شهادتي لله

لله درك يا "علي" (4)

{ الخطأ الأكبر الذي وقع فيه الشيخ “الترابي” في خطته لمعاقبة وإقصاء الموقعين على (مذكرة العشرة)، وآخرين ممن يقفون في صف الرئيس “البشير”، هو تعمُّده (تهميش) واستعداء الأستاذ “علي عثمان” خلال إجراءات مؤتمر (العشرة آلاف) في أكتوبر عام 1999، فقد وضع كل البيض في سلة الدكتور “علي الحاج”!!
{ كان “علي عثمان” مثل (الضيف) في ذلك المؤتمر العام.. يأتي ليجلس في المقاعد الأمامية بالقاعة الكبرى بالمركز العام لحزب المؤتمر الوطني، بينما يجلس “الترابي” و”علي الحاج” على المنصة!!
{ وبعد أن اكتملت (عملية تصفية) (العشرة) المطالبين بالإصلاح (الحزبي)، وكان من بين مطالبهم تحديد صلاحيات الأمانة العامة، وتشكيل مكتب سياسي يرأسه الرئيس “البشير”، بدأت مرحلة الاستعداد للانتقال إلى ملعب الحكومة، ابتداء من رئاسة الجمهورية.
{ كانت خطة الدكتور “الترابي” – حسب متابعاتي في تلك الفترة – تهدف في نهاياتها إلى دفع رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” إلى (الاستقالة) والتنحي عن السلطة، بعد أن رفض طلب (الشيخ) بخلع (البزة العسكرية)، والقبول بأن يكون رئيساً (مدنياً)، لا علاقة له بالقيادة العامة للقوات المسلحة!!
{ وراجت في تلك الأيام من نهايات العام 1999، معلومات قوية عن (اعتكاف) الرئيس “البشير” في منزل خاص بضاحية شرق النيل، وزادت المصادر بأنه بدا زاهداً في السلطة وراغباً في مغادرة كرسي الرئاسة.
{ في الاتجاه الآخر، كان (الشيخ) منتشياً ومطمئناً إلى نجاح خطته في تقليص نفوذ (العسكريين) في السلطة، وتقليم (أظافر) الموالين لهم في صفوف تلاميذه ومساعديه، ومن بينهم الذين وقعوا على (مذكرة العشرة) ودفعوا بها إلى اجتماع مجلس الشورى، مباغتين بها الأمين العام الدكتور “حسن الترابي”، بعد التنسيق مع الرئيس، وهو رئيس مجلس الشورى.
{ من على منصة المجلس الوطني – البرلمان – جلس الشيخ “الترابي” يدير جلسة مخصَّصة للنظر في (التعديلات الدستورية) المثيرة للجدل والخلاف بين (القصر) و(البرلمان)، ومن ضمنها نص يقرر انتخاب (الولاة)، وليس تعيينهم بمراسيم جمهورية صادرة من الرئيس.
{ صحيح أن الدستور اللاحق في العام 2005 أقر عملية انتخاب (الولاة)، ولكن (الرئاسة) كانت ترى في تلك الأيام من العام 1999، أن “الترابي” يسعى إلى (تحجيم) صلاحيات رئيس الجمهورية إلى أدنى درجة ممكنة، وقد كان ذلك صحيحاً.
{ تدخل “علي عثمان” بصفته نائباً أول للرئيس، وسعى بين (الرئيس) و(الشيخ) لتأجيل النظر في التعديلات، وخاطب البرلمان في جلسة مشهودة وساخنة، ظن بعدها أن الأمر قد انتهى.
{ لكن “الشيخ” لم يبالِ بمساعي “علي عثمان”، ومضى في برنامج مناقشة (التعديلات الدستورية)، ومضى في إدارة تلك الجلسة البرلمانية الصاخبة بقوله، وبطريقته المعروفة: (وصلنا خطاب من رئاسة الجمهورية – بدون نمرة – يطلب إرجاء النظر في التعديلات الدستورية).
{ سخر (الشيخ) من رجاءات الرئاسة، واستعدى عليه نائبه في الحركة الإسلامية – “علي عثمان” – مرتين وخلال حدثين كبيرين، الأول في المؤتمر العام الذي قاد تنظيمه وتكتيكاته الدكتور “علي الحاج”، والثاني بنسف مساعي النائب الأول لنزع فتيل التوتر بين (القصر) و(البرلمان).
{ قبلها قال “علي عثمان” قولته المشهورة التي تناقلتها الصحف بعد المؤتمر العام: (لن نسمح بانتقال التصفيات إلى الجهاز التنفيذي).
{ اتضح موقف النائب الأول من الصراع بصورة ساطعة، ولأول مرة، يوم أن قال قولته تلك.
– نواصل –

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية