القرية (زيرو) بمحلية أم بدة.. خطوة أولى نحو التعمير
لم تشأ أن تلج الجمع الذي تجمهر باكراً كغيرها من النساء، بل شقت عنان الصمت الذي لف المكان بــ(زغرودة) مدوية كانت كفيلة بإعلان مولد حدث جديد بالقرية (زيرو) بمحلية أم بدة.
و(زغرودة) تلك المرأة التي لم تفصح عن هويتها جعلت بعض الزملاء الذين كانوا يقفون بجواري يتساءلون عن سر البهجة التي غمرت جوانحها حتى فاضت صوتاً شجياً (زغرودة) رغم بؤس حال المكان الذي لم يجد سكانه غير أن يطلقوا عليه اسم القرية (زيرو)، دلالة على تذيلهم قائمة أحياء محلية أم بدة التي بلغت في مجملها أكثر من ألف حي.
{ نهاية فصل الحرمان
والقرية (زيرو) التي لا تبعد عن رئاسة محلية أم بدة أكثر من خمس عشرة دقيقة فقط، خرج سكانها صباح أمس الأول عن بكرة أبيهم لاستقبال مهندسي مكتب المساحة الذين جاءوا من أجل إكمال اللمسات في عملية التخطيط التي وصلت مراحلها الأخيرة بدءاً من رسم الكروكي والزيارات المتعددة وحصر السكان وغيره، ولم يتبقَ غير التنفيذ.
لم يكتفوا– أي السكان- بمجرد استقبال بارد لموظفي المساحة كما يحدث في مثل هذه الحالات، بل أقاموا كرنفالاً من الفرحة كان كفيلاً بحجب أشعة الشمس الحارقة التي صلت الحجارة والغرباء الذين جاءوا للفرجة أو أولئك الذين دفعهم الفضول، ولكنها لم تثنِ مواطني الحي عن الابتهاج مما يدلل على أنهم في أشدة اللهفة لمثل هذا اليوم، الذي أعلن فيه المؤتمر الوطني صراحة نيته في تنفيذ أهم بند في برنامجه الانتخابي الذي وعد به المواطنين في انتخابات العام 2010م، لينهي أطول فصل للمعاناة والحرمان من عدم توفر الخدمات عاشه المواطنون لأكثر من ربع قرن من الزمان بحجة عدم التخطيط.
{ الفرحة بالمدارس
ورغم أن القرية (زيرو) أنشئت في العام 1983م إلا أنها بقيت على حالها، تندب انعدام الخدمات حتى أصبحت امتداداً لمحلية أم بدة التي ابتلعتها في جوفها وتمددت بعدها، حيث أقيمت مدينة الفيحاء من الناحية الغربية وفي شرقها أنشئ حي الغدير وظلت هي-القرية (زيرو)- تتوسد جبال المرخيات من الناحية الجنوبية وتغط في سبات لم يوقظها منه أحد إلا (زغرودة) المرأة التي وردت الإشارة إليها أعلاه.
وإن كان صباح أمس الأول قد تم الإعلان رسمياً عن ميلاد حى جديد يضاف إلى أحياء أم بدة سمي (حي المعمورة) في مكان القرية (زيرو)، إلاّ أن سكانه ما زالوا يحملون هماً كبيراً لم يبدده وعد رئيس المؤتمر الوطني بالمنطقة الأستاذ “عبد الله عبد القادر حسنين” الذي ألقى على مسامعهم خطبةً عصماء بشرهم فيها بدنو أجل التخطيط الذي قال إن الخدمات ستعقبه حال اكتماله، كما شكر فيها كل الذين ساندوهم وعجلوا بموضوع التخطيط الذي كان واحداً من برامج حزبه ووعداً لا تراجع عنه أيام الانتخابات التي جرت بالمنطقة في العام 2010م.
وذكّر “حسنين” المواطنين بوعد نائب الدائرة في المجلس الوطني “الفاتح عز الدين” الذي قطعه أيام الانتخابات، والتزم بموجبه بتخطيط القرية وجعلها حياً من أحياء أم بدة ينعم بالخدمات كافة أسوةً ببقية الأحياء الأخرى.
وفي سياق خطابه كشف “عبد الله عبد القادر”عن أن موضوع تخطيط (حي المعمورة) جاء بتوجيه مباشر من نائب رئيس الجمهورية الدكتور “الحاج آدم” الذي وجه والي ولاية الخرطوم بالإسراع في تخطيط الحي المذكور، ومن ثم قام والي الخرطوم بتوجيه وزير التخطيط العمراني والبنية التحتية بولاية الخرطوم بأن يضع التوجيه الرئاسي موضع التنفيذ عاجلاً، وهذا ما حدث على حد قول “عبد الله حسنين” الذي أكد أن تخطيط الحي قد اكتملت مراحله كافة وسيُنفذ خلال الأيام المقبلة، وأنهم تحوطوا لكل العقبات التي تواجه عملية التخطيط.
ورغم هذا كانت عيون الأطفال الذين تجمعوا بالمئات تلح في براءة لتنفيذ التخطيط فوراً، لتقام المدارس التي قالوا إنهم يهاجرون إليها على بعد أميال في الأحياء المجاورة.
{ طريق مسفلت
وبالعودة إلى تاريخ إنشاء قرية (زيرو) أفاد عدد من السكان منهم عمدة القرية نائب رئيس المؤتمر الوطني بالمنطقة “شعيب أبيض” إن تاريخ إنشائها يعود للعام 1983م وظلت على حالها حتى العام 1999م، ومنذ ذلك التاريخ تحولت من قرية إلى أحد أحياء أم بدة من أجل تخطيطها.
وأضاف العمدة “شعيب”: هذا الأمر لم يكتمل حتى لاح في الأفق العام 2000م الذي ظهرت فيه أول علامات التخطيط وبدأت الجهات الرسمية جادة في تنفيذه.
وهذا ما أكده الأستاذ “عبد الله عبد القادر” الذي أوضح أن مكتب المساحة بمحلية أم بدة قام بأول رسم كروكي للقرية في يوم 25/5/2001م، ومنذ ذلك التاريخ ظلت محلية أم بدة توالي اهتمامها بالأمر حتى شارف على نهايته في عهد المعتمد الحالي للمحلية “عبد اللطيف عبد الله فضيلي” الذي أبدى حماساً غير مسبوق لإنفاذ وعد التخطيط وتوصيل الخدمات.
وختم “عبد الله” حديثه بأن طريق الأسفلت الذي وعد بتنفيذه المعتمد “فضيلي” شارف على نهايته، ووصل إلى أطراف الحي الجنوبية ولم يتبقَ إلا رصفه بالأسفلت.