استسلم الوزير وترك الأكياس تطير!!
واحدة من مشكلات الكثير من المسؤولين الذين يتعاقبون على المواقع أن الواحد منهم يركب رأسو ويتبنى قراراً ما بزعم انه إنجاز كبير في سجلاته وسيجد الترحيب والإشادة من المواطن البسيط، ولكن لسوء الأسف يفعل ذلك دون أن يستصحب استحقاقات مقترحه أو قراره، فتأخذ الرياح ما خطط له ويصبح هباءً منثوراً، وأشرت إلى هذا وبين يدي من الأمثلة القرارات المثيرة للجدل وهي كثيرة ليس أولها حرمان (ستات) الشاي من العمل في الشارع العام، ولكنني هنا أشير إلى قرار أهم من هذا وهو حظر استخدام (الأكياس) بولاية الخرطوم، الصادر من المجلس الأعلى للبيئة وبعد إجازته من قبل المجلس التشريعي، سعادة الوزير “حسن إسماعيل” أصر بطريقة محيرة على تنزيل القرار دون أن يضع في حسبانه متطلبات نجاح قراره من وضع معالجات أو بدائل، الوزير تحدث عن أكياس بديلة ذات سمك رفيع، فرغم أن الكيس هو كيس، ولكن على أرض الواقع تغيب هذه الأكياس وتنتشر الأكياس التي حظرها بكثافة، أما أكياس الورقة التي تحدث عنها فيبدو أنها مجرد اقتراحات لا وجود لها على أرض الواقع.
لاحظت العودة القوية للأكياس بما يعني أن القرار عملياً- أي قرار الحظر- أصبح مجرد حبر على ورق، والسبب في ذلك هو حالة الإصرار للسيد الوزير على تنفيذ القرار دون أن تقابله تدابير على أرض الواقع، فإذا كان السوق خالياً من مواصفات الأكياس التي تحدث عنها الوزير إلا ما ندر ، فإنه ليس من خيار إلا أن تعود حليمة لقديمها ، بمعنى أن يستخدم الناس الأكياس القديمة كأن لم يحدث شيء، أما الشيء الآخر والذي كان واحداً من أسباب تعثر تنفيذ القرار هو عدم وجود آليات للمتابعة والمراقبة، فمن يحاسب ذلك التاجر الذي يخالف، وهل يكفي موظفو الهيئة لكي ينتشروا في المدن والأحياء وأطراف العاصمة لحماية هذا القرار، الشيء الثالث والأخير هو غياب عنصر التثقيف والتوعية بمخاطر استخدام الأكياس، وأن مجلس البيئة كرس جزءاً من وقته وقليلاً من ماله لصالح التثقيف لمعرفة المواطن حجم المخاطر، وأصبح هو الحامي للقرار لا موظف المجلس أو المحلية، لكن واقع الحال يتحدث عن نفسه والشارع السوداني يسمع بالقرار ولكن لم تصادف الكثير من المواطنين عملية محاسبة لمتجاوز القانون.
يبدو أن الوزير قد استسلم للقرار وترك الأكياس تطير حيث ما تشاء وإلا لما عاد المحظور على أرض الواقع بقوة.. والله المستعان.