(المجهر) ترصد التفاصيل الكاملة لمحاولة اغتيال ” حمدوك”
تنديد واسع من دول أمريكية وأوروبية وعربية وافريقية بالمحاولة الإرهابية
انفجار عربة أثناء مرور موكب رئيس الوزراء والشرطة تلقي القبض على بعض المشتبه بهم
“حمدوك”: ما حدث لن يفقد الثورة التركيز على إنجاز مهامها وأرواحنا ليست أعز من دماء الشهداء
الخرطوم ـ فريق المجهر
نجا رئيس الوزراء د. “عبد الله حمدوك” من محاولة اغتيال صباح أمس عندما تعرض موكبه لهجوم إرهابي نفذ عبر انفجار عربة كانت تقف بجانب الطريق لحظة مروره في منطقة بالقرب من كوبري القوات المسلحة من ناحية كوبر.
وأعلنت الحكومة ، عدم إصابة رئيس الوزراء، وكشفت مصادر مطلعة عن اعتقالات واسعة نفذتها الشرطة لمشتبه بهم شملت أجنبياً كان بالقرب من موقع الحادث، وندد عدد من الدول العربية والغربية بالهجوم واعتبروه تطوراً خطيراً في السودان.
وعقد مجلس الوزراء، جلسة طارئة برئاسة “حمدوك” صباح أمس (الإثنين) لمناقشة تداعيات العملية الإرهابية، وأكد “حمدوك” أثناء الجلسة، إن ما حدث لن يفقد الثورة التركيز على إنجاز مهامها.
ودعا إلى مواصلة العمل من أجل تحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها الشعب السوداني، وأكد أن هذه الثورة مهرها شباب السودان بدمائه، وأضاف “أرواحنا ليست بأعز من تلك الدماء” ، وأكد الاجتماع على ضرورة إجراء تحقيق في ما حدث، ودعا إلى المحافظة على روح وأهداف الثورة والمضي بثبات في تحقيق أهدافها وبإدراك كامل لحجم التضحيات، وأعلن مجلس الوزراء، إلغاء كل لقاءات رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” المجدولة ليوم أمس (الإثنين)، بعد الهجوم.
تفاصيل الهجوم
قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة “فيصل محمد صالح”، في مؤتمر صحفي أمس، إن موكب رئيس الوزراء تعرض لهجوم إرهابي وإطلاق رصاص، وأكد أن “حمدوك” بخير ويمارس عمله بمكتبه في مجلس الوزراء ولم يصب بأي أذى وأفراد طاقمه عدا أحد أفراد التشريفة بإصابة في الكتف.
وأضاف “صالح” أن الحكومة ستتعامل بحسم مع كل محاولة إرهابية، وأن السلطات بدأت التحقيق في محاولة اغتيال “حمدوك” الفاشلة لمعرفة المتسببين.
وقال “فيصل” : “هنالك من يستهدف ثورة الشعب السوداني، ولكن إرادة الشعب باقية”.
وأكد شهود عيان تحدثوا لـ(المجهر) أن عربة ماركة هونداي “آكسنت” كانت متوقفة بجانب الطريق بالقرب من كوبري القوات المسلحة من ناحية كوبر انفجرت لحظة مرور موكب “حمدوك”، مشيرين إلى أن الانفجار أدى لسقوط شرطي المرور الذي يتقدم الموكب على دراجة نارية وتضررت منه العربة الأولى في الموكب واصطدمت بها العربة الثانية، موضحين أن أفراد الحراسة أسرعوا بنقل “حمدوك” إلى العربة الثالثة والخروج به سريعاً من منطقة الانفجار، لافتين إلى أن قوة الانفجار أدت لتساقط الزجاج في بناية مجاورة.
وتداول ناشطون مقطع فيديو صوره أحد المواطنين الذين تصادف وجودهم لحظة الانفجار، وأوضح الفيديو أن عربة دفع رباعي كانت تسير بسرعة جنونية وسقط عنها أحد الجنود من ثم ظهرت عربات موكب “حمدوك”.
خلية أزمة
وأعلنت الشرطة، تشكيل خلية أزمة أمنية لاحتواء الموقف، وأعلنت حالة الاستنفار القصوى لكشف المخطط الإرهابي، وقالت في بيان، إن محاولة الاغتيال هدفها جر البلاد إلى الفوضى، وأشارت إلى إصابة العريف شرطة “بهاء الدين إدريس” قائد التشريفة بكسر في الترقوة اليمين استدعت نقله إلى مستشفى ساهرون.
وأكدت تضرر عدد من المركبات بينها سيارتان من الموكب، وأضاف” لم ينجم عن الحادث أي إصابات أخرى وأن رئيس الوزراء وطاقمه بخير”.
ووصفت الشرطة العمل بالدخيل والخطير على البلاد على مر التاريخ الحديث، وزادت”يجعلنا نؤكد ونشدد أنه لن يمر دون كشف أبعاده، وعليه فإن أجهزتكم الأمنية قد وضعت نفسها في حالة استنفار قصوى ومتابعة دقيقة للوصول إلى كشف هذا المخطط الإرهابي الذي يهدف إلى جر البلاد نحو واقع خطير ومعقد وتم تشكيل غرفة أزمة لهذا الغرض”.
وناشد البيان المواطنين الكرام والحادبين على مصلحة البلاد أن يتحلوا بأقصى درجات اليقظة والتعاون مع الأجهزة المختصة وضرورة الإبلاغ عن أي مظاهر أو أنشطة تهدد أمن واستقرار البلاد.
النيابة العامة تعلن بدء التحقيقات
وأكدت النيابة العامة أن استهداف موكب رئيس الوزراء هو استهداف لكل النظام الانتقالي الدستوري القائم بالبلاد.
وأشارت النيابة في بيان إلى أن العمل قد تم التخطيط له بصورة احترافية سواء من حيث الزمان أو من حيث المكان وهو بذلك يشكل جريمة ضد الدولة مكتملة الأركان بموجب نص المواد (50و51) من القانون الجنائي لسنة 1991م وقانون الإرهاب لسنة 2001م وقانون الأسلحة والذخيرة لسنة 1986م.
وأعلنت النيابة البدء في التحقيقات ، عبر إدارة الأدلة الجنائية بالشرطة وكل أجهزة الدولة المعنية والبحث الجنائي للقبض على الجناة.
وأضاف البيان : “منذ 18 ديسمبر 2018م وحتى سقوط النظام السابق كانت كل المسيرات سلمية ولم تشهد البلاد خلال ثلاثين عاماً أية أعمال تفجيرات ولأول مرة تبدأ هذه الظاهرة بعد سقوط النظام السابق”.
وقال البيان إن أجهزة الدولة المختلفة ستواصل التحقيقات والرصد ومواجهة أي عمل إرهابي بالحزم اللازم وفق أحكام القانون وستواصل النيابة العامة بشجاعة ومهنية عالية، التحقيقات في كل قضايا رموز النظام السابق، وخاصة قضايا العنف والقتل خارج نطاق القضاء والجرائم ضد الإنسانية وممارسة عمليات القتل والسجن والإرهاب التي وقعت في مواجهة المتظاهرين السلميين.
وناشدت جميع المواطنين التحلي بالوعي اللازم والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، وأضافت “الإرهابيون لا أخلاق لهم ولا قيم لهم فهم شرائح مرفوضة إنسانياً وأخلاقياً واجتماعياً”، منوهاً إلى أن تفكيك التنظيمات الإرهابية والخلايا التابعة لها هي من أولويات الأجهزة الشرطية والأمنية وكل أجهزة الدولة ذات الصلة.
تنديد أوروبي وعربي وأفريقي واسع
وأعلنت دول العالم الخارجية “أوروبية ،عربية ،أفريقية” تنديدها وإدانتها للمحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس مجلس الوزراء د. “عبد الله حمدوك”.
وعبر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية “جوزيف بوريل فونتيلس”، عن صدمته لحادث رئيس الوزراء “حمدوك”، وقال: صدمت عندما سمعت عن محاولة الاغتيال ضد رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك”.
وأعلن “جوزيف” عن أن الاتحاد الأوروبي سيواصل الوقوف إلى جانب السودان لدعم عملية الانتقال، وأضاف” ليس هناك خطوة ممكنة إلى الوراء، يجب الحفاظ على مُثُل الثورة”.
وعبرت السفارة الأمريكية في الخرطوم، عن الصدمة والحزن إزاء الهجوم على موكب رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك”، وأكدت السفارة أنها ستواصل دعم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين وتضامناً مع الشعب السوداني.
كما أعلنت فرنسا إدانتها الكاملة لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء.
وأدانت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحكومات عربية وأوروبية الحادثة، ونشرت المنظمات والاتحادات الدولية والإقليمية المختلفة بيانات إدانة واسعة ضد المحاولة الفاشلة.
وتلقى “حمدوك” اتصالات هاتفية من رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” وأكد أن ما حدث لن يوقف مسيرة التغيير التي بدأها “حمدوك”.
فيما نشرت مصر والإمارات والسعودية وجنوب السودان بيانات إدانة للحادث، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصري”أحمد حافظ”، أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله والقضاء عليه، كما أدان رئيس البرلمان العربي “مشعل بن فهد السلمي” بأشد العبارات العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف موكب رئيس الوزراء.
استنكار واسع من الأحزاب السياسية
واستنكرت الأحزاب السياسية حادثة محاولة الاغتيال ووصفت “قوى الحرية والتغيير” الهجوم على موكب حمدوك بأنه “هجوم إرهابي” يشكل امتداداً لمحاولات قوى الردة للانقضاض على الثورة السودانية وإجهاضها.
وفي السياق، قال الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني “خالد عمر” الشهير بخالد “سلك ” بـأن محاولة اغتيال رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” هي حلقة جديدة من حلقات التآمر للانقلاب على الثورة السودانية” ، وفي المقابل أدان حزب المؤتمر الوطني محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء السوداني د.”عبدالله حمدوك”، وقال رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول البروفيسور “إبراهيم غندور”، إنّ ما تعرض له رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” من محاولة اغتيال- بغض النظر عمن يقف وراءها أو من يحاول الاستفادة منها- هي حادثة دخيلة على المجتمع السوداني وقيم تسامحه وتماسكه المجتمعي ، وقال غندور-خلال منشوره بالفيسبوك – إن المحاولة تجد منهم كل الشجب، ودعا “غندور” الله بأن يسلِّم الوطن والشعب من الفوضى ومستنقع الفتن، وأدان الحزب الشيوعي محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء “حمدوك”، وقال القيادي بالحزب الشيوعي وعضو اللجنة المركزية بالشيوعي المهندس “صديق يوسف” في تصريح لـ(المجهر) أن المحاولة تهدف لإدخال ثقافة عنف لا تشبه السودان ولا السودانيين.
من جانبه، أدان رئيس حركة العدل والمساواة دكتور “جبريل إبراهيم” استهداف موكب رئيس مجلس الوزراء، واصفاً المحاولة بأنها عملية إرهابية جبانة لا تشبه سلوك الشعب السوداني.
وفي السياق، تأسف حزب ” الأمة الفيدرالي” للمحاولة الفاشلة التي تعرض لها رئيس مجلس الوزراء ، ووصف الحادث بالوحشي.
وفي السياق ذاته، اتهم حزب البعث الاشتراكي، الحركة الإسلامية وحاضنتها المؤتمر الوطني بأنه وراء محاولة الاغتيال، مشيراً إلى أنه المستفيد منها، مؤكداً بأن المؤتمر الوطني سبق أن دبر محاولة اغتيال لأحد رؤساء دول الجوار، كما أنه سبق وصفى من هم مختلفون معه بدءاً من ضباط 28 رمضان وحتى مواطني دارفور ومناطق النزاع الأخرى.
ووصف القيادي بالجبهة الثورية “ياسر عرمان” محاولة الاغتيال باليأس وإحباط من منفذيه ورسالة من الثورة المضادة، وأضاف في تصريح لـ(المجهر) أن الحادث يعد الأول من نوعه وحجمه منذ استقلال السودان يجب أن تقابله رسائل من جماهير وقوى الثورة.
وطالب أن يخرج الملايين “مدنيين وعسكريين” معاً يملأون الساحات في وحدة لا انفصام لعراها بين الشعب والقوات النظامية وقوى الكفاح المسلح، وقال أن الإرهاب يكسب المعركة حينما تضعف وحدتنا وتنزوي الجماهير وتترك الساحة لقوى الثورة المضادة.
وأضاف، بعد أن فشلت مسيرات الزحف الأخضر بدعوى الضائقة المعيشية اتجهت قوى الثورة المضادة للزحف الأحمر ، وهو قمة التصعيد واليأس والإفلاس بعد أن فشلت في استقطاب الجماهير ورفضها أن تترك ثورتها نتيجة للضائقة المعيشية.
وأوضح أن بناء الدولة المدنية يتطلب بناء قطاع أمني وعسكري متماسك يضم القوات المسلحة والدعم السريع وقوى الكفاح المسلح وهذا ما ظللنا نردده منذ أبريل 2019م.
واستنكر المؤتمر الشعبي ما تعرض له موكب رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك” صباح أمس (الإثنين) من محاولة الاعتداء الفاشلة على حياته.
وقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي “بشير آدم رحمة” إن أسلوب الاغتيالات دخيل على الساحة السودانية، مبيناً أن حزبه سيعمل وفق أسلوب الحريات، مشيراً إلى أن هذه الثورة التي أتاحت للشعب السوداني أن يتمتع بحرياته لا نرضى بأي حال من الأحوال أن يكون هنالك عمل يعيد الناس إلى مربع الكبت ومصادرة الحريات.