الديوان

الفنان الشامل “إبراهيم حجازي”.. (سيد الحيشان التلاتة)

كتب: محمد شريف
مرت قبل أيام ذكرى رحيل، شيخ الدراميين السودانيين، الرائد المسرحي الفنان “إبراهيم حجازي”، بعد مسيرة حافلة بالعطاء، وضع من خلالها بصمته الخالدة في الدراما السودانية، من خلال الحيشان التلاتة الإذاعة والتلفزيون والمسرح، وقد جلست إليه أكثر من مرة ووثقت لمسيرته برفقة المخرج التلفزيوني الراحل “محمد سليمان دخيل الله”.
(1)
اسمه “إبراهيم محمد السيد محمد سعيد حجازي”، وُلِد بحي الشهداء بأم درمان، أمضى طفولته بمدينة الرهد التي انتقل إليها والده تاجر المحاصيل ووكيل شركة شل للبترول، في (كُتاب) الرهد، بدأت علاقة “إبراهيم حجازي” بالمسرح والتمثيل، بمشاركته في جزء من مسرحية تاريخية، أدى فيها دور “هارون الرشيد”، ومشاهدته للفنان والرائد المسرحي “عثمان حميدة” (تور الجر) يغني ويقدم المنولوجات وبعض الألعاب السحرية، وهو يجوب مدارس كردفان، برفقة “خضر الحاوي”.
(2)
عاد “إبراهيم حجازي” لأم درمان منتصف خمسينيات القرن الماضي، والتحق بمدارس الأقباط، التي كانت تزخر بالأساتذة النجوم، حيث كان يدرس فيها الشيخ “عوض عمر” أول مقرئ للقرآن الكريم بالإذاعة السودانية، والأستاذ “حامد عمر الإمام”، الذي كوَّن أول فرقة للتمثيل بالمدارس، وكان “إبراهيم حجازي” من أعضائها، وكان أول عمل قدمته الفرقة مسرحية (المسؤولية) نال “حجازي” فيها دور البطولة.
(2)
كان الطالب “إبراهيم حجازي” مفتوناً بالإذاعة، شأنه شأن الكثير من أقرانه في ذلك الوقت، وقال: (عندما انتقلت الإذاعة إلى موقعها الحالي كنت معجباً بها جداً، وأحضر إليها دوماً للفرجة والاستماع والاستمتاع بما يقدمه النجوم الكبار، وكان بجوار الإذاعة دار للمرشدات في موقع الفنون الشعبية الحالي، وانضممت لهم وكنت أمثل معهم، ومن الأعمال التي مثلت فيها وقتها أتذكر مسرحية (مشكلة في بيتنا) وقد الفتها أول امرأة تؤلف مسرحية وهي “سكينة الجزولي” زوجة الحكم الدولي “عثمان أحمد البشير” وقد أخرجها الأستاذ الراحل “إسماعيل خورشيد”.
(3)
دخل “إبراهيم حجازي” للإذاعة بمجموعة الأعمال الدرامية مع رواد الدراما الإذاعية، “حسن عبد المجيد وإسماعيل خورشيد والسر قدور”، الذين يمثلون الجيل الثاني في تاريخ الدراما السودانية، سبقهم “ميسرة السراج” ومجموعة فرقة السودان للتمثيل والموسيقى و”محمد سرور وعوض صديق ومحمود الصباغ” (الجد شعبان) و”فهمي بدوي”.
وصعد “حجازي” لأول مرة (مسرح البراميل) لتقديم فقرات فكاهية، أثناء غناء الفنانين للإذاعة، برفقة الفنان والرائد المسرحي الراحل “الفاضل سعيد”، وكانت الفكاهة بعنوان (الزوحي ود حامد) وجدت إعجاباً شديداً من الجمهور، وهو ما قاد للمسرحية الكاملة كعرض منفصل عن الغناء.
(4)
في الموسم المسرحي الأول، للمسرح القومي السوداني (1967)، شارك الفنان الراحل “إبراهيم حجازي” في مسرحية (المك نمر) تأليف “إبراهيم العبادي” وإخراج “الفكي عبد الرحمن”، وكان دوره في المسرحية دور (ود النعيسان) حكيم قبيلة الجعليين، ومسرحية (أكل عيش) مع الرائد “الفاضل سعيد”، ومسرحية (سنار المحروسة)، وأخرج مسرحية (ضريح ود النور) من تأليف “بدر الدين هاشم”.
من المسرحيات الشهيرة التي شارك فيها الراحل “إبراهيم حجازي”، مسرحية (مدير ليوم واحد) من تأليف “علي سالم” وإخراج “عثمان أحمد حمد”، واختير فيها لدور البطولة الفنان القدير “السر أحمد قدور”، ونسبة لسفره للقاهرة أسند الدور للراحل “إبراهيم حجازي”، الذي حكى عنها بشجن: (شعرت بعظم المسؤولية، لأن السر قدور كان متفرداً في الأداء، قدمنا المسرحية في معظم مسارح مدن السودان وقد قام التلفزيون بتسجيلها في بداية ثورة الإنقاذ وعندما أراد بثها قال بعض الوشاة إنها ضد الدين مع أنها من أكثر المسرحيات دعوة إلى الخير والفضيلة).
(5)
من أشهر المسلسلات الإذاعية التي شارك فيها الراحل “إبراهيم حجازي”، مسلسلات (السرف) تأليف وإخراج الراحل “أحمد قباني”، (العمة الواقعة) تأليف “محمد خوجلي مصطفى” و(الحيطة المائلة) و(حكاية نادية) تأليف “حمدنا الله عبد القادر” وإخراج “محمد طاهر”، و”صلاح الدين الفاضل”.
عن مشاركته في الدراما التلفزيونية قال الراحل “إبراهيم حجازي”: (في البداية وقبل الحديث عن مشاركتي في الدراما التلفزيونية لا بد لي أن أتحدث عن قامة علمية وفكرية وهو البروفيسور “علي شمو” ذلك الرائد في مجالي الإذاعة والتلفزيون، وأول مراقب عام للتلفزيون وقد بدأ في مجال الدراما عالماً بما يود أن يفعل، فقد ابتعث الفنيين إلى المانيا وأقام الورشة التجريبية للدراما، وقدم دعوة صريحة بإخضاع الدراما للعلمية فانشأ أول فصل لتدريس الدراما بالتلفزيون خاصة والدراما عامة واستقدم الأساتذة طيبي الذكر “الطاهر شبيكة والفكي عبد الرحمن” للتدريس وكان هذا الفصل نواة علمية وسبق معهد الموسيقى والمسرح. تجاربي كثيرة في التلفزيون لكن تجربتي مع الأستاذ “هاشم صديق” في (طائر الشفق الغريب) تجربة اعتز بها لأنها فريدة ومدروسة، و”هاشم صديق” صاحب بصمة في الدراما التلفزيونية السودانية).
(6)
المخرج والأكاديمي البروفيسور “صلاح الدين الفاضل” المدير الأسبق للإذاعة، وصف الفنان الراحل “إبراهيم حجازي” بـ(وحش المايكرفون).
(7)
في العام 2014م كرمت رئاسة الجمهورية، ممثلة في مساعد رئيس الجمهورية “عبد الرحمن الصادق المهدي” ووزير الثقافة وقتها “الطيب حسن بدوي”، الفنان الراحل “إبراهيم حجازي”، بمنزله بالشهداء، بحضور الفنان “علي مهدي” رئيس اتحاد المهن الموسيقية والمسرحية المستقيل، و”مكي سنادة” والبروفيسور “سعد يوسف”، بجانب عشرات المسرحيين.
رحم الله الفنان القدير “إبراهيم حجازي”، وألهم آله وذويه وزملاءه وتلاميذه ومحبي فنه الجميل وعارفي فضله الصبر الجميل وحُسن العزاء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية