الديوان

تجارة الخُرَد.. الأرزاق تجري من بين (فك) السلع القديمة والمستعملة

تباين كبير في أسعارها

الخرطوم – المجهر
بالقرب من مقابر “أحمد شرفي” في الجهة الغربية توجد دلالة الخُرَد، وهي المكان الذي يتجمع فيها تجار الخرد الذين يتجولون داخل الأحياء على عربات الكارو، تسبقهم عبارتهم الشهيرة (خُرد.. خُرد.. خُرد) ليعرضوا ما جمعوه من هذه الأحياء لتجار الخُرد الكبار، وكشفت جولة لـ(المجهر) داخل هذه الدلالة عن مفارقة كبيرة ما بين أسعار الشراء والبيع، ففي الوقت الذي يشتري فيه تاجر خرد مروحة كهربائية من إحدى الأسر بمبلغ لا يتجاوز الخمسين جنيهاً، فإن هذا التاجر يعرضها داخل دلالة الخرد بمبلغ لا يقل عن ثلاثمائة جنيه. (المجهر) واجهت عدداً من بائعي الخرد بهذا الفارق بين السعر الذي يشترون به مقابل سعر البيع، إلا أنهم أجمعوا على أن البيع بالتراضي، وأنهم لا يغصبون أحداً على البيع.
البيع بالتراضي
“بابكر الأمين” تاجر خُرد تخصص في شراء الحديد فقط، حدثنا عن دلالة الخرد، وقال إنه المكان الذي يتجمع فيه بائعو الخرد المتجولون في الأحياء لعرض ما جمعوه من المنازل، ويوجد بالدلالة عدد من التجار الكبار كل يتخصص في شراء نوع معين من الخرد، وقلنا لـ”بابكر” البعض يرى أن هنالك مفارقة بين الأسعار التي يشتري بها تجار الخرد المتجولون من المواطنين وبين أسعار البيع، فأجاب هذه حقيقة، ولكن في النهاية البيع يتم بالتراضي .
تلاجة مستعملة
“محمد الأشم”: تاجر خرد التقته (المجهر) داخل الدلالة وسألته عن سعر تلاجة (14) قدم قديمة يحملها على عربة الكارو الخاصة به، وطلب (1000) جنيه مقابلاً لها، وعندما سألناه عن السعر الذي اشتراها به، رفض الإفصاح بحجة أن هذا أمر يخصه، إلا أن شخصاً كان قد سبقنا بالسؤال عن سعرها همس في أذننا بأنه غالباً يكون اشتراها بسعر زهيد لا يتجاوز المئة جنيه بأي حال.
عروض بأرقام فلكية
واصلت (المجهر) جولتها داخل دلالة الخرد ووقفت على الكثير من الخرد معروضة بأسعار فلكية، ورصدنا (جوز سراير) قديم به كسور متعددة، وسألنا البائع عن سعره فقال (700) جنيه، ووقفنا على عربة أطفال صغيرة قديمة إلا أنها بحالة جيدة، وطلب صاحبها مبلغ (1000) جنيه، وأيضاً وجدنا طقم كراسي جلوس مستعمل وطلب صاحبه (800) جنيه، ورفض عرضاً قدمه أحد المواطنين بمبلغ (600) جنيه، مصراً على أن الـ(800) جنيه سعر نهائي، وحاولت (المجهر) الدخول (كواسطة خير) بين الطرفين، إلا أن البائع أصر وغضب عندما سألناه عن المبلغ الذي اشترى به هذا الطقم، وقال بالحرف الواحد: (ما عايز أبيع ليكم مش على كيفي)، وأثناء الجولة وجدنا أحدهم يعرض مائدة سفرة كبيرة ومعها ثلاث موائد صغيرة بمبلغ (1200) جنيه.
ظروف
“الطاهر الأمين”: مواطن استطلعته (المجهر) حول قضية الخرد، فأجاب (طبعاً التاجر من هؤلاء يعرض على الأسرة التي اضطرتها الظروف لبيع مقتنياتها أزهد الأسعار، لأنه يعرف تماماً أنهم مضطرون للقبول به، وأنا لدى تجربة شخصية، حيث عرضت على أحدهم عدد (2) سراير حديد سعرها لا يقل عن (1000) جنيه، ودفع لي مبلغ (50) جنيها بكل برود، وفي مرة عرضت على تاجر خرد حقيبة سفر كبيرة سعرها في السوق لا يقل عن (1200) جنيه، ودفع لي (70) جنيهاً.
أسعار تافهة
وتحدث لنا المواطن “مجاهد الخير” بغضب قائلاً تجار الخرد استغلاليون جداً، ويقدمون أسعاراً تافهة لعلمهم التام بأن المواطن الذي يعرض أثاثات منزله مضطر للقبول بهذه الأسعار، وأذكر أنني عرضت لأحدهم غسالة كهربائية سعرها لا يقل عن (6) ملايين جنيه وعرض على مئتي جنيه فقط، وحقيقة لدى تجارب عديدة مع هؤلاء التجار، وفي النهاية وصلت إلى قناعة تامة بأن لا أعرض عليهم أي شيء مهما كانت الظروف.
الحل الوحيد
“ماجدة خير الله” ربة منزل تحدثت إلينا بأسف عن تجار الخرد، وقالت (يعرضون أسعاراً زهيدة جداً، ولكننا مضطرون للتعامل معهم، وفي أحيان كثيرة لا يترك لنا رب الأسرة وهو عامل يومية مصاريف اليوم، فاضطر إلى بيع بعض المقتنيات القديمة بالمنزل إن كانت أثاثات أو ملابس أو غيرها، وهذا هو الحل الوحيد ولا مفر من القبول بالمبالغ الزهيدة التي يدفعها هؤلاء التجار، وبالأمس القريب بعت لأحدهم مجموعة من الملابس القديمة واشتراها مني بمبلغ (30) جنيهاً فقط، وأنا متأكدة أنه سيبيعها لآخرين بمئات الجنيهات.
طابعة وبرميل
أحد الزملاء الصحفيين تحدثت معه حول قضية الخرد قال إنه شخصياً باع أشياء كثيرة لتجار الخرد، وقال في مرة بعت لأحدهم طابعة كمبيوتر وبرميل حديد وأشياء أخرى، ودفع لي مقابلها مجتمعة مبلغ (150) جنيهاً فقط.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية