لماذا يضحك وزير الدفاع؟!
– 1 –
{ فشلت اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين السودان والجنوب بقيادة وزيري الدفاع الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين”، والفريق “جون كونق”، في الاتفاق أمس الأول بالخرطوم على ترتيبات (تنفيذ) اتفاق الترتيبات الأمنية الموقع ضمن (8) اتفاقيات في (27) سبتمبر الماضي بأديس أبابا..!!
{ والغريب أن الصور التي حصلت عليها (المجهر) للوزيرين في بهو فندق (كورال) الخرطوم، يظهر فيها الفريق “عبد الرحيم” وهو يضحك مداعباً صاحب الوجه (المتجهم) الوزير “كونق”!!
{ صراحة.. لا أعرف لماذا كان وزيرنا يضحك، بينما الموقف مؤسف.. ومحزن.. والمشهد ظلامي ومأساوي!! فكلما فشلت اجتماعات اللجنة الأمنية وتعثر عملها، ساءت أوضاع الاقتصاد في بلادنا، وارتفعت أسعار (النقد الأجنبي) مقابل الجنيه السوداني، بل وشح في خزينة بنك السودان، وبالتالي في خزائن البنوك التجارية!!
{ فشلوا في “الخرطوم” لكنهم اتفقوا على السفر مجدداً في (رحلة) جديدة، لا أعرف رقمها في عداد رحلات وفد المفاوضات السوداني إلى “أديس أبابا”!!
{ لماذا يسافرون إلى “أديس”؟ ولماذا هم في (حاجة) دائمة ومستمرة إلى الوسيط (المتآمر) “ثابو أمبيكي”؟! أل تتعلم حكومتنا من الدروس؟ ألا تستفيد من درس (خريطة 14 ميل)، ودرس (مقترح أبيي) الكارثي الذي أدخلهم في (مأزق) لا يعرفون حتى الآن كيف يخرجون منه.. أو بالأحرى كيف تخرج منه بلادنا؟!
{ سيدي الفريق “عبد الرحيم محمد حسين”.. هذه الاجتماعات ليست (للمداعبات) و(الملاطفات)، بل لحسم قضايا (مصيرية) يتوقف عليها مصير الدولة، ومعيشة الشعب.
– 2 –
{ زيارة الدكتور “نافع علي نافع” مساعد رئيس الجمهورية إلى روسيا مؤخراً، هي خطوة دبلوماسية وسياسية مهمة في الاتجاه الصحيح، رغم أنها تأخرت سنوات، أضاعتها الحكومة في سراب تطبيع العلاقات مع أمريكا!!
{ غير أن تصريحات دكتور “نافع” عقب عودته من “موسكو” لم تجعلني مطمئناً إلى أن الوفد حقق مكاسب سياسية ودبلوماسية (محددة) في ما يتعلق بملف قضية (أبيي)، فالخلاصة أن روسيا تؤمن بإتاحة الفرصة والزمن الكافي للطرفين – السودان والجنوب – لحسم المشكلة، وهذا لا يكفي، لأن الزمن لم يحسم شيئاً طيلة السنوات (السبع) الماضية، منذ التوقيع على اتفاقية (نيفاشا) في يناير من العام 2005!!
{ “موسكو” ترى أن الحل يكمن في (التقسيم الجغرافي) لمنطقة (أبيي) – طبقاً لتصريحات المبعوث الروسي – وفي رأيي أنه (لا) حل إلاّ عبر (التقسيم) ولا شيء غير التقسيم، اياً كان، فالاستفتاء يعني – بلا أدنى شك – خروج المسيرية من المنطقة، أو موافقتهم على أن يتبعوا لدولة (جنوب السودان)!! والغريب بل العجيب أن السيد “الخير الفهيم” رئيس اللجنة الإشرافية من قبل الحكومة على المنطقة، قد ذكر في ثنايا حوار صحفي قبل أيام أن (المسرية) يمكنهم أن يدعموا ترشيح “دينق ألور” لرئاسة جمهورية السودان في حالة تبعية “أبيي” للسودان، على أن يدعم (الدينكا) ترشيح (مسيري) لرئاسة (دولة الجنوب) في حالة تبعية (أبيي) للجنوب!!
{ هل يمكن أن يفكر “الخير الفهيم” أو أي (مسيري) آخر، في آخر خلية من عقله (الباطن)، وبأي صورة من الصور، بإمكانية تعايش (المسيرية) مع (الدينكا) في (دولة الجنوب)؟!!
{ إذا كان بالإمكان تحقيق ما (تخيله) “الخير الفهيم” ولو بنسبة (واحد) من (ألف) في (المية)، فهذا يعني أننا نحرث في البحر، ونهدر طاقاتنا وأوقاتنا وثرواتنا في (الفارغة) و(المقدودة)!!
{ يجب أن يكون (مقترح) الحكومة للوسيط (الروسي) واضحاً ومحدداً ودقيقاً، وليس (كلاماً) مطاطياً وآراء فضفاضة.
{ كان الأجدى أن يحدد وفد دكتور “نافع” للقيادة (الروسية) أن حكومة السودان توافق على المقترح (الروسي) بالتقسيم مقابل مقترح (أمبيكي)، لا أن ترفض مقترح الأخير دون تقديم بديل واضح ومحدد، على أن تترك بقية الترتيبات في مجلس الأمن لروسيا، فهي كفيلة بإجراء اللازم، وإسقاط مقترح الرئيس أمبيكي (الملغوم).
{ هذا أو (الاستفتاء) الذي سيخسره – لا محالة – (المسيرية) و(السودان)، لأنه – وفق المقترح – لن يُسمح لغالبيتهم بالتصويت، كما أن تعديل (تاريخ) الاستفتاء من (أكتوبر) إلى أي (شهر) آخر، لن يغير كثيراً في النتيجة المتوقعة، والحتمية.