الإنترنت .. أعيدوه في نصف ساعة !
1
لابد أن يعود الإنترنت عاجلاً لشبكات السودان ، وهاهو رئيس شركة (زين) الفريق “الفاتح عروة” يؤكد أنهم قادرون على إعادته خلال (نصف ساعة) لو صدرت إليهم الأوامر ، فالإنترنت خدمة أساسية بالغة الأهمية لا يمكن الاستغناء عنها في عصر المعلومات ، فكيف يستمر أمر السلطات سارياً بإغلاق منافذ النت لأكثر من شهر ؟!
لو أن الهدف من الإغلاق كان سياسياً بالتأثير على قدرة قوى الحرية والتغيير في تنظيم مواكب واحتجاجات شعبية ، فقد كان ، وخرجت المواكب يوم الثلاثين من يونيو بما فاق كل التوقعات .
وإذا كان تعطيل الإنترنت هدفه تخفيف الغلواء والشحن السياسي ، وإثارة المشاعر من جديد بعد هدوء الأحوال في الخرطوم عقب الاتفاق الذي وقعه المجلس العسكري مع قوى الحرية ، فإن تهدئة الخواطر ، والحفاظ على استقرار الأوضاع في البلاد والنأي عن التعبئة السلبية صارت من أوجب مسؤوليات وواجبات قوى الحرية والتغيير ، عبر لجانها السياسية والإعلامية والميدانية، لأنها صارت قوى (حاكمة) أو شريكة في الحكم ، ومن مصلحتها عبور هذه المرحلة الحساسة بتوفير مناخ آمن و بيئة نفسية ملائمة لرئيس وأعضاء الحكومة المرتقبة ، فقد لا يقبل الكثير من المرشحين لمناصب مجلس السيادة ومجلس الوزراء القبول بالتكليف ، إذا لم يستشعروا أن المناخ السياسي يمضي نحو الأفضل ، اعتدالاً وانخفاضاً في درجات الحرارة .
حفظ الأمن والسلام الاجتماعي لم يعد مسؤولية حصرية على قوات الجيش ، الدعم السريع ، الشرطة والأمن ، بل دخلت قوى الحرية والتغيير طرفاً في المعادلة ، بنشر ثقافة السلام وبث مفردات التفاؤل ونثر أغاني الفرح بدلاً عن هتافات الكراهية ، على امتداد الأسافير السودانية ، وبكافة وسائل التواصل الاجتماعي ، فإن لم تهدأ النفوس ، ويتبدل المزاج العام في الشارع داخل وخارج البلاد ، لن تنجح الحكومة الانتقالية في تقديم أداء يوافق الحد الأدنى من تطلعات الشعب السوداني في كافة المجالات .
نجاح حكومة الانتقال يعني نجاح قوى الحرية والتغيير ، وفشلها يعني النهاية المبكرة للمشروع السياسي لهذه القوى قبل انطلاقة موسم الانتخابات بعد ثلاث سنوات ، وربما أقل ، لأن استمرار التراجع السياسي والاقتصادي والأمني يقود للتفكير المُلح للدعوة لانتخابات (مبكرة) ، كما هو العُرف في النظم الديمقراطية ، عندما يضيق الحال وتدخل الحكومة (المنتخبة) في امتحان عسير تحتاج فيه لتفويض شعبي جديد ، فما بالك بحكومة غير منتخبة !
2
كما ذكرتُ هنا بالأمس ، ما زلتُ أردد بأن رئيس الوزراء القادم يلزم أن تتوفر فيه إمكانيات سياسية وصفات شخصية مهمة ، أولها الحكمة والكياسة وسعة الصدر ، لأنه سيكون (حكيم) المرحلة أكثر من أعضاء مجلس السيادة .
ولهذا فليس مطلوباً أن يكون رئيس الوزراء من التكنوقراط الذين لم يمارسوا السياسة من قبل ، ولا قادوا جماعات ولا خاطبوا قضايا مجتمعات .
رجل مثل الدكتور “جبريل إبراهيم” يمثل (الهامش) الذي نشطت من جديد التجارة والمزايدة باسمه ، ويمكنه أن يمثلني ويمثل غيري من أهل المركز .. بعدالة .
كمراقب ومواطن مخالف لقوى الحرية في الكثير من سلوكها السياسي ، ليست لدي مشكلة في أن يكون رئيس الوزراء المهندس “عمر الدقير” ، إذا وافق عليه الحزب الشيوعي والمجلس العسكري !
من المرشحين الدكتورة “فدوى عبدالرحمن علي طه ” ، وكنتُ قد أشرتُ لها قبل سنوات في هذه المساحة ، ورشحتها للوزارة في حكومات المؤتمر الوطني ، مشيداً بقدراتها كامرأة سودانية مثقفة ، غير أنني أظن أنها الآن أنسب لعضوية مجلس السيادة وليس لرئاسة الوزراء ، لأسباب عديدة ، من بينها أن المنصب في هذه المرحلة يحتاج لجهد خرافي وطاقة واعتصام بالمكتب آناء الليل وأطراف النهار ، وهو ما لا يناسب طبيعة والتزامات المرأة في السودان ، بعيداً عن جدل (الجندرة) ومنزلقاتها ، وترف التفكير باختيار امرأة في ظرف غير مواتٍ ، على أساس التمييز الإيجابي للمرأة .
طبيعة المهمة وما يحيط بها هي التي تفرض مواصفات رجل أو سيدة المرحلة .