أخبار

عودة أخيرة

اليوم يعود الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة إمام الأنصار بعد رحلة هجرة قسرية، كما يراها البعض واختيارية برؤية آخرين.. وتعددت هجرات “المهدي” طوال (30) عاماً.. هي ما بعد إزاحته من السلطة (بانقلاب) أو (ثورة).. طبعاً السودانيين مختلفين في الثورات والانقلابات.. كل يسمى الأشياء حيث يقف في الضفة اليمنى أو اليسرى من نهر السياسة الهائج!!
الإمام “الصادق المهدي” نأى بنفسه وبحزب الأمة عن التورط في العنف مهما حاقت به من الظلامات.. ووقف الرجل يوم غزوة أم درمان في رابعة النهار وأطلق إدانة لعنف حركة العدل والمساواة وتورطها في عملية عسكرية كادت أن تغرق البلاد في بحر الدماء وخسر “المهدي” بموقفه المعلن المعارضة وانتاشته سهام النقد والتخوين من كل أطياف المعارضة.. وتعرض “المهدي” في الثلاثين عاماً التي مضت للسجن والإذلال والقهر المعنوي، ودفع ثمن مواقفه سجناً وتشريداً.. اقترب من المؤتمر الوطني في سنوات وابتعد في أخرى.. ولكنه في كلا الحالتين حظي باحترام قيادات حزب المؤتمر الوطني.
في هجرته الأخيرة توالت رسائل الرئيس “البشير” من أجل عودته للوطن والمشاركة في (أمهات) القضايا من صناعة السلام إلى صناعة الدستور!! ولكن “المهدي” قدم رجلاً وآخر أخرى.. في أديس أبابا بعث إليه “البشير” برسالة حملها المساعد السابق “إبراهيم محمود حامد” وفي رحلة سرية غير معلنة بعث “البشير” لـ”المهدي” الفريق “الهادي عبد الله” واللواء “صافي النور”.. وجسرت تلك اللقاءات طريق العودة الطوعية لإمام الأنصار اليوم (الأربعاء) الذي يوافق (19) ديسمبر ذكرى استقلال السودان من داخل البرلمان.. ولقاء “المهدي” بمساعد الرئيس د.”فيصل حسن إبراهيم” الأخير في أديس أبابا اتفق فيه على تفاصيل بعضها أعلنها “فيصل” يوم (السبت) الماضي في مؤتمره الصحافي وبعضها (تركه) لاعتبارات السياسة.. وللواء “عبد الرحمن الصادق” ابن الإمام ومساعد الرئيس، الفضل في تقريب التباعد بين الأمة والوطني ولعب (أدواراً) مسكوتاً عنها في القصر ومسكوتاً عنها في (ودنوباوي) ولكنها أثمرت عودة الإمام وهي مثل عودة طائر الفينيق وعودة “سليم الحص” إلى بيروت بعد انقشاع أزمة قوى الرابع عشر من حزيران مع الرئيس اللبناني حينذاك.
وجود الإمام “الصادق المهدي” في أم درمان إضافة موجبة للوطن ولاستقراره.. وحزب الأمة رقم لا يمكن تجاهله في صناعة الدستور والمشاركة في الانتخابات وكلاهما مطالب للشعب السوداني الذي أعياه الصراع على الحكم وإهدار الوقت والطاقات في لعبة القط والفار في مسرح اللا معقول.. وإذا كان مساعد الرئيس د.”فيصل حسن إبراهيم” يقول جهراً إن اتفاقاً قد تم التوصل إليه مع “المهدي” في أديس أبابا لمشاركة حزب الأمة في لجنة الدستور ومشاركة الحزب في انتخابات 2020م، بشروط أبرزها نزاهة الممارسة وحرية التعبير والتنظيم.. فإن البلاد رغم أزماتها الاقتصادية قد تنتقل لمرحلة جديدة إذا ما ولجت الساحة شخصيات بقيمة “الصادق” وأحزاب بوزن الأمة لن يخسر شيئاً من مواقف الاعتدال وإذا خاض الإمام الانتخابات القادمة سيجعل حزبه جزءاً من معادلة السلطة في دورتها القادمة ومصلحة المؤتمر الوطني أن ينافسه وينازله في معركة الجماهير حزب الأمة القومي بدلاً عن حزب الأمة الوطني ، وأن تنافس “البشير” شخصيات مثل “الصادق” بدلاً من “نهار” و”كيجاب” و”منير شيخ الدين”.. وعودة “المهدي” خطوة نحو نقل الصراع إلى التنافس.. وغداً يعود “جبريل” و”مناوي” كإضافة سياسية لمرحلة قادمة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية