أخبار

صرخة حقوقي!!

نكتب هذه السطور علّها تجد الطريق والتعليق من خلال قلمك الذي بهتم بقضايا الوطن الذي تكالب عليه الأعداء محاولين إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء.
ما دفعني إلى الكتابة هو دور المنظمات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وعلى رأسها المفوضية القومية لحقوق الإنسان، في ما جرى ويجري من قبل أولئك الذين يقتلون الأبرياء بدم بارد، ويغتصبون الإنسان، ويشردون الأطفال في جنوب كردفان، دون وازع من ضمير أو أخلاق.. بالأمس كان هنالك منبر دوري أقامته أمانة حقوق الإنسان وقدمت المفوضية ثلاث أوراق تحت عناوين: المهام والتحديات، علاقة المفوضية بالسلطة ومنظمات المجتمع المدني، ودور المفوضية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وقد حضر  الندوة لفيف من أهل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، وفتح الباب للنقاش، وعندما سنحت لنا الفرصة، تحدثنا أن الأوراق التي قدمت لم تشر لا من قريب ولا بعيد إلى دور المفوضية والمنظمات الأخرى ذات الصلة  في مواجهة الانتهاكات التي تقوم بها الحركة الشعبية والجبهة الثورية والحركات المتمردة الأخرى في مناطق النزاع، وأعني بذلك جنوب كردفان، ومعلوم أن هنالك صلة وعلاقة متلازمة ما بين قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني (وهو موضوع أطروحتنا للدكتوراة، وهو من البحوث النادرة في السودان في هذا المجال).. صحيح أن القانون الإنساني اليوم مختص بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة وجريمة العدوان، ولكن مسؤولية فضح هذه الانتهاكات يقع على عاتق المنظمات الحكومية المعنية بذلك. وواصلت حديثي بالقول إن هنالك العديد من المنظمات الوطنية التي تملأ الدنيا ضجيجاً لمجرد أن فلاناً من موقعي وثيقة كمبالا قد اعتقل، وأن إصدارة يومية قد أغلقت، ولكن هذه المنظمات تنوم نوم العافية عندما تنتهك الأعراض، ويقتل الأطفال والشيوخ في كادوقلي والعباسية، أبو جبيهة، وكرنقو عبد الله وغيرها، فهل الحقوق تتجزّأ؟ أم إن الإنسان في الخرطوم يختلف عن غيره من الناس؟ ألا يعلم من يحتجّ على اعتقال موقعي ميثاق كمبالا بأن هذا الميثاق يعني مزيداً من سفك الدماء في جنوب كردفان ودارفور وأهل الخرطوم آمنون على سرر مرفوعة وغرف مكيفة وعربات فارهة، ولماذا لم نسمع يوماً أن مفوضية حقوق الإنسان والمنظمات الوطنية الأخرى حققت في واقعة (حجر الدوم)، ومئة واثنان وثلاثون من العمد والشيوخ ورجالات الإدارة الأهلية قتلوا بدم بارد في جنوب كردفان؟ ألم يسمع هؤلاء أن أكثر من ثمانية وثلاثين من قيادات المؤتمر الوطني قد قتلوا غيلة بجنوب كردفان؟ ولماذا تظل هذه المنظمات في موقع المدافع فقط؟! يفرحون عندما ينجو السودان من إدانة، ولا يقدمون الأدلة التي ذكرناها لإدانة الحركة الشعبية والجبهة الثورية.
نحن نحتاج لإلقاء مزيد من الضوء على هذه المنظمات في طريقة أداء عملها الانتقائي، وأن لا تكون فقط للتنزه والأسفار، وألاّ تكيل بمكيالين، وكثيراً ما نتحدث عن ازدواجية المعايير الدولية، فنسأل الله ألاّ تنتقل إلينا هذه العدوى.
د. علي الشايب أبو دقن – المحامي

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية