الديوان

دستا نساء و(26) من الأبناء والبنات.. وينتظر تكريماً من الوزيرة "أميرة الفاضل"!!

ما بين مدينة (الدلنج) أو عروس الجبال كما يحلو لأهلها تسميتها و(الدبيبات) عروس القوز، ثمة قرى متناثرة (ترقد) على ضفة (خور أبو جبل)، تغتسل بالرمال وتكتحل بطين الوادي الخصيب، على بعد عشرين كيلومتراً شمال (الدلنج) تقع قرية (الضليمة)، وسُميت بهذا الاسم كناية عن أشجارها الكثيفة وخضرتها الدائمة، لكن (الإنقاذ) التي درجت على تغيير أسماء المدن والقرى والأحياء والشوارع جعلتها (نور الهدى)، ورغم ذلك لم تحصل على نصيبها من الضوء، بل حتى مدينة (الدلنج) نفسها غشاها الظلام التام.
وإذا ما استطردنا في تغيير الأسماء الذي صارت (تتولاه) الحكومة نيابة عن الشعب، لا بد أن نذكر (عدِ الفرسان) التي ظلت الذاكرة الشعبية تحتفظ باسمها القديم (عدِ الغنم)، وكما كان (سوق أبو جهل) الشهير في مدينة (الأبيض) يبدو عصياً على التغيير، هدمه المعتمد “فتح الرحمن” بلا رحمة أو شفقة، و(سوق خليفة) في الثورة الحارة (17) لم يحمل اسم (العامرية) إلى الآن رغم وجوده في الأوراق الرسمية، كذلك صمد (جبل الشفر) ورفض الاستجابة لدواعي التغيير الذي لم يطال (الدبة) ولا (الدبيبات) ولا (النهود) ولا (العفاض).
ناس أفراحها زايدة وناس يتألموا
في قرية نور الهدى (الضليمة) كانت (المجهر) في قلب المجتمع، مقهى صغير يرتاده سائقو اللواري السفرية والشاحنات من كل نوع وجنس، يتكئون على عناقريب صغيرة ويغطون في نوم عميق بعد أن أرهقهم طول المسير وعسر الطريق، يحتسون قهوة وشاي (سعدية) أشهر مالك قهوة في المنطقة، وحينما طلب “أبو زيد عبد القادر” شيخ قرية (طيبة) كوب قهوة، وسعى “ياسر مختار” للحصول على شاي اللبن، كان “محمد مكي جاد الرب” يدندن بشيء من الدوبيت، ويضع سفة التمباك في قاع شفته السفلى، حتى ظهرت أسنانه التي (أسودت) جراء (التمبكة المستمرة)، وكان “محمد مكي” يتزيا بالـ(الكدمول) التشادي، فيبدو أكثر حيوية ونشاطاً، بينما يداعب (سعدية) قائلاً: إنت الليلة زبائنك كُتار، وأنا منذ الصباح لم يدخل جيبي جنيه واحد، ثلاثة تيوس ذبحتها ومنتظر الكريم، ويضحك بسخرية (ناس أفراحها زايدة وناس يتألموا).
دستا نساء وبعض أبنائي لا أعرف أسماءهم
سألت الرجل عن مهنته، فقال أنا جزار منذ (40) عاماً، قلت له ما هي قصة الجزارة، ومن أين جئت؟ فقرية (الضليمة) هي مزيج من عرب الحوازمة والمناصير القادمين من أقاصي الشمال والمعاليا والنوبة والبرنو والبرقو، الذين يزرعون الطماطم ويحصدون حفظ القرآن، وكنانة في قرية (أم عنوان) أو (أنم علون)، وبعض البريدية والحمر، أجاب “محمد مكي” أنا من المزروب (البلد الجميل أوصافو)، تجمعني برئيس المجلس الوطني مولانا “أحمد إبراهيم الطاهر” قبيلة المجانين، نزحت إلى منطقة (الضليمة) قبل سنوات بعيدة، وعشت هنا فترة الصبا والشباب، تعلمت أشياء كثيرة، تزوجت حتى الآن (24) امرأة من مختلف القبائل السودانية، وصلت هذه المنطقة برفقة زوجتي الأولى (بنت عمتي)، ثم تزوجت من الحمر والنوبة والحوازمة حتى بلغت (24) امرأة، طبعاً عندما أتزوج أطلق سراح الرابعة وهكذا دواليك، فأنجبت من البنات (18) بعضهن تخرجن من الجامعة، خمس من بناتي خريجات (أم درمان الإسلامية) و(جامعة الخرطوم) و(كردفان) و(الدلنج) و(جوبا)، وأنجبت من الأولاد  ثمانية، بعض أبنائي لا أعرف أسماءهم، اختار بعضهم العمل في الشرطة والجيش والتجارة والتعليم، والآن في عصمتي أربع زوجات إذا حصلت على مال وفتاة (سمحة) مستعد للزواج منها، لأن زوجتي الرابعة أصبحت كبيرة في سنها وهي لا تنجب، وبالمناسبة كثيراً من زوجاتي حينما يقع الطلاق يفضلن الإقامة بالقرب مني من أجل أولادهن، ويمضي “جاد الرب” فيقول: أنا مستغرب جداً لسماحة بنات الخرطوم والرجال قاعدين يشوفوا ليهن سااي، ولكنهم لا يتزوجوهن، يطبق السيد “جاد الرب” عبارته هذه، ثم يشرع يدندن ببعض أغنيات “الطيب عبد الله” ويقول أنا عاشق للفن القديم، ومعجب بـ”حسن عطية ووردي”، وأشجع الهلال، ولكنني الآن زعلان منه جداً، لقد كان هلالاً زمان، أما الآن فقد أصبح (مسيخاً)، يطلق ضحكة قوية، ينزع عن رأسه (الكدمول)، فيكشف عن شعرات بيضاء متناثرة، رغم أن عمره لم يزل (60) عاماً.
كرميني يا وزيرة!!
يقول “محمد مكي” عن نفسه، أنه يستحق أن تكرمه الوزيرة “أميرة الفاضل”، لكن الوزيرة لا تنظر لأمثاله من البسطاء والفقراء، وسألت (المجهر) الرجل المزواج عن أمنيته؟ قال أن التقي الرئيس “البشير” في جلسة عابرة عشان أقول ليهو كلام لم يسمعه من قريبي مولانا “أحمد إبراهيم الطاهر”، وحينما طلبت منه صورة لـ(المجهر) قال الصورة مهمة يمكن تعجب واحدة من بنات الخرطوم، وتطلب أن أتزوج بها، وأضاف: أنا سمعت بالزواج العرفي، إذا العلماء قالوا حلال سأتزوج عرفياً نسوان كتار جداً.
لكننا سرعان ما طوينا ملف الزواج العرفي، وودعنا السيد ” محمد مكي جاد الرب” فقد حان موعد رحلينا إلى (الدلنج). 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية