تجار (الدولار).. مخرِّبو الاقتصاد
{ علق أحد تجار (الدولار) على ما ورد في مقالنا أمس بأن سعره في السوق الموازية أو (السوداء) هبط إلى (6.2) وهو – بالتأكيد – في طريقه إلى المزيد من الهبوط بدخول اتفاق البترول مع الجنوب حيز التنفيذ، علق قائلاً: (لو عندو بـ “6.2” نحنا بنشتري منو أي كمية)!!
{ وهؤلاء هم المجرمون مخربُّو الاقتصاد، ويستحقون الحبس في معتقلات الأمن الاقتصادي شهوراً أخرى، ولا أدري كيف تم إطلاق سراح (البعض)، ليعودوا إلى ممارسة ذات الأساليب الإجرامية في تدمير الاقتصاد، ورفع الأسعار، وبالتالي غلاء (كل) السلع الاستهلاكية، من الأدوية إلى الخضروات والألبان!! والنتيجة (إفقار) وتجويع الملايين من أبناء هذا البلد، وليس إسقاط النظام الحاكم، الذي ظل باقياً، قوياً وراسخاً، و(الدولار) يقفز من (3) جنيهات إلى (7)!!
{ الخاسر الوحيد هو المواطن السوداني المغلوب على أمره، مهما علا دخله، وزادت مدخراته الشخصية، والحكومة لم ولا تتأثر، زاد (الدولار) أو انخفض، والدليل على ذلك أن إدارة بنك السودان لم تتخذ أية إجراءات (عملية) لمواكبة الهبوط المضطرد يوماً بعد آخر في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني بالأسواق الموازية!
{ وتعلمون – وربما لا تعلمون – بأن (خيط المصالح)، منذ أن عرف الناس نظام الدولة والاقتصاد الحديث، يربط دائماً بين (بعض) موظفي الحكومة الفاسدين، (الكبار) و(الصغار) – في أي دولة – وكبار التجار، موردين أو مصدرين، أو مضاربين.
{ دعوني بالله اسألكم إن لم تكن مضاربات: لماذا هبط سعر (الدولار) في السوق من (6.9) جنيه إلى (6.5) ثم (6.4) خلال أقل من أسبوع من إعلان تنفيذ الاتفاق مع الجنوب (المصفوفة)، ثم أنه مرشح إلى توالي الهبوط إلى (5) جنيهات، بل إن الميزانية العامة التي أجازها البرلمان قدمتها وزارة المالية على أساس أن سعر الصرف (4.5) جنيهات، لا أكثر ولا أقل؟
{ لماذا انهار سوق النقد الأجنبي خلال (3) أيام فقط، رغم أن بنك السودان لم تستقبل خزائنه أي (دولار) جديد ولم تغادر بعد (أول) ناقلة نفط (جنوبي) ميناء (بشائر) على ساحل البحر الأحمر؟!
{ إنها (المضاربات)، السمسرة، و(التلفونات): (عندكم دولار؟! الليلة بي كم؟) فيجيبه (العنقالي) الجالس في مكتب صغير بالسوق (العربي) أو (الأفرنجي) وهو يدور بكرسيه، شمالاً .. ويميناً، وسماعة التلفون على أذنه: (بستة وأربعمائة.. داير كم؟!).
{ هي – إذن – تجارة استهلاك واستنزاف لا مثيل لها إلا في السودان!!
{ مئات المليارات من الجنيهات تدور في سوق (الدولار) و(اليورو) و(الريال السعودي)، صعوداً ونزولاً، ولا توجه إلى الإنتاج.. زراعة ملايين الأراضي (البور)، وتنمية الثروة الحيوانية، وبناء المصانع، والمطاحن، ومرافق الخدمات.
{ ولهذا فإن الاقتصاد في السودان، لا يتطور.. تتطور المباني، والأثاثات، والسيارات، وقاعات المكاتب الحكومية، وصوالين رجال (الدولار)، حيث لا (بزنس) حقيقي في السودان لنسميهم (رجال أعمال)، ويزداد مستوى الدخل حتى لعامة الناس.. يتحسن مظهر البيوت في “الخرطوم” و”مدني” و”بورتسودان” وغيرها.. يتلامع (السراميك) على الأرضيات وجدران دورات المياه، وتنتشر شاشات (البلازما) في (الهولات).. والمكيفات تهدر، والستائر (التركية) تتراقص.. ولكن كم زاد حجم صادرات السودان الزراعية والحيوانية خلال السنوات الخمس الماضية؟!
{ ظل حجم (كل) صادرات السودان (غير البترولية) (أدنى) من (مليار) دولار، طيلة السنوات الماضية، بينما دولة مثل (المغرب) ثرواتها المائية ومساحاتها الزراعية لا مجال لمقارنتها إطلاقاً مع السودان، يبلغ حجم صادراتها (الزراعية) سنوياً (2) مليار دولار، بينما تبلغ صادرات الثروة البحرية (أسماك وغيرها) مليارين آخرين، فيما تضخ السياحة (9) مليارات دولار!! ووزير السياحة عندنا شيخ “الهد” يرفض دخول باخرة نيلية (مصرية) بسبب ما أسماه (الهشتك بشتك)، وهذا (الهشتك بشتك) (شغال) في أحياء “الخرطوم”، بل وأسوأ منه، ولا أدل على ذلك من فضيحة حفل (المثليين) الشهيرة، (وقيل إن بعض المضبوطين أطلق سراحهم بالضمان الشخصي!!).. ياتو ضمان دا؟!
المثليون ينبغي أن يتم نفيهم من أراضي السودان الطاهرة، أو ينفذ فيهم حكم الشريعة في (ميدان عام)، والحكم في هذه الحالة (القتل) وليس (الجلد).. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: (من وجدتموه يعمل عمل أهل لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به).
{ أوقفوا تجار (الدولار) المفسدين، فإنهم يخربون علينا حياتنا.