نوبة نوبة!
على ذمة النائب البرلماني ورئيس لجنة الثقافة “عفاف تاور كافي” وافق الرئيس “عمر البشير” على قيام الحوار (النوبي النوبي) بالداخل لحل قضية الحرب بجنوب كردفان بين مكونات الولاية، وأشارت “عفاف تاور كافي” وهي تتحدث من داخل البرلمان الذي كان يعقب على خطاب الرئيس إلى أن المتمردين من أبناء النوبة وافقوا على قيام الملتقى ووصفت “عفاف تاور” الحوار بأنه حوار لأصحاب المصلحة!
من حيث المبدأ تمثل موافقة الرئيس على عقد الحوار (النوبي النوبي) خطوة إيجابية تمد جسور التلاقي بين القيادة العليا في الدولة ومجموعة سكانية تنظر لنفسها بأن لها قضية ينبغي معالجتها.. مع أن الرئيس لا يملك حق الرفض للقاء أي سودانيين أخذوا على عاتقهم حوار أنفسهم بشأن قضية ما.. ولكن الحديث عن حوار (نوبي نوبي) يعيد للأذهان تجارب فاشلة ونتائجها مريرة عرفت بمؤتمرات (الحوار الجنوبي الجنوبي) أو مؤتمرات ما عُرف في فترة ما من تاريخ البلاد بمؤتمر الأغلبية الصامتة.. وقد حصد الشعب السوداني في آخر الشوط ثمرة مرة ذهبت بالجنوب المنفصل كدولة.
{ هل الحرب التي نشبت في جنوب كردفان هي حرب النوبة أم حرب الحركة الشعبية، وهل حينما ينعقد الحوار (النوبي النوبي) سيجري عمليات فرز واسعة النطاق في صفوف الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وينعقد مؤتمر الحوار النوبي ويحظر على منسوبي الحركة الشعبية من المسيرية والحوازمة والكواهلة والبديرية والبرقو وفلاتة مجرد الاقتراب من مكان المؤتمر ويخلع بروفيسور “خميس كجو كندة” عباءة البروف والوزير والأستاذ الجامعي ويذهب لمؤتمر السيدة “عفاف تاور” كنوباوي فقط!!
وهناك أشخاص نصفهم من النوبة والنصف الآخر من قبائل أخرى يتم حرمانهم من هذا المؤتمر بتغليب انتماء على آخر.. أنا مثلاً الذي تزين صورتي مساحتي اليومية تمتد جذوري إلى عدد من القبائل جدتي لأبي دنقلاوية من القولد وجدتي لأمي والدتها بناوية من كيقا ووالدها من الرواوقة وتمتد جذوري للكواهلة والبرقو، فهل أملك حق حضور مثل هذا المؤتمر (النوبي النوبي)؟!
{ حدثني الأخ “عبد العزيز آدم الحلو” قائد التمرد الحالي في حوار توثيقي لم ينشر حتى اليوم بأنه من قبيلة المساليت أماً عن أب، وحينما قرر الانضمام لتنظيم (الكملو) وهو تنظيم سري في عهد مايو خاص بأبناء النوبة رفض طلبه لثلاث مرات، ولكن في المرة الرابعة قدم المرحوم “يوسف كوة” مرافعة أقنعت المؤتمرين بقبول عضوية “الحلو ودفوعات “يوسف كوة” تمثلت في أن الطالب “عبد العزيز الحلو” من مواليد جبال النوبة واختار بمحض إرادته الدفاع عن قضية المنطقة وأنه لا يحمل جينات عربية ولذلك ينبغي قبوله!
{ إذا افترضنا تقدمت مجموعة من نواب البرلمان من قبائل البقارة بطلب للرئيس لعقد ملتقى للحوار (العربي العربي) هل من حق الرئيس رفض الطلب أو الموافقة عليه؟ وهل انعقاد ملتقى للحوار (النوبي النوبي) يفتح الباب لمؤتمرات أخرى للحوار (الشايقي الشايقي) والحوار (المسلاتي المسلاتي) و(الجعلي الجعلي)؟ أم أن الحوار الذي وافقت عليه الدولة في أعلى سلطتها حصرياً على النوبة كامتياز اقتضته ظروف بعينها؟
{ تجدني مع أي خيار يتراضى عليه أغلب الناس وإذا كان مثل هذا الملتقى يحقق السلام ويؤدي لوقف الحرب فليعقد الملتقى اليوم قبل الغد في الداخل أو في الخارج.. وحتى الولاية المسماة بجنوب كردفان إذا كان تغيير اسمها يؤدي لوقف الحرب فلتُسمَّ جبال النوبة ولكن أن لا يصبح الاسم مدعاة لهضم حقوق ومنح امتياز لآخرين و(كلنا نوبة!!).