المجهر تنشر مقالاً مهماً لوزير الخارجية السابق حول البعثة الأممية القادمة للسودان
حول البعثة الأممية مرة أخرى
السفير وزير الخارجية السابق د. الدرديري محمد أحمد
خلال اليومين الماضيين تم تداول مشروع قرار مجلس الأمن المنشئ للبعثة الأممية التي طلبها رئيس الوزراء، والذي سيحمل على الأغلب الرقم 2519(2020). جاء المشروع بالسوء الذي كنا نخشاه، وتماما كما توقعناه. في هذا المقال نوضح ان مشروع القرار الذي بين أيدينا، وخلافا لما كان يُروِج له مؤيدو البعثة، يخول البعثة المرتقبة صلاحيات تحت الفصل السابع تُمارس في كل ارجاء البلاد، ويتضمن نشر قوة عسكرية وأخرى شرطية، ويمهد لهيكلة القوات النظامية، ولاينطوي على خطة محددة للعون الإقتصادي المأمول، ويترك الباب مواربا لإحتمال تمديد الفترة الإنتقالية.
كنت قد أوضحت في مقال سابق انه من المستحيل ان يَصدر قرار بتأسيس البعثة المرتقبة تحت الفصل السادس. فذلك لم يحدث في كل تاريخ الأمم المتحدة، الذي لم يعد قصيرا. وقد كان ما توقعناه. اذ لم ترد في ديباجة مشروع القرار أو في فقراته العاملة اي اشارة تفيد انه يصدر تحت الفصل السادس، كما وُعِدنا. بل يمنح مشروع القرار البعثة المرتقبة اختصاصات تحت الفصل السابع تماما مثلما فعل القرار 1769(2007) الذي أنشأ اليوناميد. ومن ثم اذا قيل عن القرار المنشئ لليوناميد انه صدر تحت الفصل السابع، بسبب احتوائه فقرة تخول اليوناميد صلاحيات تحت ذلك الفصل، فانه ينبغي ان يقال مثل ذلك عن القرار الجديد. واذا كان من فارق في هذا بين القرارين، فهو ان القرار 1769 المنشئ لليوناميد كان قد وضع دارفور وحدها تحت الفصل السابع، بينما يضع القرار الجديد السودان كله تحت ذلك الفصل المشئوم.
فقد جاء في القرار المنشئ لليوناميد ان مجلس الأمن “واذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة: يقرر ان يأذن لبعثة يوناميد بأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة في مناطق انتشار قواتها، حسبما تراه في حدود قدراتها، من أجل: 1/ حماية أفرادها ومنشآتها ومعداتها وكفالة أمن وحرية وتنقل أفرادها والعاملين في المجال الإنساني التابعين لها. 2/ دعم تنفيذ اتفاق سلام دارفور في وقت مبكر وعلى نحو فعال، ومنع تعطيل تنفيذه، ومنع شن الهجمات المسلحة، وحماية المدنيين دون مساس بمسئولية حكومة السودان”. هذه هي كل الصلاحيات التي كانت لليوناميد تحت الفصل السابع. وقد كانت تُمارَس كما هو واضح من النص بدارفور حصريا. وكان من المقرر ان تنتهي ممارسة هذه السلطات في 29 يونيو 2020 حسب قرار مجلس الأمن 2363(2017)، لولا ملابسات طلب إنشاء هذه البعثة. أما مشروع القرار الجديد فقد ورد فيه أن مجلس الأمن: “وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة: يقرر ان يأذن لبعثة يونبيمز UNPPIMS (وهذا هو اسم بعثتنا الجديدة) بأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة في مناطق انتشار قواتها، حسبما تراه في حدود قدراتها، من أجل حماية أفرادها ومنشآتها ومعداتها وكفالة أمن وحرية تنقل أفراد الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني دون المساس بمسئولية حكومة السودان، وذلك للمساعدة في إيجاد بيئة مواتية لحماية المدنيين الكائنين تحت التهديد بالعنف أو المعرضين له، وبشكل خاص في المناطق الساخنة في دارفور”. هذه الصلاحيات ليونبيمز تحت الفصل السابع تتطابق تماما مع ما كان ليوناميد! الفارق الوحيد هو ان صلاحيات يوناميد تحت الفصل السابع كانت قصرا على دارفور وحدها، بينما تنداح يونبيمز على السودان كله مخضعة الخرطوم نفسها للفصل السابع.
لا ينبغي أن يفوت على القارئ ان أهم ما يؤكده النص اعلاه هو ان للبعثة الجديدة قوات. ولطالما نُفي ذلك وسُفِّهت احلام من توجسوا منه خيفةً. وقد فصّل مشروع القرار في هذه القوات على نحو يفيد بأن اول شكل تتخذه يتمثل في كتيبة للرد السريع ذُكر انها تمثل قوة احتياط عسكري. وحسبما هو معروف في تكوين قوات الأمم المتحدة فانه يمكن ان يصل عدُّ افراد هذه الكتيبة الى ثمانمائة جندي بكامل العتاد والقدرات في التنقل برًا وجوًا. ليس هذا كل شيئ. اذ للبعثة ايضا قوة شرطية يبلغ منسوبوها خمسمائة وألفين. وقد علمت ان هذا العدد يفوق تعداد قوات الشرطة بولاية الخرطوم. هذا هو تفويض البعثة وهذه هي قواتها. فما هي مهامها.
جاء في مشروع القرار ان المهمة الأولى لهذه البعثة هي “دعم ومساعدة الجهود الوطنية السودانية في تنفيذ الإعلان الدستوري”. وقد تم انتقاء بعض تلك المهام لتذكر تفصيلا في الفقرة التالية؛ وهي صياغة الدستور، والاعداد للانتخابات، والاصلاح القانوني والقضائي، و”اصلاح القطاع الأمني”. سبق ان نبهنا ان اصلاح القطاع الأمني هو بيت القصيد. بل قلنا ان الدافع الرئيس وراء استقدام البعثة هو الاستجابة لانشغالات الفصائل المسلحة المتعلقة بالدعم السريع، كما اوضح لاكروا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة نقلا عن حمدوك في اكتوبر ٢٠١٩، هذا من جهة. ومن جهة اخرى تهيئة القوات المسلحة للانتقال من مرحلة الشراكة إلى مرحلة الاقصاء الكامل عند انتقال رئاسة المجلس السيادي للمدنيين. ويعني ذلك اول ما يعني اصلاح الجيش. وان شئت اسمًا أدق لتلك العملية المرتقبة فلك ان تختار ما يروقك من “منيو” menu واسع الطيف يجري الإتفاق عليه حاليا مع الحركات المسلحة، حسب ما رشح في الأخبار، يشمل اعادة الهيكلة، الإدماج مع قوات الحركات المسلحة، تغيير العقيدة القتالية، والتفكيك. أما استهداف قوات الدعم السريع فلا يحتاج إلى دليل. خاصة ان الجأر بالشكوى منها لا يزال هو الديدن الغالب للتقارير الأممية حتى بعد الدور الذي لعبته في احداث التغيير. ومن يطلع على التقرير الخاص الذي قدمه لمجلس الأمن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة في 12 مارس الماضي، والذي وردت الإشارة اليه في مشروع القرار باعتباره احدى الوثائق المرجعية، يجده لا يذكر الدعم السريع بخير قط. بل لا يشير اليه الا في سياق تحميله المسئولية عن كل الموبقات في دارفور. اقرأ معي قول التقرير: “وأكبر حادث وقع في غرب دارفور كان عندما نشب خصام شخصي بين شخص من أصول عربية وآخر من النازحين فتطور الى اعتداء واسع النطاق شنه مسلحون من أفراد قبائل عرب، بتعزيزات من عناصر تابعة لقوات الدعم السريع، على مخيم كردينغ للنازحين في 29 كانون الأول/ ديسمبر. وتعرض ايضا المستشفى الواقع في الجنينة للنهب، وفي يومي 30 و31 كانون الأول ديسمبر، هاجمت قوات الدعم السريع ومسلحون عرب 18 من قرى العائدين في جنوب وجنوب شرق الجنينة، وثلاث قرى أخرى على مقربة من الجنينة. وقدر العدد الإجمالي للخسائر في الأرواح حتى 3 كانون الثاني/ يناير بحوالي 65 شخصا، اضافة الى 54 جريحا”. ويستمر التقرير في تحميل الدعم السريع تارة، و”رعاة الرزيقات الشمالية” تارة، و”فخذ قبيلة النوايبة” من الرزيقات تارة أخرى، المسئولية عن كل احداث القتل والنهب وغيرها مما وقع في دارفور خلال الفترة التي يغطيها، والتي كان يتولى خلالها قائد الدعم السريع منصب النائب الأول لرئيس المجلس السيادي ويقود وفود مفاوضات السلام. فإذا كانت تلك هي لغة الوثائق المرجعية التي يستند عليها مشروع القرار، فهل يمكن ان تعني مهمة “إصلاح القطاع الأمني” الموكلة للبعثة شيئا آخر للدعم السريع بخلاف تصفيته وعرقلة مساعي اعادة هيكلته ضمن القوات المسلحة التي سبق ان أعلنها البرهان. وهل لبعثة ذات مرجعية منحازة كهذه، وذات خطاب عنصري أهوج يدين على الهوية دون أي تحقيق قضائي، ان تكون مؤهلة لتولي الوساطة بين أطراف النزاع في دارفور، أو جنوب كردفان أو النيل الأزرق!
كان السودان، فيما مضى من أمره، يفوض مهمة الوساطة في أيما مسألة تطرأ عنده لدولة صديقة، وليس للمنظمة الأممية. فشهدنا جراء ذلك تولي إثيوبيا الوساطة في اتفاقية أديس أبابا عام 1972، وتوسطت دول الإيقاد عام 1994 في النزاع مع الحركة الشعبية حتى تم توقيع اتفاق السلام الشامل في 2005، وتوسطت نيجيريا بشأن دارفور لنتوصل لإتفاق أبوجا عام 2006، ثم قادت قطر الوساطة التي أفضت لوثيقة الدوحة في 2011. لم يحدث ذلك لأن الأمم المتحدة كانت تعزف عن التوسط في نزاعات السودان. لكنه حدث لأن السودان كان يحجم عن احالة ملفاته اليها خشية الأجندة التي ينضح بها التقرير أعلاه. فقد كان السودان يرى، على اختلاف العهود، مثله في ذلك مثل غالب الأمم الصغيرة، ان الدول الكبرى، دائمة العضوية أو المانحة، تستخدم نفوذها في المنظمة الأممية وتصرف المليارات ليس تبرعا وتفضلا وإنما خدمة لأجنداتها الخاصة. ان فتح الباب للأمم المتحدة وبعثاتها ومبعوثيها ليس مما تتطلبه “اعادة السودان للمجتمع الدولي”؛ بل ليس من قواعد اللعبة الدولية في شيئ. فترك الأبواب مشرعة، في انتظار قدوم البعثات مزودة بالنوايا الطيبة ومتأبطةً عصاً سحريةً تحل بها مشاكلنا، هو الوصفة المضمونة لتهديد الاستقرار وإنتهاك السيادة الوطنية. وقد حرص من كتبوا مشروع القرار على التمويه على السادرين في الظن الحسن بالأمم المتحدة فألقوا اليهم بعض ما يتبلّغون به. حيث تطرق المشروع في إشارة عجلى إلى ان للبعثة دورا في التنسيق مع مؤسسات التمويل الدولي والسعي لاجتذاب العون الاقتصادي والتنموي. قالوا ذلك غير آيسين من ان هناك من لا يزال يصدق هذا الهراء ويحتفي به؛ بل عسى ان يكون هناك من لا يرى غيره سبيلا لرفع العقوبات عن السودان، واجتذاب الاستثمارات اليه.
في الاسبوع الماضي طلب مني احد الأخوة المفتونين بالامم المتحدة ان أذكر له دولة واحدة كانت فيها بعثة أممية ومع ذلك إستعرت فيها الحرب، أو دولة واحدة حدث فيها انقلاب رغم وجود بعثة للأمم المتحدة فيها، أو دولة واحدة استمر فيها التدهور الاقتصادي رغم وجود الأمم المتحدة. وبدلًا من ان يعجزني ضرب الأمثلة المطلوبة، أعياني انتقاء دولة واحدة فقط أقدمها نموذجا لكل حالة من الحالات الثلاث من بين عشرات النماذج المتزاحمة. فاخترت افريقيا الوسطى مثالا للحالة الأولى. اذ لمست أثناء توسط السودان لديها انه رغم وجود بعثة مينوسكا MINUSCA فيها منذ العام 2014 ظلت الحرب مشتعلة سبع سنين دأبا ولم تتوقف الا حين استضافت الخرطوم الفصائل الأربعة عشر، فتفاوضوا ووقعوا اتفاق سلام 5 فبراير 2019. وكان يمكن ان اذكر جنوب السودان أيضا مثالا لتلك الحالة. اذ وُلدت دولة جنوب السودان وفي ربوعها بعثةً للأمم المتحدة، هي يونميس UNMISS. رغم ذلك اندلعت هناك في ديسمبر 2013 حرب ضروس ظلت رحاها تدور وتدور دون ان تفعل تلك البعثة شيئا. بل أُتُهمت بعثة يونميس نفسها بتأجيج الصراع ومناصرة طرف على آخر مما اضطر رئيستها هيلدا جونسون، التي كانت تظن انها صديقة الجنوبيين الاولى، الى الانسحاب من جوبا كسيرة الخاطر وتقديم استقالتها في مايو 2014. ثم احترب الجنوبيون ثانية في يوليو 2016؛ ولم تفعل الأمم المتحدة شيئا سوى حماية مواقعها؛ حتى تدخلت الخرطوم، آخر من كان يُظن بها خيرا، فأصلحت بينهم. وهناك مجزرة سربرينتسا الشهيرة في البوسنة التي وقعت في يوليو 1995 رغم وجود الكتيبة الهولندية التابعة للأمم المتحدة. وهناك كشمير حيث تحتفظ الأمم المتحدة ببعثة UNMOGIP منذ العام 1949 دون ان تتمكن من لجم الصراع. وقد اخترت ليبيا مثالا للحالة الثانية. فبعثة الأمم المتحدة السياسية في ليبيا يونسميل UNSMIL التي ظلت موجودة هناك منذ عام 2011 لم تتمكن من منع خليفة حفتر من الانقلاب على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا. فحين أعلن حفتر في التلفاز في فبراير 2014 حل البرلمان المنتخب وتشكيل حكومة جديدة استخف علي زيدان، رئيس الوزراء آنذاك، بالأمر واصفا اياه “بالمحاولة الإنقلابية السخيفة”. ما كانت تلك الاستهانة بحفتر الا لأن زيدان كان يظن أنه يأوي لركن شديد هو الشرعية الدولية التي تحرسها بعثة الأمم المتحدة. بعد ثلاثة اشهر، وحين حَزَب الأمر ولم يجد زيدان له نصيرا، اضطر إلى الاعتراف “بعملية الكرامة”، الاسم الرمزي لإنقلاب حفتر. غير ان ذلك لم يشفع له، فعُزل. وبينما ذهب زيدان، هاهو حفتر باق، يوشك ان ينقض على طرابلس رغم وجود الأمم المتحدة فيها. كما تصلح افريقيا الوسطى لتقديم اكثر من مثال على حدوث إنقلابات مع وجود البعثة الأممية. اذ شهدت فترة بعثة ميسكا MISCA، البعثة السابقة، الانقلاب على بوزيزي في 2013 ثم الانقلاب على جودوتيا في 2014. اما غياب التنمية الاقتصادية مع وجود الأمم المتحدة فقد اخترت دليله الشاخص على مر السنين الذي هو الكونغو الديمقراطية. فرغم وجود بعثة مونوسكو MONUSCO في كنشاسا منذ العام 1999 وحتى العام 2010، ورغم ان الكونغو بلد لا يحتاج لتنسيق مساعدات أو رفع عقوبات، وإنما فقط تعوزه الفرصة اللازمة لإستغلال موارده المعدنية الهائلة، لم تتمكن الأمم المتحدة من مساعدته. هذا فضلا عن الحالات الكثيرة الشبيهة، مثل لبنان، المعروفة بمواردها البشرية المتميزة، وليبيريا وسيراليون والصومال وغيرها.
اذا كانت بعثات الأمم المتحدة غير ذات جدوى، فلماذا لا نصمت إذن ونترك هذه البعثة وشأنها. السبب الذي يدفعنا إلى ان نصدع بما نقول هو، وكما خلص السفير عمر دهب في مقاله المهني الرفيع الذي نشرته السوداني في نسختها الالكترونية بالأربعاء 13 الجاري، “ان نشر هذه البعثة سيكون بمرور الوقت … عبئا على الخيار الوطني الحر، وعلى ما تتخذه الحكومة او ينبغي ان تتخذه من مواقف وقرارات لدعم وتعزيز وترسيخ الوحدة الوطنية”. ففوق ان بعثات الأمم المتحدة لا توقف الحروب ولا تمنع الانقلابات ولا تعين على نوائب الاقتصاد، فانها تسلب الشعوب ارادتها وخياراتها الحرة. فهي إذن حشفٌ وسوء كيل. وأسوق للتدليل على ذلك شاهدا واحدا من أضابير المنظمة الأممية، بل من ذات تقريرها المرجعي الذي سلفت الإشارة اليه. اذ أورد ذلك التقرير توصية مشتركة لرئيس مفوضية الاتحاد الافريقي والامين العام للأمم المتحدة جاء فيها ما يلي: “ينبغي ان يقتصر الكيان الذي ينشأ في المستقبل لدعم المرحلة الانتقالية على مدة الفترة الانتقالية، على النحو الذي طلبه السيد حمدوك. وعلى هذا النحو، ينبغي ان يضع الاتحاد الافريقي والامم المتحدة من البداية خطة لانهاء دعمهما الانتقالي. وأي مشاركة أخرى سيتعين مناقشتها مع الحكومة المنتخبة المقبلة”. بالرغم من ان هذه هي توصية رأسي المنظمتين المعنيتين، وبالرغم من ان ذلك هو ما تضمنه طلب رئيس حكومة البلد المعني، جاء مشروع القرار خاليا تماما من أي اشارة لنهاية أجل البعثة الاممية، أو أي إشارة لحكومة منتخبة تكون صاحبة القرار في التمديد للبعثة اذا لزم. بل لم يشر القرار الى اي نهاية محتملة للفترة الانتقالية نفسها. ألا يجوز لنا ان نتساءل من هو الذي يقوى على إسقاط توصية يجمع عليها أمين عام الأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس وزراء البلد المعني! بل ألا تتفق معي ان من يفعلون هذا هم اللذين يجيرون المنظمة الأممية لخدمة أجنداتهم! وهكذا تبدأ تلك الأجندات في الإسفار عن وجهها. وهكذا يتبلور العبئ الذي يُقعد الخيار الوطني الحر، حتى يتعاظم فتنوء به العصبة أولي القوة. وهكذا تبدأ أولى خطوات التمديد للبعثة الأممية لما وراء الفترة الانتقالية، بل تبدأ أولى خطوات تمديد الفترة الانتقالية نفسها. كل ذلك بإرادة أممية تستأزر بمن تروقه خياراتها من بني السودان وتناصب العداء من لا يجاريها. وحين تكون الموازنة بين الخيار الوطني والخيار الأممي، فان الخيار الأممي هو صاحب القدح المعلى، ولا غرو.