفح جبل في “سنكات” أو “دورديب”، يسامر الدنيا برطل سكر و أوقية (بُن) !! وتدفع الرسوم (على داير المليم) طالبة كادحة والدها مزارع بائس فقير ، تيبست قدماه من ري الحواشات في ضهاري الجزيرة أو أطراف الناقل ؟!
أفهم أن يُستثنى أبناء معسكرات النازحين الذين جلسوا للامتحانات من دارفور في نواحي المعسكرات ، من سداد الرسوم الدراسية ، وليس غيرهم من عامة طلاب الإقليم .
بأيّ ميزان عدالة وزنتم نصوص هذه الاتفاقية المعيبة المعطوبة التي أغدقتم فيها مالاً و مناصب و امتيازات على حركات مسلحة ، لا تملك الآن قوات و لا سلاحاً في الميدان ، و لا تحتل بلدة واحدة على طول وعرض غرب السودان ، و هي بالتأكيد غير مفوّضة – كشأنكم تماماً – من أهل درافور و كردفان و النيل الأزرق ، هو إذن عطاء مَنْ لا يَملك لمَنْ يستحق !!
تريدون أن تقضوا على ما تبقى من نظام و قوانين و قواعد راسخة في الخدمة المدنية السودانية التي أسسها السادة (الإنجليز) قبل قرن من الزمان ، ولم يوزعوا وظائفها يوماً على مدى نحو ستين عاماً ، لنُظار القبائل و العُمد و الشراتي !!
الخدمة المدنية و السفارات و الوزارات ينبغي أن تظل ساحة لمنافسة الكفاءات و الخبرات من أبناء السودان جميعاً ، لا استثناء لجهة أو إقليم أو قبيلة ، فإذا نال أبناء دارفور ، أو كردفان، 50% من وظائف (السكرتير الثالث) بوزارة الخارجية (مدخل الخدمة الدبلوماسية) بعد الجلوس لامتحانات لجنة الاختيار للخدمة العامة ، في عهد (حرية .. سلام و عدالة) ، فليكن ، لأنهم حينها يمثلون السودان .. كل السودان ، و لا يمثلون “الطينة” ، و لا “زالنحي” و لا “كاس” .. و “تُلس” .
أنا شخصياً مع ذهاب دكتور “عبدالله حمدوك” من رئاسة الحكومة فوراً ، فلم يعد عنده بعد عامٍ من الأداء المرتبك الهزيل ما يقدمه للشعب السوداني غير النكبات و المزيد من الهوان و الفشل ، و أرى بالمقابل في كفاءة (دارفورية) مثل الدكتور “جبريل إبراهيم” رئيساً أفضل لمجلس الوزراء ، بما لا يُقارن مع “حمدوك” ، خبرةً و معرفةً في الاقتصاد و تجربةّ في السياسة و العلاقات الدولية .
فليكن رئيس الجمهورية القادم من دارفور ، بالانتخاب ، أو رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية الثانية ، من دارفور بالاتفاق ، و لكن ليس من حقكم أن توزعوا مقاعد الجامعات و وظائف الخدمة المدنية على الولايات ، بتمييز ظالم .. معيب و كارثي .
لم يفوّضكم أحد لتتكرموا على القبائل و الجهات بمثل هذه العطايا المدمرة و المفككة لوحدة الوطن .
كما لم يفوّضكم أحد – يا حميدتي- لتوقع اتفاق سلام مع إسرائيل بهذه الطريقة المُذِلة و المُهِينة لكرامة و تاريخ شعب السودان .
مَنْ فوّضك .. متى .. و أين ؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية