لعنة غرب السودان!!
{ هل أصيب غرب السودان (بلعنة) الصراعات والموت؟؟ إذن ما هي أسباب الحروبات التي تشتعل في كل رقعة من إقليمي كردفان ودارفور الغارقين في مستنقعات القتل والحرق والتدمير؟! والقادة السياسيون يطالبون بالتنمية والقسمة العادلة للثروة والاستثمار، بينما الصراعات القبلية تحصد يومياً المئات من الأنفس وتهدر طاقات الدولة وإمكانياتها، وما عادت الحكومة الاتحادية تفتح مشروعاً تنموياً في كردفان أو دارفور أو تشيد مدرسة أو مستشفى، بل تعقد مؤتمرات المصالحات وتسدد فواتير النزاعات، وترصد الميزانيات للأجهزة الأمنية والدفاعية، بينما بقية أقاليم السودان تنعم بالطمأنينة والاستقرار.. لا قتل.. ولا نهب ولا صراعات حول الموارد ولا نزاعات.. ولكن دعونا نقرأ صحائف كردفان ودارفور، ونبدأ بشمال دارفور حيث نزاع الرزيقات والبني حسين في السريف، ونزاع البرتي والزيادية.. وفي غرب دارفور تمدد نزاع الرزيقات الأبالة والبني حسين.. وفي جنوب دارفور نزاع السلامات والهبانية ونزاع البني هلبة والقمر والرزيقات والمسيرية، وجنوب دارفور (غارقة) في أحزانها وبات النهب في وسط مدينة نيالا.. وفي شمال كردفان.. نزاعات بين الميدوب والكواهلة والكبابيش.. وجنوب كردفان هي (مواطن) الموت و(مرقد) الأحزان ومنشأ الصراعات.. تمرد يقوده “الحلو”، وتمرد يقوده “فضيل” من المسيرية، وتمرد يقوده “ود البليل” من قبائل حمر، وتمرد يقوده “إبراهيم الجاك” من البديرية.
ونزاع بين بطون المسيرية وبين بطون الشنابلة، وبين النوبة والنوبة.. فكيف يطالب السياسيون بنصيب هذه الأقاليم من التنمية والاستثمار والحرب والقتل والنهب والسلب هي الأمل والأمن والطمأنينة استثناءً؟!
{ لن يستقر غرب السودان بالاتفاقيات الجزئية ولا بالمناورات الحزبية، ولا بالتمرد القبلي، ولا بالصراخ في وجه السلطة في المركز والإدعاء بأن غرب السودان مظلوم، ولكن التنمية تبدأ بالأمن والسلام والاستقرار.. والأمن مسؤولية مشتركة بين المركز والولايات.. وبين الدولة والمجتمع، فالصراعات القبلية هي مسؤولية مباشرة لزعماء القبائل والقادة السياسيين، واشتعال الصراع القبلي يمثل دليل إثبات على فشل النخب التي تقود هذه المجموعات، وفشل الإدارة الأهلية، وفشل الحكم اللا مركزي الذي يتخذه البعض بقرة مقدسة لا يحق لأحد المساس به.. والحكم اللا مركزي بعد أكثر من (20) عاماً من تطبيقه تبدت مظاهر ضعفه وسلبياته، وآن الوقت لمراجعته وتقييمه، والمراجعة والتقييم لا تعني الإلغاء بأية حال..
{ أحد الضباط من غرب السودان تم نقله مديراً لجهاز الأمن والمخابرات في مدينة كبيرة بنهر النيل ولمدة ستة أشهر لم يلتق بلاغ قتل أو نهب أو صراع بين مجموعة وأخرى، وهو القادم من منطقة لا يصمت فيها هاتفه عن الرنين، في كل ساعة بلاغ عن هجوم.. وقتل ونهب وضرب.. فقال الآن فقط اكتشفت لماذا تتقدم الولايات الشمالية وتتأخر الولايات الغربية.. ونهضت التنمية هنا وتقهقرت هناك.
{ إن غرب السودان اليوم في حاجة ليقف مع نفسه ويعيد لنفسه الطمأنينة، وينزع شرور النفس من صدره، ويطفئ الحرائق المشتعلة، ثم يفكر في التنمية!!